أخبار

الاقتصاد السوداني : فرضيات الواقع تكذب الارقام.

خاص-تسامح نيوز

الاقتصاد السوداني : فرضيات الواقع تكذب الارقام.

خبير اقتصادي:الجهاز المركزي للإحصاء يفتقد لأمكانيات المسح الشامل للاسواق

خبير مصرفي: التوسع غير المدروس في الاستيراد ادى لزيادة التضخم

مسؤل سابق: تقرير التضخم صادم

تقرير:أحمدقاسم البدوي

بعد اكثر من عام أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، خلال الاسبوع المنصرم إن شهر يونيو الماضي، شهد أعلى معدل للتضخم خلال العام الحالي بنسبة قدرها 158.16٪، موضحًا أنه بلغ نسبة 155.89٪ في المناطق الحضريةو159.43٪ في المناطق الريفية.

ويعد هذا أول منشور للجهاز المركزي للإحصاء منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وبعد انهيار البنية الاقتصادية والزراعية والصناعية في عدد من الولايات .

ارتفاع سوق العقارات:

وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع نسبة التضخم لارتفاع أسعار الإيجارات السكنية خلال النصف الأول من العام الحالي ووصولها أعلى مستوى في يونيو الماضي.

وأوضح المنشور أن المتوسط العام للتضخم في عام 2021 بلغ 359.09٪، بينما بلغ في العام 2022 نسبة 138.81٪، أما العام الماضي فقد بلغ 66.62٪، مشيرًا إلى أن التضخم بلغ في النصف الأول من هذا العام 136.67٪.

اعلى نسب التضخم:

وبحسب المنشور، فقد سجلت ثماني ولايات معدلًا أعلى من المتوسط النصف سنوي لمعدل التضخم، بينما بقية الولايات كان معدلها أدنى من المتوسط.

وذكر أن أعلى مستويات التضخم بلغت 721.71 % سجلتها الولاية الشمالية تلتها ولاية كسلا بمتوسط 273.05%، ثم ولاية جنوب كردفان 251.47%، بينما سجلت ولاية الخرطوم أدنى متوسط معدل تضخم بنسبة 93.93%.

منهجية حساب التضخم:

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن اصدار الجهاز المركزي للأحصاء لتقريره في هذا الوقت امر جيد كون إن مثل هذه التقارير غابت لفترة طوال فترة الحرب لم يكن هناك تقارير عن معدل التضخم او اداء الموازنة العامة على مستوى الدولة والبنك المركزي.

واضاف الناير من خلال حديثه لـ (تسامح نيوز): ان جهاز الإحصاء هو الجهة الرسمية التي يجب ان تتوافق تقاريرها مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي15 أبريل 2023 .

موضحا انه لا يوجد خلاف حول المنهجية التي تم بها حساب معدل التضخم او المعدلات المتبعة والتي تعتبر معدلات صحيحة و معتمدة من قبل صندوق النقد والبنك الدولي ولكن الخلاف في البيانات التي يتم على ضوءها حساب معدل التضخم .

وقال دكتور الناير: إنه من المفترض ان يتم مسح شهري لكل الاسواق لاكثر (600) (700)سلعة او خدمة وقياس حجم التغيير في اسعار هذه السلع أو الخدمات.

لجهة إن الجهاز المركزي للإحصاء ليست لديه الإمكانات التي تمكنه من إجراء المسح على كل الاسواق بصورة شاملة لذلك من المهم جدا ان يكون هنالك مسحا شهريا لكل الاسواق حتى حينما يتم إدخالها وتطبيق كل المعادلات المتعارف عليها تكون النتائج صحيحة لان معدل التضخم المعلن حاليا هو اقل بكثير من المعدل الحقيقي وفقا للتراجع الكبير الذي صاحب قيمة العملة الوطنية امام العملات الاجنبية والارتفاع الكبير في الاسعار.

ويرى الناير في حديثه لـ (تسامح نيوز) إن المعالجة التي يجب ان تتم هي إن تدعم وزارة المالية الجهاز المركزي للإحصاء بتوفير الامكانات اللازمة والمعينات التي تمكنه من تغطية كل الاسواق مع العلم ان هنالك عدد من الولايات خارج دائرة المسح والحصر هناك ولايات خارج المسح بسبب الحرب مما يجعل قياس التضخم غير شاملا لكل الولايات خاصة المناطق التي بها اشتباكات.

شح الاحتياطي النقدي:

اما الخبير المصرفي الدكتور . لؤي عبدالمنعم يرى ان أسباب التضخم في الحالة السودانية لا ترجع كما يعتقد البعض إلى زيادة العرض من النقود، وبالتالي انخفاض قدرتها الشرائية فحسب، بل السبب الرئيس يعود إلى شح الاحتياطات من العملات الأجنبية، بسبب التوسع غير المدروس في الاستيراد مع تراجع او ثبات قيمة الصادرات.

واوضح دكتور . لؤي في حديثه لـ (تسامح نيوز) إنه و قبل الحرب كانت هناك عددا من الملاحظات حول دقة قياس معدَّل الزيادة في الأسعار من قبل الجهاز المركزي للإحصاء (على الصعيد النظري والتطبيقي) ، كون الاسعار في السوق حينها كانت متزايدة في الوقت الذي كان يشهد فيه مؤشر التضخم تراجعا كبيرا .

ويرى لؤي ان الجهاز المركزي للإحصاء في مصر يعتمد في قياس معدَّل الأسعار على (1000) سلعة، وخدمة مجمعة في فئات مختلفة من (10058) وحدة بيع (مصدر) في الحضر و(4337) وحدة بيع في الأرياف، بينما يعتمدالسودان على عينة يفترض محدودة أفقياً وكمياً، كما أن المؤشر الذي تم إهماله في السودان (GPD Deflator) إيجابياته أكثر من سلبياته فهو مؤشر أفضل لأنه يأخذ في الاعتبار جميع السلع والخدمات المنتجة في البلد.. بجانب ان سلة التسوُّق التي يتكوَّن منها الرقم القياسي لأسعار المستهلك لا تشمل التغييرات في عادات الشراء، مما يجعله مضللاً كما في الحالة السودانية، مشيرا إن كثير من المواطنين غيَّروا نمط استهلاكهم وفقاً للوضع الاقتصادي واستغنوا عن عدة سلع وهذا التغيير في عادات الاستهلاك ليس سلوك أفراد فقط وإنما سلوك حكومي بدوره وعليه فإن مؤشر انكماش الناتج المحلي الإجمالي يمكننا من الوقوف على حجم التغيير في السلوك الاستهلاكي الكلي من خلال اعتماده منهجية المصروفات في احتساب الناتج المحلي الإجمالي، و تعتمد منهجية المصروفات على احتساب كل مشتريات المجموعات الرئيسة التي تشارك في الاقتصاد.

تقرير صادم:

وفي وقت سابق وصف مسئول سابق بالجهاز المركزي للاحصاء تقرير التضخم بالصادم لجهة ان بيانات التضخم يتم جمعها من حوالي 645 سلعة وخدمة من مختلف الأسواق و من ولايات السودان المختلفة. متسائلا اذا كانت فروع الإحصاء في الولايات تعمل ام متعطلة بسبب الحرب .

مبينا ان الولايات ذات التضخم الأعلى كلها تقع تحت سيطرة الحكومة ،وقال هل معنى ذلك أن المعيشة في مناطق سيطرة الدعم السريع افضل من الحكومة، ام ان الزحف على مناطق سيطرة الحكومة زاد من حاجة او الطلب الذي لم تستطع الحكومة السيطرة على الاسعار في ظله ام ان هناك اسباب أخرى؟

واضاف ان التضخم العام يعتمد على الترجيح بحسب عدد السكان في كل ولاية ،فالخرطوم والجزيرة وجنوب دارفور هي الولايات المرجحة اكثر من غيرها. معنى ذلك ان هذه الولايات لم تتأثر بنزوح سكاني بسبب الحرب منبها الى ان تضخم 2024 يعتمد على اسعار 2023 وبذلك يكون التقدير ذو انحراف مركب .

ويواجه السودان منذ ١٥ابريل ظروف اقتصادية عصيبة على مستوى الآداء العام للدولة بسبب اندلاع الحرب التي ادت لاختلال كثير من الموازين مما يفرض واقعا مفتوحا على كل الاحتمالات الاقتصادية وقد اثار تقرير الجهاز المركزي للإحصاء عن معدل التضخم في البلاد العديد من التساؤلات المخيفة التي يصعب الإجابة عليها في ظل كل تلك المتغيرات التي يفرضها واقع الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى