
إبراهيم عربي: الفيتو الروسي بشأن السودان، محطة البداية!
فاجأت روسيا الجميع أمس الاثنين 18 نوفمبر 2024 بإستخدامها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار (بريطانيا وسيراليون) (المعدل) بشأن التدخل الدولي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين والشأن الإنساني ، .
وإذ لأول مرة في تاريخ السودان ينال هذه الحماية التي أربكت حسابات بريطانيا وأمريكا ، واعتقد الفيتو خطوة جديدة ومحطة البداية للإنفتاح دبلوماسيا والتعاون مع روسيا لمستوى الشراكة الإستراتيجية!
بالطبع فجعت بريطانيا لدرجة أن صب رئيس وزراءها الذي جاء مزهوا ، صب جام غضبه علي الرئيس الروسي بوتن شخصيا مقحما فيها المشكلة في أوكرانيا ، .
اعتقد أخطأت حاملة القلم التقديرات في تعاملها مع القضية السودانية ، وربما لم تتوقع أن يتطور تهديد روسيا عندما إنتقدت مع الصين والجزائر مشروعها الأول الذي كان يدعو مباشرة لفرض قوة لحماية المدنيين بالسودان ..!.
غير أن المشروع المعدل بذاته جاء ينتقص من حق السودان في السيادة علي أراضيه ويدعو لتدخل دولي مدسوس بصورة ماكرة تحت عبارات فضفاضة في الشأن الإنساني الممنهج ، كما تجاوز القرار إدانة مليشيا الدعم لإنتهاكاتها رغم إدانة الأمين العام لها وسماها ،
كما تجاوز إدانة دولة الإمارات لدعمها للمليشيا ودول الجوار ولا تلكم الجماعات الإرهابية التي جاءت بها المليشيا ، وبالتالي فشلت محاولات فرنسا للحصول علي التوافق ، فاستخدمت روسيا حق الفيتو ضد القرار المعدل ..!.
في الواقع تجاوزت مرات إستخدام حق الفيتو (320) مرة في تاريخ المنظمة الدولية منذ تأسيسها في العام 1945، فكانت روسيا الأكثر إستخداما لهذا الحق (144) مرة ، ولأول مرة يحصل السودان علي هذه الحماية من قبل روسيا ، مقابل (114) مرة لأمريكا منها (80) مرة ضد إدانة إسرائيل و(34) مرة ضد قوانين كانت تساند الشعب الفلسطيني ..!.
علي كل ظلت أمريكا تشكل حماية للعدو الإسرائيلي المغتصب بإستمرار ضد الإرادة الدولية ولكنها غضبت ضد روسيا عندما إستخدمت هذا الحق في شأن السودان ، مما يؤكد حقيقة إزدواجية المعايير داخل مجلس الأمن الدولي ، بينما إستخدمت بريطانيا حاملة القلم هذا الحق (32) مرة مقابل (19) مرة للصين و(18) مرة لفرنسا ..!.
في الواقع المتابع لمحاولات بريطانيا حاملة القلم لفرضها واقعا جديدا في السودان عبر الإطاري وغيره ، جاءت الآن تتبني مقترح من حمدوك و(تقدم) ومن خلفها دولة الإمارات التي ظلت تدعم المليشيا عدة وعتادا وجميعهم يعملون لحماية المليشيا ضد أهل السودان ،
ولذلك صحح مندوب السودان حالة وضع الحرب في البلاد، وقال أن السودان تخوض حربا وجودية ضد مليشيا متمردة جاءت بجماعات إرهابية من خارج البلاد مطالبا بإدانتها جماعة إرهابية، والضغط علي دولة الإمارات والدول المتعاونة معها والمنظمات الداعمة للمليشيا بدلا عن الضغوط علي الحكومة السودانية ..!.
علي كل اعتقد الجلسة أظهرت مدي حشد بريطانيا لقرارها والتضامن والتتسيق الأوربي لحماية مصالحهم ، إلا أن روسيا كانت تعلم هذا المكر ، وقالت إنها ترفض هذه المعايير المزدوجة الأمريكية في غزة لحماية إسرائيل ،
وبل قالت إنها تعتبر ما يحدث في السودان يجب أن يعامل بذات حق السيادة الوطنية التي منحت لإسرائيل ، إعتبرت أن فهم أعضاء المجلس للقضية السودانية خاطي ولابد من دعم الحكومة ببورتسودان لممارسة حقها كاملا ويجب أن تتحمل مسؤوليتها لحماية المدنيين والرقابة الإنسانية ولا يفرض عليها بالقوة ..!.
بلا شك أن ما حدث يؤكد نجاح الدبلوماسية السودانية في مجلس الأمن الدولي فالتحية للسفير الحارث ووفده والتحية أ
يضا لسفير السودان في موسكو محمد الغزالي وتيم السفارة والتحتية لوزارة الخارجية ومجلس السيادة والحكومة في إطار بحثهم عن رعاية المصالح المشتركة ،
وهذا يؤكد ما ظللنا نطالب به الإتجاه بعلاقات السودان الدولية شرقا ، وبكل تأكيد هذا الفيتو الروسي يعني محطة البداية الدبلوماسية للإنفتاح علي الجميع مع الإحتفاظ بعلاقاتات متميزة مع روسيا تؤسس لشراكة إستراتيجية ..!.
علي كل يجب ألا يسلب الفيتو الروسي حق الشعب السوداني في الدعم الإنساني ويحب ألا تصبح بموجبه المساعدات الإنسانية عملية سياسية ، لا سيما وأن السودان أظهر تعاونا جيدا مع الأمم المتحدة فاستجاب لنداء مجلس الأمن وفتح (10) من المعابر البرية والنهرية و(6) من المطارات ،
بينما كشف مندوب السودان بالمجلس عن خطة وطنية لحماية المدنيين ، وبالطبع يجب أن يكون للجيش الحق في إمتلاك سلاح للدفاع عن البلاد والقيام بمسؤولياته .
في تقديري الخاص ماحدث سابقة فريدة تحت أجندة الشأن الإنساني ولكن روسيا كانت تدرك تماما أن للقرار ما بعده من تبعات ولذلك إستخدمت حق الفيتو دون غيرها ،
وعليه يجب أن يكون الفيتو الروسي هذا بداية الطريق للحكومة السودانية لحملة دبلوماسية وإعلامية وقانونية تمضي جنبا إلي جنب مع العمليات العسكرية لتصحيح المفاهيم والمعلومات المغلوطة التي ترسخت لدا هذه الدول ، وبلا شك ندعو المجلس لإدانة المليشيا وإدانة الإمارات وتشاد وغيرها لدعمهم لمليشيا إرهابية ..!