المقالات

ابراهيم أحمد الحسن يكتب : طارق الامين .. بلداً هيلي انا !!

تسامح نيوز | الخرطوم

الإنتماء الذي يطلع من هنا هو ذاته الذي يسند السلام الذي يطلع من هنا .. و هنا تمثله كف ترقد بإطمئنان و محبة على موقع القلب .. و هنا تؤشر به سبابة الي منتصف الصدر وهي تميل برفق الي الجهة الشمال و هنا عبر عنها طارق الامين عندما قال ( بلداً هيلي نا.. / دموعها.. دموعي نا.. / أساها…أساي أنا../ ضميرها..ضميري نا../ كل آمالي نا../ السلام يملاها..يطلع من هنا.. / والحَمَام يتشابى ) ، فهو يتنقل برشاقة بين المفردات التي تطلع من هنا ، مفرداته تطلع من القلب والضمير ، لتعبر عن الآمال والآلام ،والسلام والحمام وطفلة تقدل وحبوبة وحنين والقمرية والغابة والبالمبو والقلوب والنقارة والبلد الحنين ويمة ويابا وعزة وجمال والحزن القديم والمطر والسحابة وأطفال وعصرية وشفع وشاي مغارب ، وذكريات وصبابة ، وأشجار تبلدي وأصحاب ونخيل وخضرة خلابة ، فهو ينظم من المفردات هذي عقد نضيد يتغني فيه بالسلام ويحيط به جيد الوطن .

 

(2)

طارق الامين ،قبل سنوات قلائل سافر الي الهند للإستشفاء وقضاء بعض الوقت وهي من الأوقات القليلة التي يغادر فيه طارق السودان.. فهو لا يطيق البعاد عن الخالة أمه كما نسميها نحن وبظرفه اللطيف يسميها هو نفسه .

عاد طارق للبلد وكتب انا هنا !! فأرسلت له :

طارق الامين جانا غانم و جانا ضراعو

كتبت له: سلام طارق

ارحب بيك طارق بحرارة و شوق ( ﺎﻟﻤﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺎ ﺑﻴﻐُﺶ )

أعرف تماما طارق شعور من ينزل بلده بعد غربة و شوق ،، شعور من زرع الفرح والمحبة و الشجن الشفيف في كل ارجاء الوطن ،، شعور من بنى المدارس من عديل احساسه بان الوطن تبنيه ( مسطرينة ) وبأيادي خشنة ترفع طوبة حجر الزاوية هيلا هوب. ب عرق مجموعة عرفت شرف عرق الجماعة واعمالها وأجادت الصنعة همة ووطن ..مرحب بيك طارق في الوطن (الفطن الفرن ) والجو كيف سخن شرفت طارق في وطن النجوم و القماري والسلام و نيابة عن كل هؤلاء ،، الوالدة مريم و الخالة والعمة، بتاع الدكان ، سيد اللبن، الجالب الحبال ، بحارة السفن ، و المزارعية الغبش مرحب بيك طارق في وطن تملأ ( قلبك فيه بالنسيم و الطير الرطن ) ،،مرحب بيك طارق تاني و تالت و عشرة و الف في وطن ( هيلي انا ) و( هيلك ) و(هيلم )، ( هيلن) ( و هيلنا كلنا ) و ( هيلا هوب ) …مرحب بيك طارق في بلد (السلام يملاها و يطلع من هنا) من هنا يا طارق حيث اشير انا الان الي القلب.ويقيني طارق انك الان عند قدمي ( الخالة ) تمسح بالحنين اتوابا و تسقيك شاي الصباح ب ( عثمان حسين ) كباية الشاي التي كتبت تأريخ السودان مع شاي الصباح ونشيد العلم ، هنئياً لك ولها بسلامة العودة ،،،

 

(3)

قمنا ومجموعة من الأصدقاء بزيارته في منزلهم العامر في حي الصحافة ، ، وصلنا واذ بالباب يفتح ويخرج منه طارق بزي مهراجا هندي مكتمل : الثوب المزركش والبنطال والعمامة والشال الذي يحزم الوسط والحذاء المعكوف . اطبق طارق يداه علي الطريقة الهندية وانحني الي الامام وإبتسامة كبيرة تملأ وجهه أن مرحبا ، اوغل طارق عميقاً في التحايا الهندية من كل وجهةٍ ونوع . وقفنا مشدودين الي عرض طارق امام منزل الخالة وجذب العرض عدد غير قليل من المارة يتجاوبون معه ، وعلي انغام لحن لاغنية هندية شهيرة انحنى طارق حتى كاد يلامس الارض ماداً يده اليمنى طول اتساعها في اتجاه الباب ان اتفضلوا .

طارق ابن المربي والاستاذ الامين إهتمامه بالمدارس مغروس في جيناته بالفطرة بأن جعل منها كائن حي يحس ويشعر ويتنفس عديل وسمى مشروعه ذاك (عديل المدارس ) وبامكانيات محدودة ورعايات شحيحة وبهمة شباب متوثب ومتفان وبريشة فنان وخيال خصب رسم طارق للمدارس عديل وطوق جيدها بعقد من خرز الافراح السودانوية ، وأحاط سواعدها الفتية بالحريرة ،وبالقليل المافى اكمل طارق عديل المدارس ، مدرسة وراء مدرسة .

 

(4)

طارق الامين لولم يغني وفرقته (قطر اويل المسافة طويل يللا يا دَقَدَقْ ) لكفاه. وظف طارق صوت عجلات القطار علي السكة الحديد احسن توظيف ، استل من ضجيج عجلات القطار نغمة (دَقَدَقْ) وهي صوت مرور عجلات القطار على فواصل السكة الحديد والتي تتمدد على مسافات متساوية تجعل النغمة (دَقَدَقْ) كأنها إيقاع سودانوي عتيق من دلوكة ، نقارة أو من نحاس . استل طارق النغمة الايقاع ورفع عقيرته يغني بايقاع مدوزن وموزون : ( يللا يا دَقَدَقْ ).فلا فرق عند طارق ان كان هو ( يمشي لي ) او انا ( جاي ليك) لا يهم من اي بقعة في جغرافيا السودان اتى من يغني له طارق فكاقواى مثلها السقاي والتاكا لا تشبه سوى كاكا ولن يسأل احد عن هوية ابن البيبور الذي اتخذ له بيت في دارفور ، ولا ينسى ان يغشى حصحيصا شندي ، خرطوم، امدرمان، او بورتسودان طالما كانت المطية دَقَدَقْ.

(الزول السوى الحاجة دي ما ظريف / ثم تاني يعنى هو ذاااتو سواها كيف ؟ ) غناها طارق عندما امتدت يد تسرق هاتفه ، كلمات ،رشيقة خفيفة ، ومرحة ، مُعبرة وهادفة وفيها رسالة وقيم واضحة غناها صالحين موبايلي !!

(الزول دا زازاتي أصلاً ما بخليه ) لانه باع ل طارق (كرتونة) بإعتبار ان بداخلها (مكرونة ) فاذا بها مسروقة من ( طاحونة )!! كما تقول الاغنية التي تعالج الكثير من اشكالات المجتمع في البيع والشراء والسمسرة مع مشاهد تمثيلية كوميدية رائعة.

 

(5)

وفي (ابكرونا ) النسوان دقونا ومن البيت طردونا تتجلى قدرة طارق وفرقته في تمثيل واقع من المجتمع السوداني يتساءل فيه طارق عن أين المشكلة ؟ ثم يغنى كل زول ب زوجة بتاعه، الا انا !! ليه بس كدة بس ، يعالج فيها طارق صعوبات الزواج في السودان في كل زمان (أختي قال نعمل عيزومة/ أُمي قال مافيش عيزومة /أبا قال نعمل قيدومة/ أمو قال مافيش قيدومة / كل زول دخل قدومة/ لما فلان عرس فطومة/ ليه بس كدة ليه بس ؟ )

اما الديون آفة العصر تناولها طارق في (يا زول كفاك ديون البنك ما مضمون يمكن يجيب له سجون ويلفاك بالقانون).

 

(6)

عبر طارق عن إنتمائه ل (بلداً هيلي نا ) ، غاب طارق ثم جاب معه ثقافة جديدة جسدها ترحاب وكرم لضيوفه ومحبيه . بث كثير من القيم خلال أغانيه والمقاطع التمثيلية الهادفة في اسلوب رقيق ورشيق وهادف. .صور طارق السودان الجميل من خلال رحلته بقطار أويل السكة طويل، وظللنا نحن في غينا القديم تنقش تنقش ساكين الشمار، كل زول يدخل قدوما، لمن (فلان) عرس فطومة. ويا طارق ما زال السكة طويل ..طويل و.. يللا يا دَقَدَقْ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى