المقالات

إشراقة سيد محمود تكتب:انقلابان وثورة

الخرطوم تسامح نيوز

 

 

الحرب في السودان هي نتيجة لإنقلاب اول في ابريل ٢.١٩ قطع اكتمال الثورة، ومحاولة انقلاب ثاني في ابريل٢٠٢٣

الفريق أول/ البرهان لم يكن مخططا ولم يكن موافقا ووجد نفسه في الامر الواقع بعد تنحي قائده الأعلى الفريق أول/ عوض ابن عوف ونائبه الفريق اول كمال عبدالمعروف

الفريق أول عوض بن عوف قال جملة مهمة في بيان التنحي( حرصا على تماسك المنظومة الأمنية ،والقوات المسلحة خاصة، من الشروخ الدامية او الفتن القاتلة)
ابن عوف أخبر الشعب السوداني بأن المعركة بين الجيش والدعم السريع. لكن وقتها حال هتاف الجماهير دون سماع هذه العبارة المهمة.

الاحداث بين الانقلاب الاول والمحاولة الانقلابية الثانية كانت في مجملها مقاومة من الجيش ضد الانقلاب الأول وصلت هذه المقاومة قمتها بحرب ابريل2023 بعد بداية تنفيذ المحاولة الانقلابية الثانية.

الإنقلاب الثانى كان عبارة عن استلام الدعم السريع لكامل السلطة وابعاد الجيش بعد أن فشل تنفيذ الاتفاق الاطارى الذي قصد منه اقرار وتثبيت حالة مايعرف (بالأمن الهجين) او الثنائية العسكرية وهذا هو هدف الاتفاق الاطارى ، انهاء محاولات الدمج في الجيش.

القوى السياسية جميعها انقسمت مابين مساعد ومؤيد للجيش في مقاومة الانقلاب الاول و مقاومة الانقلاب الثاني. وهؤلاء هم أحزاب الوسط؛ الاحزاب الاتحادية وأحزاب الامة واليسار العريض وجزء كبير من الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح والتيار الاسلامي العريض ؛ والكيانات الاهلية والمجتمعية والشرق بقيادة الناظر محمد الأمين ترك (باختصار كل السودان)،
وبين مستفيد من الانقلاب الاول وداعم وشريك في المحاولة الانقلابية الثانية وهم فقط مجموعة المجلس المركزى او من عرفوا بمجموعة الاطارى مؤخرا .

تفاصيل واحداث بين ابريل الأول٢٠١٩ وأبريل الثاني ٢٠٢٣ :

ثورة ١٩ ديسمبر هي ثورة تراكمية قدمت فيها الكثير من التضحيات والعمل النضالي التراكمي ثم توجت باحتجاجات وتظاهرات لاسقاط النظام
الثورة وحدها لم تسقط النظام. ساعدها في ذلك انشقاقات داخل النظام وانحياز اللجنة الامنية.
الثورة لم تكتمل لتقدم البناء الطبيعي للمرحلة الانتقالية باستلام الجيش للسلطة وتسليمها للشعب عبر فترة انتقالية مثل ماحدث في العهود السابقة من تاريخ السودان.

حدث قاطع للثورة وهو الانقلاب الأول
الذي تم فيه الانقلاب على الجيش من قبل قوات الدعم السريع والاطاحة بقائد الجيش الفريق اول.عوض بن عوف.
كان هذا الانقلاب انقلاب خارجيا كامل الدسم تم فيه تغيير كل الخارطة التي تعاونت مع الثورة بما فيهم مدير جهاز الامن الذي صنع بعض رموز الثورة من ق.ح.ت صناعة تامة اثناء الاعتقالات التي سبقت سقوط النظام.

تم الابقاء فقط على قوات الدعم السريع كاساس للمشهد.
فتم ابعاد مدير جهاز الأمن ثم اعقب ذلك ابعاد قائد الجيش ونائبه بعد ان أديا القسم كرئيس للمجلس العسكرى ونائب

تنحية قائد الجيش كانت بتخطيط خارجي ولم يكن طلبا للثوار . وقام بالتنفيذ قائد الدعم السريع وقتها.
فالثوار والجماهير ليس لديهم ما يجعلهم يفرقون بين عوض بن عوف وكمال معروف والبرهان او الكباشي وبقية قيادة الجيش من حيث الانتماء للتنظيم من عدمه.
كان الهتاف بتنحي بن عوف
كبسولة خارجية اعدتها غرف اعلامية ابتلعها الثوار وهتفوا بها.
قائد الدعم السريع وقتها طلب تنحي ابن عوف قبل ان يطلب الثوار ذلك.

استجابة قائد الجيش الفريق بن عوف لطلب التنحي جاءت بناء على منطق القوة ولم تكن استجابة للثوار
حيث كانت القوة العسكرية الطاغية هي الدعم السريع
الذي بسط سيطرته العسكرية تماما على الخرطوم داخل القيادة و الاذاعة والتلفزيون والكبارى والقصر الجمهورى واي رفض او مقاومة٦ كان يعني الحرب والجيش غير مستعد لها. واحتشاد الجماهير سيجعل من الحرب كارثة كبرى.
وقد قال الفريق اول بن عوف في بيان تنحيه عبارة مهمة لم ينتبه الناس لها وقتها ؛قال(حرصا على تماسك المنظومة الامنية والقوات المسلحة بصفة خاصة من الشروخ الدامية او الفتن القاتلة)
ولم يقل نزولا عند طلب الثوار او الشعب. لقد اخبر بن عوف الشعب بحقيقة المعركة بين الجيش والدعم السريع
واوضح ان تنحيه منعا للمواجهة الدامية. عبارة لم يسمعها السودانيون ، حال هتاف الجماهير دون سماعها.
نفس مشهد الانقلاب الثاني حيث لم تتغير الامور بل زاد توسع وسيطرة الدعم السريع . الا ان هذه المرة وجد الفريق اول البرهان و جنرالات الجيش انفسهم امام واقع المواجهة الذي لامفر منه.

اثناء وبعد تنحي قائد الجيش او الاطاحة به. كان القائد العسكرى وقائد الوضع فعليا في البلاد هو قائد الدعم السريع وكان الجيش في المرتبة الثانية في ادارة امر البلاد عسكريا وسياسيا.

وهذا هو الانقلاب الاول الذي اخذ وقتا قليلا من الزمن قبل استلام البرهان حيث لايمكن وقتها السيطرة الكاملة للدعم السريع دون وجود رمزى للجيش.وهناك بالطبع عوامل خارجية لعبت دورا في هذا.
البرهان وجد نفسه في هذا الموقف ولم يكن مخططا له. بل انه لم يكن موافقا حسب تصريحات قائد الدعم السريع في يوم تنحي ابن عوف في اجتماع حضره عدد من الناس حيث قال باننا نريد البرهان ولكنه لايوافق.
لقد وجد البرهان وبقية قيادات الجيش انفسهم في هذا الموقف الذي لايحسدون عليه والذي اقال فيه الدعم السريع وحلفائه بالخارج قائدهم ثم قام هو باختيار بديلا له ثم نصب نفسه نائبا لرئيس المجلس العسكرى ولم ينصبه الجيش.

هذا الانقلاب الاول نجح
وابعد الجيش.مع الاحتفاظ بوجود رمزي للجيش.
ورمزية ممثلة للثورة هي ق.ح.ت
فلم يكن البرهان والجيش في موقعهم الطبيعي
ولم تكن الثورة والثوار في موقعهم الطبيعي.
موقع الجيش استولي عليه الدعم السريع وموقع الثورة استولت عليه ق.ح.ت بمساعدة الدعم السريع وحلفائه بالخارج.

اهمال تسمية هذا الزمن القصير لإعتلاء الدعم السريع للقيادة وابعاد الجيش.٦ جعل الكثيريون يتخيلون استمرار الثورة.
الثورة هنا قطعت بقاطع الانقلاب ، لم تستمر ولم تتقدم ولم تكتمل الملامح الاولى لشخصية الثورة ولم تقدم رؤية وبديل فكرى وسياسي وبرنامج استقرار ومصالحات للحفاظ على البلاد. لان الانقلاب الخارجي اراد صناعتها لاهداف تخص مصالحه الخارجية.
تعرضت ثورة ديسمبر لثلاثة احداث خطيرة تسببت في ضياع الفترة الانتقالية والفشل وهي
١. تم الانقلاب على الثورة وعلى الجيش
٢. تمت سرقة سياسية للثورة بصناعة اشخاص محددين يكملون تنفيذ الانقلاب بدون وعي منهم. بوعي فقط لمصالحهم السياسية بالوصول للحكم غير آبهين بالمصلحة العليا للبلاد وجمع الصف الوطني.
٣. حدث احتكار خارجي لملف السودان ومحاولة تحويله الي مستعمرة وتم تغييب الدول الصديقة ودول الجوار
قام الانقلاب الخارجي بصنع وتصعيد مجموعة بعينها داخل الحرية والتغيير لتتسيد المشهد وقنن لذلك عبر الوثيقة الأولى مع هذه القوى.وكان قائد التفاوض هو قائد الدعم السريع وهو الموقع انابة عن العسكريين.

هذا الانقلاب الاول بدأ يفشل في الوصول الي نهايته وبدأت المقاومة ضده خاصة من داخل الجيش وكذلك من كل القوى السياسية الوطنية الرافضة للمشروع الخارجي( شمل هذا كل القوى السياسية
بعض اليسار العريض واحزاب الوسط كل الاتحاديين وجزء كبير من احزاب الامة والتيار الاسلامي العريض وغالبية الحرية والتغيير والكيانات الاهلية والمجتمعية خاصة الشرق بقيادة الناظر محمد الامين ترك. كانت هذه القوى جميعها رافضة لاقصائية وفشل قوى الحرية والتغيير وقد فشلت كحاضنة اعتمد عليها الانقلاب.
هنا جاءت محاولة التصحيح بقرارت ٢٥ من اكتوبر للتخلص من الحاضنة السياسية للانقلاب الاول كمرحلة اولى لتصحيح الاوضاع العسكرية نفسها.
اضطر الدعم السريع للوقوف مع الجيش موقفا موحدا تكتيكيا وليس مبدئيا في ٢٥ اكتوبر.
ثم مالبث ان اعاد الحلف مع قوى المركزى واخرجوا من السجون وهذه عملية خارجية كاملة الدسم. حدث فيها تراجع لمقاومة الجيش تحت ضغوط كثفها حلفاء الدعم السريع بالخارج لتبدا عملية محكمة من الاتفاق الاطارى بدعم من الرباعية وفولكر رئيس اليونتامس.
وتم اعداد مايسمى بالاتفاق الاطارى تأسيسا للقوات الهجين او الثنائية العسكرية وقطعا للطريق امام عملية دمج الدعم السريع. وإضعاف الجيش عبر مخطط ناعم سمى الاصلاح والهيكلة.

لكن الجيش الذى واجه مصير الانقلاب الاول وتعايش معه في صبر وحسرة، هو نفس الجيش الذي نفذ ٢٥ اكتوبر
وهو نفس الجيش الذي افشل الأطارى بخطوة ذكية عندما تشدد في طلب الدمج فقطع الطريق على نموذج الثنائية العسكرية، فبدأ جماعة الاطارى الاعداد لانقلاب ابريل الذي تم الاعداد له بنسبة مائة بالمائة.
فقام الجيش بالرد العسكرى في التوقيت المناسب تماما وافشل الانقلاب وقضى على القوى الرئيسية للدعم السريع التي اضطرت الي مهاجمة بيوت المدنيين والمستشفيات هربا من جحيم طيران الجيش. وبعد ان فقدت معسكراتها لجأت الي قتل المدنين والسلب والنهب.
نجح الجيش الان في هزيمة الانقلاب الثاني وقام بحل القوات المتمردة وهزيمة حلفائها على رأسهم فولكر الذي تقدم باستقالته.

ان الظروف التي اتيحت للجيش لمقاومة الانقلاب الثاني ليست هي نفس الظروف التي جعلت الجيش يتقبل الامر الواقع في الانقلاب الاول. البرهان مثل بن عوف كان يعلم ان المواجهة خطرا كبيرا وأن الجيش غير مستعد للمعركة والفرق ان في ابريل الثاني فرضت المواجهة ولم يكن منها بد.
مابعد الحرب والنصر يتضح لنا اننا مازلنا نحتاج الي ثورة سياسية ومفاهمية وفكرية كبرى تؤسس لدولة قوية ..ثورة وكنسا وليس مجرد انتفاضة كماقال الشريف زين العابدين الهندي.
ثورة تؤسس للجيش القوى
دولة القانون
دولة السيادة
دولة التنافس الانتخابي والتداول السلمى للسلطة.

إشراقة سيد محمود
رئيس الهيئة القيادية للحزب الاتحادى الديمقراطي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى