تحقيقات وتقارير

إستعادة مدني .. خبراء يكشفون مكاسبها الإقتصادية

تقرير - رحاب عبدالله

استعادة مدينة ود مدني .. خبراء يتحدثون عن مكاسبها الاقتصادية

السفير أحمد شاور: تحرير مدني هو مفتاح السر لتحرير الخرطوم

د.هيثم فتحي: السيطرة على ولاية الجزيرة ، تتيح للجيش السوداني تحكما أكبر في القطاع الزراعي

وليد دليل: المنطقة بها أكبر مشروع ري انسيابي في افريقيا

تقرير – رحاب عبدالله

بعد ان تمكنت قوات الجيش السوداني وقوات موالية لها من دخول مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان بعد عام من فقد السيطرة عليها بسبب مليشيا الدعم السريع، احتفل كل السودانيون داخل السودان في أماكن نزوحهم وخارج السودان بالنصروذلك تأكيدا لمكان مدينة ود مدني في قلوبهم.

واكد خبراء اقتصاد ومراقبون أهمية استعادة مدينة ود مدني حاضرة الجزيرة وتطهيرها من مليشيا الدعم السريع ، مشيرين الى اهمية ود مدني بالنسبة للاقتصاد السوداني التي تبدأ بموقع ولاية الجزيرة الجغرافي لجهة انها تربط بين 5 ولايات سودانية، وبها اكبر مستودع للوقود فضلا عن انها تعد شريان غذاء السودان لوجود مشروع الجزيرة،

بالإضافة إلى أن بها كثير من المصانع إذ انها كانت الصناعة تتمركز قبل الحرب في الخرطوم والجزيرة كما أن كثير من اصحاب المصانع بعد الحرب وقبل سقوط الجزيرة نقلوا صناعتهم إلى هنالك.

واكد الخبير الاقتصادي د.هيثم ان استعادة الجزيرة تعني عودة الأمل والحياة إلى كل الشعب السوداني، فالجزيرة الخضراء هي قلب السودان النابض خاصة في الشق الاقتصادي متمثلا في عودة الأنشطة والأسواق والمشاريع الاقتصادية في المدينة التي تُعتبر مركزًا اقتصاديا مهما، خاصة القطاعات الزراعية والتجارية، وإعادة ترميم البنية التحتية المتضررة مثل الطرق والمرافق الصحية والمؤسسات التعليمية.

*مركز اقتصادي*
وقال هيثم فتحي في حديثه ل(تسامح نيوز) ان ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني تربط بين ولايات سنار والنيل الأزرق جنوبا، والقضارف وكسلا وبورتسودان شرقا، والنيل الأبيض وكردفان ودارفور غربا، ونهر النيل والشمالية والخرطوم شمالا.

وتعد مركزا اقتصاديا لاحتضانها مشروع الجزيرة، وهو أكبر مشروع زراعي في أفريقيا، ويمتد على مساحة 2.2 مليون فدان، بالاضافة الى انها تشتهر بإنتاج المحاصيل الزراعية مثل القطن والقمح والذرة.

*التحكم في القطاع الزراعي*
وقطع هيثم فتحي بان السيطرة على ولاية الجزيرة ، تتيح للجيش السوداني تحكما أكبر في القطاع الزراعي، الذي يُعد من أهم مصادر الدخل في البلاد،كما تعد المدينة الاقتصادية الأولى والثانية من حيث الكثافة السكانية فضلا عن انها تضم أكبر مستودعات للوقود بعد الخرطوم، كانت تعمل على تغذية وسط وغرب السودان، بعد خروج مستودعات ولاية الخرطوم عن الخدمة.

859d3ed7 955f 4814 9c70 377948ba57ac

واشار الى ان هناك منطقة المناقل الصناعية وهي امتداد لمشروع الجزيرة، وتضم الكثير من المصانع وقد انتقل إليها العديد من رجال المال والأعمال بعد تدمير البنية الاقتصادية بالعاصمة الخرطوم.

*أكبر مشروع ري انسيابي في افريقيا*
من ناحيته قال الخبير المصرفي وليد دليل ان ولاية الجزيرة تتمتع بأهمية اقتصادية كبرى، حيث يتمركز فيها أكبر مشروع ري انسيابي في القارة الإفريقية، يبلغ 2.2 مليون فدان، ويعد المشروع مخزونًا استراتيجيًا للمحاصيل الأساسية من القمح والذرة، وباستمرار الحرب في الولاية، قد يتأثر الموسم الزراعي فيها، وبالتالي تتزايد أزمة الغذاء في البلاد.

لافتا في حديثه ل(تسامح نيوز) ان سيطرة “مليشيا الدعم السريع” على مدينة “ود مدني” ترجع إلى أهميتها الاقتصادية، حيث تضم أكبر مستودعات للوقود بعد الخرطوم، وتعمل على تغذية وسط وغرب البلاد بعد خروج مستودعات ولاية الخرطوم عن الخدمة نتيجة للحرب القائمة.

*دباغة الجلود ومصانع النسيج*
واوضح دليل ان المدينة اشتهرت بصناعة الأحذية ودباغة الجلود ومصانع النسيج، وتضم المدينة مصانع البسكويت والصابون ومحاصيل القطن، إضافة إلى أنها تضم 5 أسواق وهي السوق الكبير والسوق الصغير والسوق الشعبي والسوق المركزي وسوق “أم سويقو” وهو من الأسواق المشهورة ببيع الأسماك.

*مستودعات وقود*
واضاف دليل ان استهداف منطقة “أم عليلة” شرق مدينة “ود مدني” ذات أهمية كبرى بالنسبة لميليشيا “الدعم”، حيث تحتوي المنطقة على مستودعات الوقود الرئيسية لولاية الجزيرة عبر الخط الناقل للبترول، الأمر الذي أدى إلى سيطرة الدعم على مصفاة “الجيلي” للبترول بالخرطوم بحري منذ بدء الحرب، إلى أن تم قصفها في 6 ديسمبر 2023 للمرة الرابعة مع تبادل الاتهامات بين الجيش والدعم حول مسؤولية قصفها، مما جعلها تخرج عن الخدمة.

*موارد بترولية*
وتابع دليل ،خروج مصفاة “الأُبيّض” عن الخدمة أيضًا في يوليو 2023، وبذلك تظل المصفاة الثالثة والوحيدة قيد التشغيل ببورتسودان، وكانت قد سيطرت ميليشيا “الدعم” على عدد من حقول إنتاج النفط بإقليمي كردفان ودارفور، ولكن خرجت جميعها من الخدمة، لذلك سيطرت على محطة “العيلفون” التي ترتبط بالخط الناقل والتي تعمل على تنشيط الخط، وذلك لأن البترول السوداني يحتوي على مادة شمعية لضمان الضخ.

وعليه، بخروج الحقول من الخدمة وتوقف محطة “العليفون” ومصفاتي الجيلي والأبيض، بدأت الدعم بدخول ولاية الجزيزة بمنطقة أم عليلة، ومن ثم مستودعات ولاية الجزيرة، وقد يترتب على ذلك الحاجة إلى استيراد البترول لتغطية الاحتياجات، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبرى نتيجة الصرف على الحرب،

إضافة إلى أن الضرر الأكبر قد يرتكز على ميليشيا “الدعم السريع” التي قد تضطر للبحث عن موارد بترولية عبر الحدود لخريطة مناطق سيطرته، وهو ما تقوم به الآن. بينما يمتلك الجيش البدائل ولكن بتكلفة النقل لكي يتم إيصالها إلى مناطق سيطرته.

ويعد مشروع الجزيرة الذي يقع وسط السودان في السهل الطيني الممتد بين النيلين الأزرق والأبيض من منطقة سنار إلى جنوب الخرطوم عاصمة السودان، من الركائز الأساسية للاقتصاد والأمن الغذائي في السودان منذ إنشائه عام 1925، لما ينتجه من محاصيل مهمة تسهم بشكل كبير في توفير قوت السودانيين.

*تقلص المساحات المزروعة*
ولكنّ وليد دليل اكد ان هذا المشروع تأثر كثيراً بالحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، ويربط كثير من المراقبين والخبراء الزراعيين بين أزمة الغذاء في السودان ووصول الحرب إلى مشروع الجزيرة، حيث انه منذ بداية دخول القوات المتمردة هَجَر آلاف المزارعين في مشروع الجزيرة مزارعهم ونزحوا ، ما أثّر كثيراً في الموسم الزراعي وأدى إلى تقلص المساحات المزروعة وتوقف التمويل البنكي.

كما أدى عدم توفر الأمن وتأخر وصول المدخلات الزراعية من تقاوٍ وأسمدة وغيرها من المواد اللازمة، إلى تراجع الإنتاجية في مشروع الجزيرة، مشيرا الى تأثر بنك الموارد الجينية وشُرد المفتشون الزراعيون ومفتشو الري ونُهبت عرباتهم، وهم الذين يقومون بالدور الإرشادي والتوعوي ومتابعة المحصول.

*تحديات إعادة الاعمار*
ووصف الخبير العقاري رجل الاعمال مهندس محمد صلاح استعادة مدينة ود مدني إلى سيطرة القوات المسلحة السودانية باللحظة الفارقة وقال بانها خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار والأمن في البلاد.

واضاف في حديثه ل(تسامح نيوز) هذا الحدث يحمل معه العديد من الآثار الإيجابية، عودة الأمن والاستقرار مما يشجع العودة إلى الحياة الطبيعية ويساهم في إعادة بناء المجتمع و تعزيز الثقة في الدولة وقواتنا المسلحة .

كما وتعزز من قدرة الدولة على حماية مواطنيها وممتلكاتهم تقود الي فتح الباب أمام إعادة الإعمار ويمكن البدء في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وبناء مستقبل أفضل للمدينة وأهلها.
بيد انه نبه الي تحديات المرحلة المقبلة من إعادة إعمار البنية التحتية والتي تضررت بشكل كبير جراء الصراع.

وقال يجب البدء فورا في معالجة الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والتي خلفها الصراع والبدء في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين مثل المياه والكهرباء والصحة والتعليم.
وزاد بالقول يتطلب الأمر تضافر الجهود من قبل جميع الأطراف، سواء كانت حكومية أو شعبيه للعمل معًا من أجل بناء سودان جديد قوي ومستقر.

مفتاح السر لتحرير الخرطوم
من جانبه أوضح الامين العام للمجلس الأعلى للاستثمار الاسبق السفير أحمد شاور أن تحرير ود مدني رمزية كبيرة خاصة وأن مدني تعتبر القلب النابض للسودان ، وأكد في حديثه ل(تسامح نيوز) أن تحرير ود مدني مفتاح السر لتحرير الخرطوم وبقية المناطق.

13b01966 e3e2 4bc5 887d 9ac5a943beb9

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى