المقالات

أحمد حسن الفادني يكتب: فلنحاسب أنفسنا قبل أن تحاسبنا أجيال المستقبل

متابعات -تسامح نيوز

أحمد حسن الفادني يكتب: فلنحاسب أنفسنا قبل أن تحاسبنا أجيال المستقبل

أحمد حسن الفادني

“لماذا ما زال السودان متقوقعاً على نفسه؟ تحليل نقدي للفرص الضائعة والآفاق الممكنة”

كلنا نعرف الموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان ولكن لاضير ان نذكر أنفسنا، حيث يعد السودان من أغنى دول العالم من حيث الموارد الطبيعية والبشرية، يمتلك تنوعا بيئيا، وموقعا جغرافيا استراتيجيا يجعله بوابة لإفريقيا الشرقية ووسطها، إضافة إلى كوادر مؤهلة أسهمت في نهضة كثير من دول الخليج ،

وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر . ومع ذلك، يبقى السؤال المؤلم: لماذا لم ينهض السودان بعد؟ ولماذا لا يزال متقوقعا على نفسه رغم كل هذه الإمكانات المهولة؟ نحاول هنا في هذا المقال ان نجاوب عليها من خلال الاتي بصورة نقد زاتي ورؤية تحليلية

أحمد حسن الفادني يكتب: فلنحاسب أنفسنا قبل أن تحاسبنا أجيال المستقبل

أولا: الموارد المتاحة التي لم تستثمر:

 

1. الموارد الطبيعية: السودان يمتلك 200 مليون فدان صالحة للزراعة، أنهار دائمة وموسمية، معادن ثمينة كاليورانيوم والذهب و الجالينا و الفوسفات وغيرها ، واحتياطيات بترولية غير مكتشفة بالكامل.

2. الموارد البشرية: الكفاءات السودانية أثبتت جدارتها في مؤسسات إقليمية ودولية، وأسهمت في بناء اقتصاديات كثير من الدول وخاصة دول الخليج العربي.

 

3. الموقع الجغرافي: يربط السودان بين الشمال الإفريقي والقرن الإفريقي، ويعتبر نقطة لوجستية محورية للتجارة في العمق الافريقي.

ثانيا: الأسباب البنيوية للتقوقع السوداني

 

1. غياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة:

لم تحظ الدولة السودانية منذ الاستقلال بخطة وطنية شاملة تعطي أولوية للتنمية، بل عاشت على ردود الأفعال والحلول المؤقتة.

2. الاضطرابات السياسية والانقلابات المتكررة:

منذ عام 1956، شهد السودان أكثر من 15 انقلابا ومحاولة انقلابية، مما أدى إلى ضعف مؤسسات الدولة وعدم استقرار السياسات الاقتصادية.

3. الفساد وسوء الإدارة:

أحمد حسن الفادني يكتب: فلنحاسب أنفسنا قبل أن تحاسبنا أجيال المستقبل

تسببت المحسوبية والفساد الإداري في الحقب المختلفة من إهدار ثروات ضخمة، وحرمت شعبها من التمتع بعائدات الموارد الطبيعية.

4. العزلة الدولية والعقوبات:

عانى السودان من عقوبات أمريكية استمرت أكثر من 20 عاما، ما أضعف الشراكات الخارجية وقلل من تدفق الاستثمارات الداخلية و الخارجية.

5. ضعف البنية التحتية والتكنولوجيا:

تراجع مستوى السكك الحديدية، والموانئ، وشبكات الكهرباء و المياه و الخدمات الاساسية ، ما جعل البلاد غير جاذبة للاستثمار الصناعي عموما الا بعض الاستثمارات الخفيفة و التي ربما تقوم على التخابر اكثر من الاستثمار .

ثالثا: لماذا نجحت دول الخليج وفشل السودان؟

دول الخليج أدركت مبكرا أهمية الشراكة مع الدول الكبرى لاسباب تعدد و اهمها حماية لها من التهديدات من دول الجوار الجيوسياسية ، فاستعانت بكفاءات أجنبية وكوادر منها كوادر سودانية، وبنت منظومات استثمارية ضخمة، وتعلمت ونقلت من التجارب العالمية وطوعتها حسب ظروفها وموقعها.

أما السودان فقد استهلك طاقاته في الصراعات الداخلية، وأغفل دوره الإقليمي والدولي، وفشل في إدارة ثرواته بنموذج اقتصادي حديث.

رابعا: هل يمكن أن ينجح السودان مستقبلا؟

نعم، بشرط وجود قيادة وطنية ذات رؤية واضحة، وجرأة في اتخاذ القرار، وشراكات استراتيجية ذكية.

وهنا نتحدث عن أهم مجالات النهوض وبناء المستقبل :

1. التعدين: عبر تطوير السياسات وتحديث ليات التنقيب والتصدير والرقابة، وتحويل الذهب والمعادن إلى منتجات صناعية قابله للتداول المحلي و العالمي .

2. البترول:

وذلك من خلال استكشاف المناطق الغنية بالاحتياطيات، والتفاوض مع شركات عالمية بنماذج عادلة تجعل الفائدة العظمي للسودان وشعبه.

3. الزراعة والتصنيع الزراعي:

عبر إقامة مجمعات صناعية لتجفيف وتغليف وتصدير المنتجات الزراعية، وربطها بالأسواق العالمية.

4. الثروة الحيوانية:

بانشاء مسالخ حديثة، ومشروعات تصنيع لحوم وألبان وتطوير الحالية كمثال (مسلخ الكدرو لصادر اللحوم)، وتصنيع الأعلاف والمشتقات الغذائية.

5. السكك الحديد والموانئ و الطرق القومية :

بإعادة تأهيل شبكة السكك وإنشاء خطوط جديدة تربط السودان بإثيوبيا وتشاد ومصر وتأهيل و التوسع في الطرق القومية المسفلته التي تربط المدن السودانية ببعطها لضمان توزيع الاستثمار، كما يتم توسعة وتطوير الموانئ البحرية و النهرية و الجافة.

 

خامسا: كيف يمكن استغلال موقع السودان الجيواستراتيجي؟

السودان بوابة لإفريقيا، ولديه ثقة نسبية من شعوب القارة.

1. يمكن الاستفادة من موقعه و تحويله إلى منطقة اقتصادية حرة تربط بين الخليج والقرن والعمق الإفريقي.

2. وجود أكبر سفارة أمريكية في إفريقيا بالخرطوم ليس صدفة، بل اعتراف بمكانة السودان الجغرافية.

سادسا: دعوة للنقد الذاتي:

المشكلة لم تكن في غياب الموارد، بل في غياب الرؤية والإرادة السياسية في كافة الحقب .

لقد آن الأوان للاعتراف بأخطائنا كدولة ومجتمع، والانطلاق من جديد بتخطيط معرفي وشراكات استراتيجية ذكية حقيقية، لا تذوب في مصالح الاخرين، بل تحقق مصلحة الشعب السوداني أولا وأخيرا .

ونعتبر من اخطائنا السابقة ونعمل على اصلاحها ويكون مبدأ المحاسبة دائما في اذهننا لأي لشخص قصر او حاول ان يستمد من سلطته منافع شخصية.

(فلنحاسب أنفسنا قبل ان تحاسبنا اجيال المستقبل)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى