تقارير

تسامح نيوز تفتح الملف الخطير.. صادر الذهب إلى الإمارات، من يلعب بالنار؟

متابعات -تسامح نيوز

تسامح نيوز تفتح الملف الخطير.. صادر الذهب إلى الإمارات، من يلعب بالنار؟

كواليس خطيرة لتصدير الذهب إلى الإمارات..تعرف عليها

خبير : إستمرار تصدير الذهب الى الامارات يشكل خطورة على البلاد

رجل أعمال : لابد من فتح أسواق جديدة للذهب

مصادر: ٨٠ % من ذهب السودان يتم تصديره إلى دبي

تقرير – رحاب عبدالله

بعد قرار الحكومة السودانية بقطع العلاقات مع دويلة الامارات ، ظهرت في الاوساط أصوات تسأل عن مصير تصدير الذهب لجهة ان أكثر من 80% من ذهب السودان يتم تصديره إلى دبي.

“تسامح نيوز” تقف على أسباب استمرار تصدير الذهب للإمارات خاصة بعد قطع العلاقات، ولماذا لا يتم فتح أسواق أخرى لتصدير الذهب ،وتحاول “تسامح نيوز” كشف الأسباب الحقيقية ومعرفة حقيقة أن كانت جهات معطلة للأمر وما هي المشكلات التي تواجهها الشركات في التصدير لأي جهة أخرى غير الإمارات .

تسامح نيوز تفتح الملف الخطير.. صادر الذهب إلى الإمارات، من يلعب بالنار؟

كما ان السؤال الذي يفرض نفسه هل يقود تصدير المعدن النفيس (الذهب ) السودان إلى كارثة اقتصادية في ظل التصدير لسوق واحد فقط دون وضع اعتبار للاسواق الاخرى الفورية؟!

*اصلاحات داخلية*

وفي ذلك نصح الخبير في مجال المعادن الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات الفطيم

عضو اتحاد شركات التعدين ،الرئيس التنفيذي لنادي رجال وسيدات الأعمال محمد يحيى عثمان ،الدولة بعمل اصلاحات داخلية على مستوى تنظيم سوق بيع وشراء الذهب وتبني سياسات خارجية واقتصادية جيدة مع الدول المختلفة والجهات الرسمية التي لها علاقات جيدة من السودان والتي يتعامل معها المصدرين السودانين او في طور الدخول فيها عبر القطاع الخاص السوداني وذلك حتى تستطيع التخفيف من خروج عوائد الصادرات خارج الاطار الرسمي والخروج من ضغط بيع الذهب الى دولة واحدة فقط (الامارات) .

واكد في حديثه ل(تسامح نيوز) ان ذلك يتم عبر عدة طرق تتمثل في فتح اسواق جديدة لصادر الذهب والمنتجات الزراعية الحيوانية والبحث عن اسواق بديلة لبورصة دبي للذهب لافتا الى انها هي بورصة مشتقات وليست مسؤولة عن تداول وتجارة الذهب الفعلي والآني.

بل هنالك اكثر من سوق يدعم وينظم بيع وشراء الذهب الفوري او مايعرف بالسوق الانية مثل بورصة لندن وتركيا وشنغهاي وسويسرا ، مضيفا انه يجب على الدولة او مؤسستها العمل على تبني افضل النماذج العالمية التي تعتمد على بورصة بيع وشراء آنيه لتجارة الذهب وسوقOTC مع إضافة الرقمنة والتقنية والربط مع البنوك التجارية والبنك المركزي.

تسامح نيوز تفتح الملف الخطير.. صادر الذهب إلى الإمارات، من يلعب بالنار؟

وشدد محمد يحيى على ان السوق غير الرسمية يجب أن تكون منظمة ومراقبة حتى تعكس النشاط الفعلي لهذا القطاع الكبير والحيوي وضرب مثال لذلك بـ(عمارة الذهب) سواء في الخرطوم او مدينة عطبرة ، حيث تعتمد المؤسسات وتجار الذهب والشركات على العملة المحلية لشراء الذهب، ثم تصديره للحصول على الدولار او العملات الصعبة،

مبينا انه أسلوب يحمل في طياته تداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني علي حسب رأي كثير من الخبراء ، وقد يبدو هذا النموذج فعالًا في تأمين العملات الحرة لاغراض الاستيراد، لكنه في الواقع يعزز أزمة التضخم، ويؤدي إلى مزيد من تراجع قيمة الجنيه السوداني، وحذر من انعكاسه بشكل كارثي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

واضاف محمد يحيى إلى انه بالنظر إلى النظريات الاقتصادية ذات الصلة التي تؤكد ان اعتماد أي دولة على مصدر واحد في التصدير وهو مفهوم يشير إلى ان الاعتماد على تصدير مورد طبيعي واحد فقط يقود إلى تراجع باقي القطاعات الاقتصادية والانتاجية. مبينا انه في حالة السودان، فإن تدفق العائدات من الذهب يرفع الطلب على الجنيه السوداني لشراء المعدن محليًا،

لكنه لا يقابل بزيادة مماثلة في الإنتاجية أو الصادرات غير المعدنية، ما يؤدي إلى تضخم مفرط وانخفاض قيمة العملة بصورة مستمرة، كما ان استمرار قيمة الجنيه السوداني في التراجع الحاد مقابل الدولار،مشيرا الى انه من جانب آخر، توضح التقارير أن ارتفاع إنتاج وتصدير الذهب في الاعوام 2021/2022/2023،

ما أدى إلى زيادة مساهمته في الميزان التجاري، إلا أن ذلك لم يقابله تحقيق نمو حقيقي في القطاعات الإنتاجية الأخرى، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشًا بمعدل -1.9% في 2021 و-29.4% في 2023، مما يوضح عدم قدرة الاقتصاد على التحسن رغم زيادة صادرات الذهب.

*اختلالات اقتصادية*

واوضح محمد يحيى ان تجارب دول أخرى تظهر أن الاعتماد على الذهب كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي غالبًا ما يؤدي إلى اختلالات اقتصادية، ففي فنزويلا، أدى التركيز المفرط على تصدير النفط إلى انهيار القطاعات الإنتاجية الأخرى، مما جعل الاقتصاد غير قادر على تحمل الصدمات عند انخفاض أسعار النفط.

كما واجهت جنوب أفريقيا خلال القرن العشرين مشكلات كبيرة حينما اعتمدت بشكل شبه كامل على صادرات الذهب، مما أدى إلى تقلبات حادة في سعر الصرف وأزمات تضخم متكررة.

تسامح نيوز تفتح الملف الخطير.. صادر الذهب إلى الإمارات، من يلعب بالنار؟

وتوقع محمد يحيى تفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان خلال السنوات الثلاث القادمة، إذا استمر السودان في هذا النهج، ورجح أن تظل معدلات التضخم مرتفعة بسبب زيادة الكتلة النقدية دون وجود إنتاج حقيقي يدعم الاقتصاد، وهو ما عده سيؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمة الجنيه، علاوة على ذلك، فإن استمرار الاعتماد على الذهب سيجعل الاقتصاد هشًا أمام أي انخفاض في الأسعار العالمية للذهب، مما قد يتسبب في فجوة مالية خطيرة إذا تراجعت الإيرادات فجأة.

ولتجنب هذه السيناريوهات اعلاه رأى محمد يحيى ان هناك عدد من الحلول الممكنة التي يجب تنفيذها أولًا، يمكن استخدام نسبة من نصيب الدولة في انتاج الذهب كأصل احتياطي لدعم الجنيه السوداني، على غرار ما قامت به روسيا والصين في السنوات الأخيرة،

حيث احتفظت البنوك المركزية بجزء من الذهب بدلًا من بيعه لتقليل تقلبات العملة. ثانيًا، يجب أن يتحول السودان من مجرد تصدير الذهب كمادة خام إلى إنشاء مصافي ذهب محلية لتقلل الاعتماد علي مصافي دولة الامارات وعمل مصانع لصناعة المجوهرات لكي لايتم تصدير الذهب بصورته الخام بمايحمله من معادن اخري تستفيد منها تلك الدويلة ،

مما يضيف قيمة للمنتج النهائي ويوفر فرص عمل جديدة. ثالثًا، يمكن إصدار سندات وصكوك مالية مدعومة بالذهب، مما يسمح بجذب الاستثمارات دون الحاجة إلى تصريف المعدن مباشرة وهو نموذج تبنته غانا بنجاح لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

أما على المدى البعيد،فرأى محمد يحيى انه يجب أن يتم تنويع مصادر دخل الاقتصاد السوداني عن طريق إعادة تأهيل القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة التحويلية، مما يقلل من الاعتماد على تصدير الذهب فقط. كما يمكن استثمار العائدات من الذهب في تطوير مشروعات زراعية كبيرة وصناعية تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الحاجة إلى الاستيراد خاصة المواد الغذائية المستوردة من الخارج ، مما يخفف الضغط على سعر الصرف ويحد من تدهور قيمة الجنيه السوداني.

وقطع محمد يحيى بضرورة تبني الدولة الاصلاحات في السياسات الإقتصادية والنقدية والمالية وان تضع بعين الاعتبار الحوافز والتسهيلات لتسهيل دخول المستثمرين ، والا سيواجه السودان مستقبلًا اقتصاديًا محفوفًا بالمخاطر، حيث سيظل التضخم في ارتفاع،

وسعر الصرف في انخفاض، مما سيؤدي إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. ولكن إذا تم اتخاذ خطوات جادة لإدارة الموارد عبر التفكير الجاد بالطلاق صندوق سيادي استثماري لقيادة وتنظيم موارد البلاد فقد يكون بالإمكان تحويل الذهب من مصدر للأزمات إلى وسيلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة.

*كواليس تصدير الذهب الى الإمارات*

رئيس شعبة الصاغة وتجار ومصدري الذهب بالسودان السابق عاطف احمد، اكد عدم وجود اي قرار رسمي بإيقاف تصدير الذهب الى الإمارات، عدا قرار مجلس السيادة بقطع العلاقات الحكومية بين الدولتين على خلفية ضلوع الإمارات في تمويل مليشيا الدعم السريع لخوض الحرب ضد القوات المسلحة السودانية منذ منتصف ابريل 2023.

وكشف عاطف في حديثه ل(تسامح نيوز)عن مواجهة عدد من المصدرين الذين صدروا لدول اخرى لتعقيدات في الحصول على أموالهم، ودعا الحكومة السودانية لإيجاد أسواق بديلة مع تبسيط الإجراءات .

وأشار عاطف الى ان إمارة دبي هي الوحيدة التي احتضنت صادر ذهب السودان خلال فترة الحرب وعزا ذلك لجهة أنها تضم مجلس الذهب العالمي وبالتالي تضع اجراءات مبسطة ما يسهل عملية الشراء للشركات وتحويل المبالغ المالية بصورة مباشرة دون تعقيدات.

لافتا ان الإمارات لا تركز في انها تشتري ذهب السودان فقط ولكنها تستفيد من الخدمات اللوجستية وعوائد الشركات لجهة ان سوق دبي معظمه مستثمرين .

ودعا عاطف للتأني في اتخاذ القرارات ودراستها مسبقا لكي لا يكون الضرر أكبر، منوها ان الحديث عن القرار تسبب في ارتفاع أسعار البترول المستورد من الإمارات فضلا عن ارتفاع سعر الدرهم الاماراتي، وشدد على ضرورة إيجاد البدائل أولا وأسواق مفتوحة قبل اتخاذ القرار ،مؤكدا الى انه الاز لا توجد أسواق بديلة مطروحة والاسواق الأخرى.

تستفيد من ذلك كما ان فرق الأسعار يكون كبيرا لأنها تحمل التاجر السوداني تكاليف بعض الأشياء حتى يتم تحويل الأموال واردف”اي كأنما كان وقت الحظر والعمل عبر الوسطاء” ، وتابع “لذلك نقول مفروض ان يبقى أمر الذهب كما هو الى ان يتم ترتيب الأمر خاصة ان البلد في حرب ونحن في حوجة للنقد الاجنبي.

*الذهب رصيد استراتيجي مهدور*

وأكد خبير اقتصادي ل(تسامح نيوز) أن السياسات الحالية لإدارة قطاع الذهب في السودان، وعلى رأسها سياسات بنك السودان الخاصة بالتصدير وخروجه من شراء ذهب التعدين التقليدي، لم تسهم في بناء منظومة فعالة لحماية هذا المورد الحيوي، وقال “بل ساهمت في توسع التهريب وغياب الشفافية وضعف العائدات الرسمية”.

وأوضح أن المشكلة الجوهرية لا تكمن في ندرة الأسواق الخارجية أو في قلة الطلب على الذهب السوداني، بل في غياب رؤية استراتيجية واضحة لإدارته كأصل اقتصادي طويل الأمد، وعدم توفر آليات تنفيذ محكمة تعكس جدية الدولة في الاستفادة من الذهب كمورد قومي.

وأشار الخبير إلى أن السودان يجب أن يتوقف عن التعامل مع الذهب بوصفه سلعة للتفريغ النقدي، وأن يوظف بدلا عن ذلك كضمان للحصول على تمويل ميسر، أو كأساس لتطوير أدوات مالية محلية وعالمية مرتبطة بالذهب، على غرار ما قامت به تركيا عام 2017 حين جمعت أكثر من 7 أطنان من الذهب من المواطنين وأدخلته النظام المصرفي عبر شهادات وسندات مغطاة بالذهب، مما وفر للدولة سيولة دون اللجوء إلى السوق الدولية.

وأضاف أن البيع المباشر للذهب يجب أن يكون آخر الحلول، لا أولها، خاصة وأن الذهب مورد ناضب يمثل احتياطيا استراتيجيا للأجيال القادمة، وشدد على أهمية التفكير في بناء احتياطي فعلي من الذهب خصوصا أن السودان يعد الثالث أفريقيا من حيث الانتاج، بالإضافة لربطه بأدوات اقتصادية تدعم الاستقرار النقدي.

وفيما يتعلق بالتصدير عبر الإمارات، أوضح أن أغلب الكميات المصدرة حاليا تعود للقطاع الخاص، وأن دبي ما تزال وجهة مفضلة لبعض المصدرين بسبب الإجراءات المبسطة، لكنها في ذات الوقت تكرس لفقدان العائد الوطني، ما لم تبادر الدولة إلى تطوير سوق داخلي منظم بمصفاة معتمدة ونظام تسعير مجز، يشجع المنتجين والتجار على البيع محليا للدولة.

كما بين أن هذا النموذج المحلي من شأنه أن يعزز الرقابة على حركة الذهب، ويضمن استرداد حصائل الصادر، ويعيد الدولة إلى موقعها كمستفيد فعلي من الإنتاج، بدلا من أن تبقى على الهامش.

وأشار إلى أن التعدين التقليدي يشكل ما يفوق 80% من إنتاج الذهب، لكنه لا يزال عشوائيا ويفتقر إلى الرقابة، ويعاني من تضارب المصالح داخل الجهات المشرفة، بالإضافة إلى الممارسات الضارة بالبيئة، ما يحوله إلى أحد أبرز التحديات وايضا كمصدر للفاقد الاقتصادي في البلاد.

وتابع “بالتأكيد على أن السودان لا يعاني من نقص في الذهب، ولا في الأسواق، ولا في الشركاء المحتملين – مثل تركيا وروسيا إلى الصين وقطر والسعودية – بل يعاني من غياب الإرادة السياسية والعمل الجاد لوضع حد للفوضى وبناء منظومة وطنية تدير المورد بشكل شفاف يخدم الاقتصاد الكلي ويعزز الاستقرار النقدي والمالي في البلاد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى