
الاتحاد الأفريقي.. تاريخ حافل بالأزمات
محلل سياسي: الاتحاد الافريقي يواجه عقبات وتحديات كبيرة منذ تأسيسه
خبير في الشؤون الإفريقية:وجود دول ذات مواقف متوازنة من السودان يمثل فرصة لتعزيز استقلالية القرار
تقرير:أحمدقاسم
فاز وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف بمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي بعد تنافس هميم بين كينيا وجيبوتي تمثل في حشد التأييد والاستقطاب لحث الدول الأعضاء في الاتحاد على التصويت لصالح أودينغا أو علي يوسف.
وتعلقت الانظار بما ستفرج عنه نتائج التصويت في وقت تواجه فيه المنطقة العربية تحديات جسيمة من حروب ونزاعات سياسية تصدرت فيه أزمتي السودان والكونغو اولى التحديات الماثلة.
وجاء فوز وزير خارجية جيبوتي بعد 6 جولات من التصويت تمكن في نهايتها من تأمين 33 صوتا وهي كافية للفوز بالمنصب وهو ما يمثل ثلثي عدد أصوات الدول الأفريقية.
وشهدت الجولة الثالثة للتصويت على رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي 23 صوتاً لجيبوتي و20 لكينيا و6 لمدغشقر والتي غادرت لاحقا بينما انحصرت المنافسة في جولة رابعة بين جيبوتي وكينيا على رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي انتهت بفوز وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف برئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي.
وشهدت الجولة الرابعة تنافس مغربي جزائري بـ21 صوتاً لكل منهما و6 أصوات لمصر في السباق على منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي فيما فازت الجزائر بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.
سلاح الشائعات:
التنافس حول رئاسة الاتحاد الافريقي بين كينيا وجيبوتي لم يقتصر على استقطاب وحشد الدول للتصويت بين أودنغا الكيني ومحمود علي يوسف الجيبوتي بل أمتد إلى سلاح الشائعات والدعاية الإعلامية حيث تواترت انباء أن مرشح جيبوتي محمود يوسف قرر التراجع عن السباق، وهو ما كان سيشكل نقطة تحول كبيرة في المنافسة باعتباره أحد أبرز المنافسين للمرشح الكيني رايلا أودينغا.
وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف نفى وقتها خبر انسحابه من سباق رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي بالانتخابات المرتقبة، بعد انتشاره
وأكد يوسف -عبر بيان نشره على منصة إكس- أنه لا يزال مرشحا رسميا ولم ينسحب من السباق
تأثيرات خارجية:
ويرى الكاتب والمحلل السياسي نجم الدين الترابي في حديثه لموقع ( تسامح نيوز)ان الاتحاد الافريقي يواجه منذ تأسيسه العديد من العقبات وكثير من القضايا المعقدة جدا داخل القارة الإفريقية وآزاء هذا التعقيد يأتي تعقيد المشهد الافريقي نفسه نتيجة لعدم استقرار هذه القارة السمراء رغم الموارد ورغم حجم الكتلة الاقتصادية الخام التي تتمتع بها هذه القارة.
كذلك رغم المناخ المتعدد ورغم التربة وكثير من المؤهلات الاقتصادية التي تجعل من القارة الإفريقية في مصاف القارات المهمة جدا لكن نتيجة للحروب ونتيجة للتخلف الكبير الذي تعيشه القارة في مسيرتها التاريخية كذلك ما تعرضت له هذه القارة من نكبات خلال الاستعمار كذلك الحصار الذي تعرضت له من قبل العديد من الدول وما تعانيه من مشاكل تمثلت في الفقر والجوع والجهل .
ويشير نجم الدين الترابي في حديثه إلى ان الإتحاد الافريقي خلال مسيرته التاريخية يعاني من صراع كبير جدا داخل اروقته بين ارسال كوتانغي الكيني ومحمود علي يوسف وانتهى بانتخاب محمود علي يوسف.
لكن تاتي هذه الدورة ذات خصوصية كبيرة جدا خاصة فيما يتعلق بالتعقيدات التي تواجه القارة الإفريقية الآن فالاتحاد الافريقي الآن به ست دول معلقة العضوية منها جمهورية السودان بحجة الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية قبل ثلاثة اعوام فضلا عن الكثير من القضايا التي صاحبتها عملية شد وجذب بين السودان والاتحاد الافريقي بسبب عدم التنسيق.
أو لتواطؤ الرئيس السابق للاتحاد الافريقي موسى فكي مع الدعم السريع ومع مجموعة قوى الحرية والتغيير التي كانت على سدة الحكم في السودان عبر الفترة الانتقالية ، عادة الفترة الانتقالية لا تشارك فيها احزاب ولكن الاتحاد الافريقي ونتيجة للضغط الذي مورس عليه من دول اخرى رضخ إلى ذلك وهذه احدى التحديات التي تواجه عمل الاتحاد اولها عدم سلامة القرار السيادي له نتيجة لتأثيرات خارجية بسبب ضعف التمويل لقضاياه وقراراته ومشروعاته.
كذلك واحدة من القضايا عملية التأثير على القرار السياسي على الاتحاد الافريقي.
السودان رغم انه من الدول المؤثرة على منظمة الأمم الإفريقية سابقا ولكنه ظل في حالة شد وجذب لهذه المكونات نتيجة لعدم سلامة القرار الافريقي وعدم التقييم السليم للقضايا الإفريقية .
الرئيس البرهان سبق فوز جيبوتي بالرئاسة بزيارة إلى جيبوتي ووقف من خلال تلك الزيارة على مشروعات مشتركة ووصل إلى تفاهمات كبيرة جدا منها إن يحشد السودان الدعم الافريقي لجيبوتي لتكون على قمة الاتحاد وفقدت كينيا موقعها نتيجة لتذبذب علاقتها بالسودان خلال الفترة السابقة خصوصا وانها وقفت داعم للدعم السريع وداعم لمجموعة الغطاء السياسي الذي يساند الدعم السريع
ايضا واحدة من القضايا المهمة ما قدمه وزير الخارجية السوداني خلال الفترة الماضية بعودة السودان إلى موضعه الضليع في الاتحاد الافريقي.
ما تميزت به هذه القمة خطاب الامين العام للامم المتحدة إن يكون هنالك تعويض بالنسبة للقارة الإفريقية على ما اصابها من استعمار وعلى ما اصابها من عبودية من قبل الدول الاوربية ادت الى تهجير ملايين الافارقة اصبحوا مشردين ولاجئين من القارة الإفريقية.
ويعيشون في أسوأ المواقع في الدول التي يقيمون بها فبالتالي اعتراف الامين العام للامم المتحدة بضرورة إن يكون هناك تعويض هو بداية التصحيح للعلاقات الدولية كذلك بأن يكون لافريقيا مقعدين في الامم المتحدة دائمين يعتبر بداية تصحيح مسار العلاقات السياسية والقرار الدولي لان كثير من القضايا التي تناقش داخل الامم المتحدة يغيب عنها القرار الافريقي كذلك وجود الجزائر ووجود مصر خلال هذه الدورة يعتبر انتصار للإرادة العربية الافريقية الجزائر بما تمتلكه من خبرات وما تمتلكه من علاقات قوية يمكن ان يكون صمام امان بالنسبة لقرار الاتحاد الافريقي كذلك جيبوتي بما لديها من إرث كبير داخل المنظمة.
تحولات:
ويرى المحلل والخبير في شؤون القرن الافريقي عمار العركي في حديثه لموقع (تسامح نيوز) ان التغييرات التي شهدها الاتحاد الإفريقي تأتي في وقت حساس، حيث يواجه تحديات متعلقة بتأثير القوى الخارجية على قراراته وسياساته، وهو ما يجعل المرحلة القادمة اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة القادة الجدد على حماية استقلالية الاتحاد، ومنع تحول مؤسساته إلى أدوات لتنفيذ أجندات خارجية. واشار العركي إلى ان أهمية هذه التحولات تكمن في مدى قدرة السودان على توظيف هذه التغييرات لصالحه، والتصدي لأي محاولات لتسييس ملف العون الإنساني، أو استخدام المؤسسات الإفريقية كمنصات لشرعنة التدخلات الخارجية.
ويقول العركي إن تشكل التغييرات التي طرأت على قيادة الاتحاد الإفريقي في قمته الـ38 فرصة لإعادة ضبط مسار المنظمة القارية بعيدًا عن التأثيرات الخارجية التي تحاول استغلالها لخدمة أجنداتها الخاصة.
ويرى العركي إن تحولًا في التوازنات داخل المنظمة القارية، وهو تحول يمكن البناء عليه لتحقيق إصلاحات حقيقية داخل الاتحاد الإفريقي، خاصة فيما يتعلق بمواقفه تجاه القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية السودانية. فوجود شخصيات قيادية من دول ذات موقف متوازن تجاه السودان، مثل جيبوتي والجزائر، قد يمثل فرصة لتعزيز استقلالية قرارات الاتحاد الإفريقي ومنع استغلاله كأداة لتنفيذ أجندات خارجية.
وانتقد العركي ، بروز محاولات لاختراق الاتحاد الإفريقي من قِبل الإمارات، التي سعت إلى استغلال هذه القمة لعقد اجتماع حول السودان تحت غطاء الملف الإنساني، في خطوة تعكس أجندتها الساعية إلى تسييس العون الإنساني لخدمة مصالحها، رغم تورطها المباشر في تأجيج وإستمرار الحرب عبر دعمها العسكري والسياسي والاقتصادي.