المقالات

هل انتهك الجيش اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واستخدم الأسلحة المحرمة؟

متابعات | تسامح نيوز

هل انتهك الجيش اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واستخدم الأسلحة المحرمة؟

السفير محمد الحسن ابراهيم

منذ ان أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها بصدد تطبيق عقوبات اقتصادية على السودان بحجة استخدامه أسلحة كيميائية في حربه ضدّ المليشيا المتمردة، انتشرت الأخبار والتحليلات والمقالات التي تحدثت عن قيام القوات المسلحة باستخدام الأسلحة الكيميائية وكانها مسالة مسلمة ومؤكدة ولا سبيل لنفسها او التحقق منها.

هل انتهك الجيش اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واستخدم الأسلحة المحرمة؟

ابتدرت الأجهزة الاعلامية الموالية لمليشيا التمرد وتلك الاخري المتعاطفة معها كما نشرت الوسائط الإعلامية عددا من المقالات ذهبت إلى جانب الادعاءات الأمريكية بل تطوع بعض كتاب المقالات الي مجاراة التمرد في تناوله للمسالة وتبنت مواقفه في تحديد أماكن ومواقع وتواريخ استخدمت فيها تلك الأسلحة.

هل انتهك الجيش اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واستخدم الأسلحة المحرمة؟

وهذا أمر فيه من الغرابة ما فيه اذ تفوقت بعض الأقلام علي مانشرته صحيفة الواشنطن بوست صاحبة المقال الذي استندت اليه الادارة الأمريكية في توجيه اتهاماتها فقد امتنعت الصحيفة عن ذكر مكان او زمان الاستخدام المزعوم وقالت الخارجية الأمريكية ان زمان الاستخدام كان في وقت ما من العام الماضي وفي مكان غير معلوم.

ولمتاقشة هذه ا الادعاءات والمقالات المنشورة والفديوهات المصاحبة لبعضها سنتطرق في هذا المقال إلى تبيان ماهي الأسلحة الكيميائية وكيف تم استخدامها في العالم مما دعا إلى حوارات طويلة افضت الي اتفاقية دولية لمكافحة انتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدمير مخزوناتها وقد عرفت باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام ١٩٩٣ ونشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية واتخذت من لاهاي عاصمة هولندا الإدارية مقراً لها.

ما هي الأسلحة الكيميائية:

1. حددت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تعريف هذه المواد في فقرتين بينت من خلالهما المقصود بالأسلحة الكيميائية المحظورة بموجب الاتفاقية وذلك لان المواد الكيميائية ضرورة لابد منها في كافة الصناعات الكيميائية الغذائية منها والدوائية والطبية والعلاجية لذلك قصرت التعريف علي المحظور وهو موضوع الاتهام الأمريكي

1-        يقصد بمصطلح “الأسلحة الكيميائية” ما يلي، مجتمعا أو منفـردا:

(أ)        المواد الكيميائية السامة وسلائفها، فيما عدا المواد المعدة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتفاقية ما دامت الأنواع والكميات متفقة مع هذه الأغراض؛

(ب)      الذخائر والنبائط المصممة خصيصا لإحداث الوفاة أو غيرها من الأضرار عن طريق ما ينبعث نتيجة استخدام مثل هذه الذخائر والنبائط من الخواص السامة للمواد الكيميائية السامة المحددة في الفقرة الفرعية (أ)؛

(ج)      أي معدات مصممة خصيصا لاستعمال يتعلق مباشرة باستخدام مثل هذه الذخائر والنبائط المحددة في الفقرة الفرعية

من هذه التعريفات يتضح جليا ان المصطلح المقصود يختلف عن ما أورده كتاب المقالات والعرضحالات الذين يدعمون فرضية استخدام القوات المسلحة لأسلحة كيميائية

السودان كان ضحية لفرية انتاج الأسلحة الكيميائية وكما هو اليوم يساهم بشكل مباشر في تاكيد الاتهام سياسيون وكتاب رأي منحازون لمليشيا ال دقلوا فان الفرية الاولي نسجها سياسي في وزن كبير كان يباهي بها في الفضائيات ولم يخجل منها ولا يعدها خيانة وطنية او اضرارا بالبلد وقد تعرضت لقصف صاروخي في اغسطس من العام ١٩٩٨ دمر مصنع الشفاء للأدوية الطبية والبيطرية وتقلصت معه إنتاجية الأدوية في السودان الي مادون ٣٠٪؜ بعد ان كان يغطي احتياجات البلاد من الأدوية البيطرية والأدوية الطبية ويصدر منها الي أفريقيا خاصة أدوية الأمراض المدارية كالملاريا.

وما كان بالأمس يتكرر المشهد اليوم نجد ان عددا من السياسيين والناشطين رحب بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد وتباري في تاكيد الفرية الجديدة بعض أصحاب المقالات اكتفي بذكر اسماً مستعارا وبعضهم يتيه في خيلاء ويورد اسمه وصورته الي جانب المقال فلا تواري خجلا من وشي بمصنع الشفاء بالأمس ولا من يريد ان يلحق بسوق خنق اقتصاد البلاد اليوم

من يملك التاكيد علي استخدام أسلحة كيميائية:

نشرت صحيفة النيويورك تايمز في ١٦ يناير ٢٠٢٥ مقالا كتبه الصحفيان ديكلان وولش و جوليان بارنز أوردا فيه ان القوات المسلحة السودانية استخدمت اسلحة كيميائية في حربها ضد قوات الدعم السريع ونسبا الأمر لموظفين في الادارة الامريكية ولم يحدّدا الزمن الذي استخدمت فيه الأسلحة بل ذكرا انها تمت في وقت ما من العام ٢٠٢٤ وعن المكان ايضا لم يتم تحديده فقد ذكرا انها تمت في منطقة نائية استهدفت قادة في حركة التمرد ومرة اخري في أنحاء العاصمة الخرطوم

حدد المصدر الرسمي الذي حجب اسمه بان نوع المواد المستخدمة هي غاز الكلورين ووصفه بانه يحدث تلفا في اجهزة التنفس عند إطلاقه في منطقة محصورة ويقود الي الاختناق وتلف الأنسجة

وعند النظر الي هذا الادعاء نجد انه يتناقض تماما مع الطبيعة الكيميائية لغاز الكلورين فقد تم تحديد خصائص الكلورين ووصف بانه( غاز اصفر مخضر له رائحة مميزة تشبه رائحة المادة المبيضة وهو اثقل في الهوآء بثلاث اضعاف تقريبا بالتالي فهو يتجمع في المنطقة المنخفضة وهو غير قابل للانفجار الا انه يعزز الانفجار لمواد اخري ويترك اثرا في اليدين ويخلف حكة )..فكيف يقول المصدر انه تم إطلاقه في منطقة نائية وفي ذات الوقت ان الغرض هو ان يقع ضحايا في الخلاء فكيف يتفاعل في أجواءً الخلاء المفتوحة وفي نفس الوقت هو غاز يستخدم في المناطق المغلقة. فلا يعقل ان يكون له تاثير في المناطق النائية في السودان

اما الاستخدام للمرة الثانية فقد اشار المصدر الي انها في العاصمة الخرطوم ولم يحدد نطاقا للمكان ولا زمانا تقريبا ولا حتي متأثرين به.

هذا عن الصحفيان اما بيان وزارة الخارجية فقد اشار الي ذات الوقائع المذكورة في الصحيفة واضاف اليها ان السودان لم يمتثل لما تلزمه به اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

وبالنظر لهذه الفرية كذلك نجد ان الإبهام في الحيز المكاني ولا النطاق الزماني تم تحديدهما اما عن عدم امتثال السودان لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والذي هو طرف فيها.

وكما اشار بيان الناطق الرسمي لوزارة خارجيتنا بأن الولايات المتحدة تجنبت اخطار المنظمة الدولية بهذا الإدعاء وكان عليها ان تحيطها به ان رأت ان السودان لم يمتثل للاتفاقية. ومرة اخري نجد ان الادعاء لا يقوم علي ساق.

هذا من شأن اميركا ماذا عن سياسينا وكتاب المقالات. ودون ذكر للأسماء او اشارة حتي لا نضجر القارئ.

تقريبا كل الذين حاولوا التاكيد علي استخدام هذا النوع من الأسلحة كانوا عالة علي الرواية الأمريكية الناقصة والغامضة وزاد بعضهم تصوير مقاطع فديو لطرف من معركة أو ضحايا نشاط القوات المسلحة.

وفي هذه الصور لم يتذكروا ان للغاز خصائص معينة تحصره في اثره علي الناس القريبين منه وعلي الذين يطلقونه اما علي الناس فقد جاء اصحاب الادعاء بجثث محروقة وقالوا هذا هو اثر الاستخدام ولكن في لحظة الحريق يتحرك جنود من المليشيا ومدنيين كانوا قريبا من ذلك ولم تظهر عليهم أي أعراض أو مضاعفات تبين ان غازا ساما قد استخدم في تلك الحالة

اما صورة البرميل غير المنفجر والناس تتجول حوله وتلمسه فلا يصلح دليلا إلا علي براءة القوات المسلحة من الفرية وذلك لسلامة الجسم ولتعامل الناس معه بعفوية شديدة وعدم الخوف منه مما يدلل علي انه كان غير سام ولا يحوي غازا ساما. اما الصورة الثالثة والأكثر تداولا فهي لشباب يطلقون الرصاص من فتحة في غرفة ويلبس احدهم واقي يشبه تلك التي تلبس للوقاية من الأبخرة السامة.

وفي هذه الصورة هو يطلق الرصاص من مدفع ذاتي الحركة يطلق رشقات من المدفع الرشاش مايظهر عليه الشريط في اسفل المدفع و مما ينسف فرضية استخدام عبوات او زخائر تحوي مواد سامة نصايح زملاء الشاب وهم معه في نفس المكان ويلبس بعضهم قناع تخفي مما يذكرنا بما كان يلبسه بعض الشباب ايام تتريس الشوارع وقد انتشرت تلك الصور في حينها.

تلك هي حجتهم فما أبأسهم وابأسها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى