تقارير

الاقتصاد السوداني.. البحث عن طوق النجاة

متابعات -تسامح نيوز

الاقتصاد السوداني.. البحث عن طوق النجاة

بعد إعلان العقوبات الامريكية :الإتجاه نحو الصين وروسيا هل هو الحل الأمثل؟

غد لؤي: بعض الدول تتخوف من امكانيات السودان والتزام السودانيين

*خبير مصرفي :الحذر من ضياع موارد الدولة من الذهب*

سيد احمد : العقوبات تؤدي إلى تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار و تزايد التضخم

 د.التجاني: لابد من عقد صفقات تجارية مع دول عديدة لتجاوز الآثار

تقرير – رحاب عبدالله

العقوبات التي فرضتها الادارة الامريكية على السودان في 22 مايو الماضي، حسب إدِّعائها، فإن بسبب إنتهاك السودان لقانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991م، على أن تبدأ هذه العقوبات بالنفاذ إعتباراً من السادس من يونيو الحالي بعد إبلاغ الكونغرس،

وتشمل حظر بعض الصادرات الأميركية إلى السودان، وفرض قيود على إمكانية الحصول على قروض من الحكومة الأمريكية وضمانات الائتمان، واتهامات رسميَّة للسودان بإنتهاك إلتزاماته وفقاً لإتفاقية الأسلحة الكيميائية..والشاهد ان هذه العقوبات ليست الأولى مع اختلاف الأسباب المزعومة، فمن قبل تم فرضها لمده 20 عاما، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه الان ماهو هو اثرها على الاقتصاد وكيفية تجاوزه.

ويؤكد خبراء اقتصاد على تأثير العقوبات على الاقتصاد لجهة انها تحظر التعاملات بالدولار الأميركي فضلا عن تجميد أصول الحكومة ومنع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان.مع حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.

واكدوا ان ما يفاقم من أثر هذه العقوبات هو وضع الاقتصاد الحالي المتأثر مسبقا بالحرب.

التأثيرات الاقتصادية المباشرة

ويقول ويقول عمر سيد أحمد خبير المصرفي ومالي وتمويل،

أن التأثيرات الاقتصادية المباشرة

تتمثل في خروج فعلي من النظام المالي العالمي

حيث لازال السودان شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع.تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية.التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.

الاقتصاد السوداني.. البحث عن طوق النجاة

ورأى ان هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.

مضيفا في مقال انه مع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى نقص حاد في الإمدادات الأساسية.تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل.توسّع الفجوة في الخدمات الصحية.

ضياع موارد الدولة من الذهب

 

وقال عمر سيد احمد في ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.

الاقتصاد السوداني.. البحث عن طوق النجاة
#image_title

تعميق أزمة سعر الصرف

ورأى عمر سيد احمد ان كل هذه التطورات تؤدي إلى تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار.تزايد التضخم المفرط.انهيار القدرة الشرائية للمواطنين.

عقد صفقات تجارية

ويقلل المستشار الاقتصادي د.أبو بكر التجاني من جدوى دعوة بعض الخبراء الاقتصاديين للحكومة السودانية للاتجاه شرقا لتفتظي تأثيرات العقوبات الامريكية على السودان على خلفية اتهامها الجيش السوداني استخدام اسلحة كيمائية في حربه ضد المليشيا .

وبرر المستشار د.ابوبكر التجاني عدم جدوى الاتجاه نحو الصين وروسيا لقوله انه طيلة فترة العقوبات الامريكية السابقة جرت عدة محاولات للتقارب والتعاون الاقتصادي مع الشرق (روسيا والصين) الا انه لم يكن لهذه المحاولات نتائج ذات أثر كبير.

الاقتصاد السوداني.. البحث عن طوق النجاة

وعزا ذلك لجهة أن هذه الدول لها مصالح مع امريكا تفوق بعشرات المرات مصالحها مع السودان وبالتالي هي ليست مستعدة لاغضاب امريكا بافشال عقوباتها على السودان ، واضاف “بمعني آخر ، أنها ممكن ان تتعاون مع السودان في حدود مصالحها منه وفي نفس الوقت احتفاظها بعلاقاتها الاقتصادية مع امريكا ،أي أن هذا التعاون لن يكون بالدرجة التي نؤمل فيها نحن مهما قدمنا من عروض.

ورأى المستشار د.التجاني أن الحل يكمن في عقد صفقات تجارية مع دول عديدة (صادرات وواردات) والاتفاق معها على طرق ووسائل محددة للدفع لتفادي العقوبات الامريكية ، شريطة ان يتزامن ذلك مع العمل على رفع مستويات انتاجية مواردنا الزراعية(نباتية وحيوانية) والمعدنية(ذهب وخلافه).

ومكافحة التهريب من خلال تقديم أسعار مجزية لكل هذه المنتجات من خلال انشاء محافظ خاصة او شركات لشراء هذه المنتجات وبالعدم من خلال التمويل بالعجز، بالاضافة لـ(طباعة النقود) و العمل على تخفيف اثاره التضخمية بواسطة حزمة اجراءات داخلية، من خلال حفز الادخار وخلافه.

واشار الى انه كلما كانت عروضنا في سوق السلع التي لدينا فيها ميزة نسبية كبيرة( الصمغ العربي وخلافه) مهيمنة على السوق العالمي او لها افضلية فيه، كلما ابتعدنا من تأثير هذه العقوبات واردف”وتاتينا الدول ركضا للتعاون معنا ورويدا رويدا امريكا نفسها سوف تأتي إلينا”.

الإستفادة من امكانيات السودان

وشدد الخبير المصرفي د.لؤي عبد المنعم بأن لا نخضع موضوع العلاقات السودانية الاميريكية للعواطف، مقرا بأن تاريخ العلاقة بين البلدين فيها شد وجذب كبير وفيه رواسب عندما نتذكرها نشعر بالاسف ان تصل العلاقات لهذا المستوى دون مبرر ،واكد ان السودان لا يشكل خطرا على أي دولة في العالم وكان يمكن أن يستفيد كل العالم من إمكانيات السودان اذا توجه نحو الاستثمار وزيادة حجم التبادل التجاري ،

عوضا عن استهدافه وتفكيكه والضغط عليه عبر الحصار والعقوبات ، الا ان لؤي اشار الى انه يبدو أن هنالك بعض الدول تتخوف من امكانيات السودان والتزام السودانيين بالاستقلالية وحرصهم على التوجه نحو العالم بقلب مفتوح بدون اي أجندة تتبناها دويلة او دولة عُظمى ،مبينا ان البعض ينظر للسودان على انه ينبغي ألا يخرج عن الطوق او يظل حبس الفتن والحروب المفتعلة الهدف منها هو تكبيل ومنعه من الاستفادة من إمكانياته ،

ورأى لؤي اذا أردنا للسودان الخروج من عنق الزجاجة ويكسر الطوق علينا بالتعامل مع الآخرين بعقلية الكاشف ألاعيبهم وليست الذي يقع في فخهم دون أن يبصر الحفر أمامه والعراقيل التي توضع أمامه في سبيل تطبيع علاقاته مع الخارج ، مضيفا انه من السهل جدا استفزاز السودان عبر بعض العقوبات والقرارات الظالمة التي يتم فيها شراء بعض المسؤلين الامريكان من حين إلى آخر ، لكنه أكد ان الأمر لا يفوت على المتخصصين والمهتمين بالشأن الخارجي ،

مؤكدا ان الحادبين على تحسين علاقات السودان بالخارج أن كانت وزارة الخارجية أو السياسيين او اهل الشأن من الاكاديمين لهم نظرة مغايرة تقوم على مد جسور التواصل مع الكيانات الداعمة للسودان في الإدارة الأمريكية فهي إدارة واسعة فمثل ما فيها مسؤلين يتم شراؤهم فيها ايضا أصحاب الضمير الحي وداعمين السودان لمواقف مبدئية ، ونوه لامكانية ان يقول البعض لم نسمع عنهم ولكن اهل الاختصاص أدرى بهم هنالك مواقف عديدة اثمرت عن عقوبات تجاه دويلة الامارات بحكم انها أكبر الداعمين لمليشيا الدعم السريع الإرهابية في السودان.

وكان يمكن نستمر في هذا الترحيب لأي قرار يضع حل لتدخل الدويلة السافر في شأن السودان وعكس كل من شأنه يعزز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والسودان، إلا أن لؤي رأى ان وجود فراغ اداري في فترة رئيس الوزراء المقبول عالميا في الفترة السابقة حال دون ان نتجه هذه الخطوات ،

مبينا ان الوضع الآن تغير لجهة انه لدى السودان رئيس وزراء كامل ادريس يتمتع بشعبية وعلاقات واسعة وينتظر منه الكثير في تصحيح المسار، ودعا لامتصاص أي حالة غضب خلال الفترة القادمة تسعى الدويلة من خلالها تضع آسفين بين السودان والولايات المتحدة الامريكية وتعكس صورة أن الشعب السوداني معادي للشعب الامريكي ةو معاديا للإدارة الامريكية الجديدة هي بلا شك تتخذ قراراتها بمعزل عن الضغوط الداخلية للدولة العميقة.

تدهور قيمة الجنيه السوداني

الخبير المصرفي وليد دليل يرى ان للحرب أكثر تأثيرا على الاقتصاد السوداني إكثر من العقوبات الامريكية، وتوقع تدهور الوضع الاقتصادي ونزول قيمة الجنيه وذلك بسبب الزيادة في الطلب على الدولار بسبب موسم الحج وعيد الأضحى، وزيادة النشاط التجاري في بعض المدن. وتوقع أيضاً أن يستمر الضغط على العملة المحلية في المستقبل القريب، خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والتوترات العسكرية في البلاد.

واشار الى أن تدهور قيمة الجنيه بدأ بشكل حاد منذ منتصف شهر أبريل 2023، وارجع التراجع الحاد الحالي في قيمة الجنيه إلى تآكل قدرات البنك المركزي على توفير احتياجات البلاد من العملة الصعبة، إضافة إلى اللجوء لطباعة الأوراق النقدية الفاقدة للسند والتغطية سواء بالعملات الصعبة أو الذهب.

مبينا ان الحرب تسببت في تداعيات كارثية للاقتصاد السوداني حيث قدرت قيمة خسائر الأصول التي دمرتها الحرب حتى الآن، ما بين 500 إلى 700 مليار دولار.

وبسبب الحرب انكمش الناتج القومي بأكثر من 40 بالمئة، وتقلصت الإيرادات العامة بنحو 80 بالمئة لتعتمد على طباعة النقود مع غياب التمويل الدولي، في ظل انهيار المصارف والمشاريع الإنتاجية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي في تمويل الإيرادات.

مضيفا انه من بين القطاعات الأكثر تضررا تبرز قطاعات الصناعة والزراعة والبنوك. وتشير التقديرات إلى فقدان القطاع الصناعي نحو 75 بالمئة من وحداته الإنتاجية، في حين فقد قطاع الخدمات 70 بالمئة من قدراته وتراجع الإنتاج الزراعي باكثر من النصف.

وإلى جانب المجهود الحربي وتدمير الترسانة العسكرية، فقد شملت خسائر الحرب بنيات أساسية مادية كالجسور والسدود وشبكات نقل الكهرباء والمياه والوقود والاتصالات والمنشآت الصحية والتعليمية والمباني العامة والقطاعات الإنتاجية والصناعية والأسواق، إضافة إلى دمار منازل وممتلكات المواطنين، وتكلفة التدهور والتلوث البيئي.

وقال “يُمكن القول إن الاقتصاد السوداني تأثر سلبيًا بشكل كبير من جراء الحرب، وهو الأمر الذي يجعل إصلاحه يتخذ مسارات عدة، أولها إنهاء الحرب بشكل كامل وإعادة الاستقرار السياسي إلى البلاد، وثانيها يعتمد على إنعاش القطاع الزراعي، إذ إن القطاع الزراعي في السودان يتمتع بإمكانات وفرص كبيرة تُمكن الاقتصاد من الانتعاش، وثالثها يتمحور في الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل الكهرباء وإمدادات المياه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى