
استأنف أعماله مؤخرا.. عودة البنك الدولي للسودان.. (العافية درجات)
وليد دليل: البنك الدولي وافق على تمويل قدره 182 مليون دولار، لمواجهة حالات الطوارئ
خبير: انكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20% في عام 2023 و15% في عام 2024، بسبب الحرب.
باحث: تخفيف أعباء الديون التي ترتكز على هذه الخطوات(..)
دليل: مبادرة “هيبيك”، ستخفض الدين الخارجي العام للسودان بأكثر من 50 مليار دولار
تسامح نيوز – رحاب عبدالله
استأنف البنك الدولى نشاطه فى السودان بعد تعليق عملياته منذ العام 2021م التي اعلن فيها انه اوقف صرف أي مبالغ لجميع العمليات في السودان وتوقف عن التعامل مع أي عمليات جديدة، والآن أعلنت رئيس بعثة البنك الدولي مريم سالم المدير الإقليمي للبنك الدولي للسودان وأثيوبيا وأريتريا أن البنك الدولي بصدد تمويل مشروعات بنحو (700) مليون دولار ستخصص لمشروعات جديدة سيتم تنفيذها خلال 3 سنوات.
أسباب التوقف
وعلقت مجموعة البنك الدولى فى اكتوبر من العام 2021م صرف اى مبالغ لجميع العمليات فى السودان وتوقف التعامل مع اى عمليات جديدة،وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في اعلان مكتوب وقتها،سنراقب ونقيم الوضع عن كثب عقب اعلان قائد الجيش السودتاني عبد الفتاح البرهان حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ.

مجهودات حكومية
وكان وزير المالية جبريل ابراهيم قال في مؤتمر صحفي عقب مشاركته في الاجتماعات السنوية الاخيرة للبنك وصندوق النقد الدوليين، قال انه سجل احتجاجا على بطء اجراءات مِنح البنك الدولي الخاصة بالسودان وعلى موقف ممولي البنك الدولي من الاجراءات التصحيحة التي اتخذها قائد الجيش فى اكتوبر من العام 2021م، واضاف ان البنك الدولي وبسبب ما سماها بالاجراءات التصحيحة لايضع المنح في حساب بنك السودان بل تصرف عبر وكالتب يونسيف وبرنامج الغذاء العالمي.
وكان السودان قد تخلص حديثا من العقوبات الأميركية المشددة المفروضة عليه منذ عقود بعد أن أزالته واشنطن في ديسمبر 2020 من قائمة الدول الراعية للإرهاب،فمهد ذلك الطريق أمامه للحصول على مساعدات واستثمارات مالية.
تخفيف اعباء الديون والحصول على تمويل
وفي يونيو من العام ٢٠٢١ منح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السودان تخفيفا لأعباء الديون بموجب المبادرة المعززة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك)،فانخفضت ديون البلاد إلى النصف لتصبح نحو 28 مليار دولار،وكان السودان قد تمكن من استعادة التعامل الكامل مع البنك في مارس من العام 2021م لأول مرة منذ 3 عقود،وحصل منه على تمويل بقيمة ملياري دولار بسبب اصلاحات قامت بها الحكومة.
ونتيجة لتلك التداعيات قال البنك الدولي في يونيو من العام 2025م إن اقتصاد السودان انكمش بنسبة إضافية تبلغ 13.5% في عام 2024،بعد أن تقلص بنحو الثلث في العام الذي سبقه، فيما يُتوقع أن يشمل الفقر المدقع 71% من السكان في ظل استمرار النزاع.
دواعِ الاستئناف
وعقب استئناف البنك الدولي لعملياته في السودان أكدت رئيس بعثة البنك الدولي استمرار تمويل البنك الدولي لمشروعات تنموية مهمة بالسودان ومساهمته في تمويل مشروعات التعافي وإعادة الإعمار خاصة مشاريع في مجالات الصحة، الزراعة، الدعم الاجتماعي، ودعم الشباب، الإصلاح المالي والاقتصادي، الطاقة البديلة والكهرباء الرقمنة والاتصالات بحسب اولويات الحكومة.

وقال وزير المالية جبريل ابراهيم ان الحكومة السودانية قدمت دراسات لمشروعات جاهزة خاصة مشاريع القطاع الزراعي والصحة والمياه واعادة الاعمار يمكن خلق شراكات للتعاون فى تنفيذها.
مؤشرات جيدة
ويرى اقتصاديون تحدثوا ل”تسامح نيوز” ان عودة البنك الدولي الى السودان مؤشر جيد رغم ان تجربته السابقة لم تكن ثرة حيث ظل السودان لايستفيد من القروض والمنح وحذر اخرون من مغبة الوقوع فى شرك البنك الدولى وزيادة العبء الاقتصادي والديون على البلاد التى تعانى من الهشاشة والفقر.

ويقول الخبير الاقتصادي د. محمد الناير بعد ان فقد السودان الامل فى المؤسسات المالية الدولية فمن واجب البنك الدولى مساعدة دول العالم للنهوض من المعيقات التى ألمت بها خاصة تلك التي تعاني من آثار الحروب،وطالب الجهات المختصة بمتابعة التطورات ومدى إلتزام البنك مع اهمية وضع خطة تعتمد على استغلال الموارد المحلية تحوطأ للمستقبل حيث ظل السودان على مدى سنوات لم يستفد من قروض المؤسسات المالية الدولية،واضاف لكن اعتقد ان الخطوة جيدة يجب استغلالها في كيفية محاربة الفقر ومدى مساهمتها في البنى التحتية التى دمرتها الحرب.
فيما يرى المحلل الاقتصادي هيثم فتحى اهمية ان تضع الحكومة برنامجا لتطوير التعاون التنموي بما يشمل خطة التعافى الاقتصادي اضافة الى اعداد الاحتياجات الاقتصادية ذات الاولوية فى المرحلة الراهنة، فلابد من دعم الحكومة لسبل تطوير برامج التعاون التنموي بين السودان والبنك الدولي،بما يشمل دعم خطط التعافي الاقتصادي مع تمهيد الطريق لعودة المراجعات السنوية للسياسات الاقتصادية فى السودان،ويقول في تقديري عودة السودان إلى مؤسسات التمويل الدولية،وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي،تمثل خطوة محورية في مسار التعافي الاقتصادي بعد انقطاع دام لاكثر من اربع سنوات،وعلي الحكومة ايضا العمل علي تسهيل هذه العودة،والسير نحو إعادة الاندماج الاقتصادي والمالي مع المجتمع الدولي.
روشتات مجحفة
ويقول ان الفترة الانتقالية السابقة عملت على تطبيق وصفات ورشتات البنك الدولى بطريقة غير مدروسة وألغت الدعم وحررت اسعار المواد الاساسية خاصة المشتقات النفطية ورفعت اسعار الخبز وعليه لابد من مراعاة كيفية تطبيق سياسات البنك الدولى فى ظل شح الموارد وامتصاص اثار الحرب التى افقرت المواطن.
ويقول الخبير المصرفي وليد دليل انه في عام ٢٠٢١قرر المجلسان التنفيذيان للمؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي (IDA) وصندوق النقد الدولي أن السودان اتخذ الخطوات اللازمة لكي يبدأ الحصول على تخفيف أعباء الديون من خلال المبادرة المعززة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك). والسودان هو البلد الثامن والثلاثون الذي يصل إلى هذه العلامة الفارقة، المعروفة باسم “نقطة اتخاذ القرار” في مبادرة “هيبيك”.
واضاف وليد دليل انه من شأن تخفيف أعباء الديون أن يدعم جهود السودان في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لرفع مستويات المعيشة لشعبه عن طريق السماح بتحرير الموارد بغية التصدي للفقر وتحسين الأوضاع الاجتماعية. وبموجب تخفيف أعباء الديون وفق مبادرة “هيبيك” وغيرها من مبادرات تخفيف أعباء الديون التي ترتكز على مبادرة “هيبيك”، سينخفض الدين الخارجي العام للسودان على نحو غير قابل للإلغاء – بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي على أساس صافي القيمة الحالية، أي ما يمثل أكثر من 90% من مجموع الدين الخارجي – إذا تمكن السودان من الوصول إلى نقطة الإنجاز وفقا لمبادرة “هيبيك” في غضون ثلاث سنوات تقريبا.
وبالإضافة إلى ذلك، مع مواصلة السودان مسيرته نحو تحقيق السلام والاستقرار والتنمية بعد أكثر من 30 عاما من العزلة عن النظام المالي الدولي، فإن تطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي سيتيح له الحصول على موارد مالية إضافية بالغة الأهمية لتعزيز اقتصاده وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
وعقب مناقشات المجلس التنفيذي للبنك الدولي في 28 يونيو 2021، قال السيد ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي إن “هذا اليوم يمثل لحظة فارقة مهمة للسودان تسمح له بتخفيض أعباء ديونه بدرجة كبيرة. وهذه النتيجة من شأنها إحداث تحول لهذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 44 مليون نسمة بعد معاناة دامت لعقود من جراء الصراع وعدم الاستقرار والعزلة الاقتصادية”. واردف”وبينما لا يزال البنك الدولي مستمرا في توفير منح ما قبل تسوية المتأخرات للسودان ومساندة “برنامج دعم الأسر السودانية”، فإنني أتطلع لزيادة مستوى انخراطنا في تلك الجهود لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوداني
في يناير ٢٠٢٥ وافق البنك الدولي على مشروعين يستهدفان استعادة الخدمات الصحية وتعزيز سبل الحصول عليها وتوفير شبكات الأمان لمواجهة حالات الطوارئ في السودان. وبتمويل قدره 182 مليون دولار، يلبي هذان المشروعات الاحتياجات الملحة للمجتمعات المحلية المعرضة للأخطار والمتضررة من الصراعات والكوارث الطبيعية.
خسائر الصراع في السودان
لافتا الى الصراع الدائر في السودان تحديات إنسانية خطيرة، مما أدى إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، من بينهم 3 ملايين إلى البلدان المجاورة. وكان التأثير الاقتصادي عميقاً، إذ انكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20% في عام 2023 و15% في عام 2024، فضلا عن الارتفاع الحاد في معدلات التضخم وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع. وأصيبت القطاعات الحيوية، مثل الزراعة والخدمات، بالشلل، مع انخفاض إنتاج المواد الغذائية وارتفاع حاد في الأسعار.
وحالياً، فإن ثلثي السكان لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية. ونحو 75% من المستشفيات والمنشآت الصحية في مناطق الصراع معطلة، والجزء المتبقي مكتظ للغاية بسبب تدفق المرضى والباحثين عن خدمات الرعاية الصحية، ناهيك عن تفشي أمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، وتفاقم هذه الحالات بسبب تعطل الخدمات وتغير المناخ.





