مرت بالأمس ذكرى تفجير تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، لبرجي مركز التجارة الدولي في مدينة نيويورك الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وهو الحدث الذي غير الكثير في خريطة العالم وتعاملاته السياسية والإقتصادية والعسكرية. ومنذ الساعات الأولى للتفجير، اتهمت الولايات المتحدة الأميركية تنظيم القاعدة بالتخطيط والتنفيذ لذلك العمل الإرهابي، انطلاقاً من مركزها في أفغانستان، والذي انتقل إليه زعيمها أسامة بن لادن من العاصمة السودانية الخرطوم في العام 1996. لتبدأ بعدها أطول رحلة عذاب عاشها الشعب السوداني لعقود طويلة.
وإستغلت أمريكا وجود أسامة بن لادن في فترة من الفترات في السودان لتمارس أقصى أنواع التشفي في السودان وشعبه ففرضت عليه حصاراً إقتصادياً منعت عبره الكساء والدواء والغذاء فعاش السودان في عزلة لم تنقذه منها إلا روسيا والصين اللتان كسرتا الحصار وقدموا بمعاونة بعض الدول الأخرى مساعدات مهمة كانت بمثابة الشريان الذي ضخ الدماء في جسد منهك.
لم تكتف أمريكا بالحصار بل واصلت في إتهام السودان والزج بإسمه في كثير من العمليات الإرهابية التي هو برئ منها. مثل تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في العام 1998 وتفجير البارجة يو اس كول في شواطئ اليمن في العام 2001. ورغم توصل السودان العام الماضي، إلى اتفاق مع الإدارة الاميركية لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل دفع تعويضات بقيمة 335 مليون دولار لضحايا تفجيرات السفارات والبارجة الأميركية، إلا ان مطالب أسر ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر ظلت لفترة طويلة تشكل عقبة كبيرة أمام شطب السودان من القائمة، قبل أن يحل الأمر نهائيا أواخر العام الماضي.
اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على الإطاحة بنظام البشير، لا يزال السودان يعيش أوضاعاً اقتصادية بالغة التعقيد، بسبب 27 عاما من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضتها عليه أمريكا. ورغم الوجه الناعم الذي تظهره واشنطن الآن في سياساتها تجاه السودان إلا أن النوايا المبيتة لا تزال حاضرة فهي تريده حديقة خلفية تؤوي فيها اللاجئين الأفغان وتريده بقرة حلوب تروي ظمأ مطامعها في نهب الثروات وتنفيذ مخططات التآمر والسيطرة على أفريقيا عبر بوابة كبيرة إسمها السودان. لذلك تستمر في سياسة الإذلال والإتهامات والتذكير بملفات الإرهاب والتفجيرات ليستمر معه ملف التنازلات من بعض الكيانات المؤيدة لأمريكا داخل الحكومة ويهدر الوطن طاقاته في الهرولة وراء سراب الوعود بعودة السودان للمجتمع الدولي وتعهدات المانحين بالدعم الذي لم يأت بعد.