د. عصام بطران يكتب : مرحبا بعودة الشراكة الاستراتيجية مع تركيا
الخرطوم تسامح نيوز
– العلاقات الدولية تسودها انواع متعددة من العلاقات البينية الثنائية وتتشابك فيها المفاهيم حسب درجة العلاقة بين الدولتين ولكن اللفظ السائد في فضاءات الاعلام والاكثر استخداما هو لفظ الدول “الشقيقة والصديقة” وطالما تم الزج بهاتين العبارتين وجدت علاقة “حسية معنوية” او مجموعة من “المصالح المشتركة” ف”الاشقاء” و”الاصدقاء” في العلاقات الدولية مصطلحين متلازمين ولكن نجد لفظ “الشقيق” هو مايربط بين الدولتين من عوامل الدين واللغة ويجمع بينهما الاقليم والجوار ويربطهما المصير المشترك وهو الاكثر قربا من لفظ “الصديق” والذي في الغالب مايجمع بين الدولتين من المصالح المشتركة سواء كانت اقتصادية او سياسية او عسكرية ..
– العلاقة بين السودان وتركيا وصلت مرحلة متقدمة من تصنيف النوع في العلاقات الدولية وهي “الشراكة الاستراتيجية” التي تمثل نوعا جديدا في العلاقات بين الدول تعكس درجة عالية من التفاهم السياسي وتطابق وجهات النظر تجاه القضايا الدولية والاقليمية .. و”الشراكة الاستراتيجية” مرحلة اقل درجة من “الحليف” ولكنها اكبر من “الصديق” كما هي ليست بصيغة قانونية بقدر ما هي مؤشر سياسي على درجة عالية من الامتياز ..
– يعتبر مفهوم “الشراكة الاستراتيجية” مفهوما حديثا حيث تم اعتماد هذا المصطلح لاول مرة بواسطة الامم المتحدة للتجارة والتنمية ويشير المصطلح الى ان هناك نظام يجمع بين المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين بالتراضي ..
– تعد “الشراكة الإستراتيجية” نوع من انواع التعاون الاكثر رسوخا في مجال العلاقات الدولية بحيث تنظر في امكانية التعاون بين الدولتين بصورة “تكاملية” ويمكن ان تعقدا اتفاقيات غير محدودة فيما بينهما في المجالات الاقتصادية بعيدا عن التعقيدات الاجرائية او غيرها بما يفيد الجانبين دون الدخول في شراكة قانونية ملزمة ..
– السودان وتركيا قررا ان تسود العلاقة السياسية بينهما على نهج “الشراكة الإستراتيجية” وبهذا المفهوم يمكن ان تتطور العلاقة الى الدرجة الاعلى في النموذج الدولي “التحالف الإستراتيجي” دون ان يكون هناك اندماج بين المؤسسات والشركات ..
– منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في تركيا عام ٢٠٠٢م شهدت العلاقات التركية السودان تحسنا ملحوظا حيث تضاعفت الاستثمارات التركية بالسودان الى ملياري دولار وقد اعلن نائب رئيس الوزراء التركي في عهد الرئيس البشير “جاويش اوغلو” ان “انقرا” و”الخرطوم” تعتزمان رفع حجم التبادل التجاري بينهما من ٤٠٠ مليون دولار الى مليار دولار مشيرا الى ان حجم التبادل التجاري الحالي لا يعكس امكاناتهما الاقتصادية الحقيقية ..
– الاهم من “الشراكة الاستراتيجية” نفسها هو طريقة ادارة تلك الشراكة فالقيادة السياسية بين البلدين تجاوزت نمط اللجان “الوزارية المشتركة” وتعدت ذلك الى مجلس يرعى تلك “الشراكة الاستراتيجية” من قيادتي البلدين وهي درجة متقدمة عن نظام “اللجان المشتركة” التي تعني بمهمة او مهام تدخل في اختصاص اكثر من وزارة او جهاز حكومي بين البلدين ويشترك في عضويتها ممثلون عن هذه الوزارات او الاجهزة ويتفرع منها اللجان المتخصصة وهي التي يناط بها مهمة او مهام فنية تدخل في اختصاص وزارة واحدة او جهاز حكومي واحد حتى لو اشترك في عضويتها ممثلون عن جهات اخرى مع ممثلي هذه الوزارة او الجهاز وتلك الطريقة من ادارة “الشراكة الاستراتيجية” طريقة عقيمة لاتمكن السودان وتركيا من الانطلاق الى رحاب “الحلف الاستراتيجي” وقد تم تجاوزها بمجلس اعلى من قيادتي البلدين لادارة تلك الشراكة الاستراتيجية الناشئة ..
– بسبب التقاطعات السياسية في الفترة الانتقالية فقد سخرت قوى الحرية والتغيير كل امكانياتها لمحاربة التعاون المشترك بين السودان واهم شريكين استراتيجيين للسودان الا وهنا دولتا قطر وتركيا ليس لشيئ غير اتهامهما بدعم حكومة البشير في فترة من الفترات بل وصل الامر الى (مداقرة) الاستثمارات التركية والقطرية في السودان مما انعكس على احجام المستثمرين من استمرار العلاقات الاقتصادية الناجحة بين البلدين والحكومة الانتقالية ..
– زيارة رئيس مجلس السيادة الى قطر وتركيا مؤخرا ردت الروح الى جسد العلاقات الاقتصادية واستمرار نهج الشراكة الاستراتيجية لمصلحة السودان وشركاءه الدوليين والاقليميين .. دفع تلك العلاقات واستراد الثقة للتعاون الاقتصادي مع تركيا سيجعل السودان اما مرحلة جديدة من الانفتاح في اعادة اعمار مادمرته الحرب بعيدا عن التجاذبات والتقاطعات السياسية ..