
الحرب والكوليرا :تعددت اشكال الموت و المصير واحد
الصحة العالمية:الوضع الصحي في السودان كارثي
وزارة الصحة:2600 إصابة بملتحمة العيون في تسع ولايات
تقرير:أحمدقاسم البدوي
جاء حديث وزير وزارة الصحة الإتحادية، هيثم محمد إبراهيم، يوم الخميس الماضي من الاسبوع المنصرم عن انتشار مرض الكوليرا في السودان بمثابة إعلان صريح عن أن الامور اصبحت خارج السيطرة وبالتالي نداء لمجابهة الوباء الفتاك الذي بدء ينتشر نتيجة للسيول والامطار وتردي الوضع البيئي والصحي الذي تشهده البلاد منذ إندلاع الحرب في الرابع عشر من ابريل من العام 2023م.
حديث الوزير جاء في الاجتماع الخاص بالتطورات الصحية جراء الأمطار والفيضانات والأمراض التي ترتبت عليها والذي كان بحضور كل المعنيين على المستوى الاتحادي ووزارة الصحة بولاية كسلا ووكالات الأمم المتحدة وعدد من الخبراء.
وبحسب وزير الصحة الاتحادي، فإن الفحص المعملي للاسهالات المائية بمعمل الصحة العامة “استاك” أثبت أنها كوليرا. وقال الوزير: “بهذا نعلن أن هناك وباء كوليرا في السودان بعد غياب لأكثر من شهرين”.
وأضاف: ظهر مرض الكوليرا مجددا نتيجة للأوضاع البيئية المتردية والمياه غير الصالحة للشرب.
تحذير مبكر:
إعلان وزير الصحة لوباء الكوليرا جاء بعد شهر من التحذير الذي اطلقته منظمة الأمومة والطفولة يونسيف عن التراجع الكبير في الوضع التغذوي للأطفال والأمهات في السودان
وحذرت من تدهور الوضع التغذوي للأطفال والأمهات بشكل سريع مع احتدام الحرب في السودان، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة “لحماية جيل كامل من سوء التغذية والمرض والموت”.
وقد أظهر تحليل حديث أجرته اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية أن الأعمال العدائية المستمرة في البلاد تفاقم مسببات سوء التغذية لدى الأطفال، بما في ذلك عدم الحصول على الطعام المغذي ومياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، والتي يضاعفها جميعا النزوح الجماعي.
وأصدرت الوكالات تحذيرا صارخا من أن السودان يواجه “خطرا متزايدا لوقوع مجاعة ناجمة عن الصراع، والتي ستكون لها عواقب كارثية”.
وضع كارثي:
وعبرت منظمة الصحة العالمية شعورها بالقلق إزاء تفشي الكوليرا في السودان ووصفت الوضع الصحي في البلاد بالكارثي .
و قال مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان، إن البلاد تعاني للعام الثاني على التوالي من تفشي الكوليرا والذي تسبب في وفاة 28 شخصاً على الأقل الشهر الماضي، وذلك وسط هطول الأمطار في مناطق تكتظ بالنازحين جراء الحرب.
وأضاف شبل السحباني، أن البلاد سجلت 658 إصابة بالكوليرا في خمس ولايات منذ بداية الموجة الحالية من التفشي في يوليو، مشيرا إلى أنه مع انهيار أو دمار معظم البنية التحتية الصحية في البلاد وتقلص عدد الموظفين بسبب النزوح، توفي نحو 4.3% من المصابين، وهو معدل مرتفع مقارنة بتفشي أمراض أخرى.
وباء بكتيري:
وتعتبر الكوليرا مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث. تتسبَّب الكوليرا في الإصابة بإسهال وجفاف شديد. وإذا لم يتم علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء سابقًا.
تم القضاء فعليًّا على الكوليرا في البلدان الصناعية بواسطة الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه. ولكن ما تزال الكوليرا موجودة في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وهايتي. يرتفع خطر الإصابة بوباء الكوليرا عندما يُرغِم الفقر أو الحرب أو الكوارث الطبيعية الأشخاص على العيش في الظروف المزدحمة دون وجود مرافق الصرف الصحي الملائمة.
يمكن علاج الكوليرا بسهولة. ويمكن الوقاية من الوفاة بسبب الجفاف الشديد عن طريق استخدام محلول إمهاء بسيط وغير مكلِّف.
ويأتي إعلان انتشار الكوليرا في وقت يشهد فيه السودان تدهورا في القطاع الصحي وتوقف نحو 70 من المستشفيات في مناطق النزاع في 13 ولاية سودانية من أصل 18، جراء حرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ أبريل/ نيسان 2023. وأسفرت الحرب عن نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
ملتحمة العيون:
ولم تكن الكوليرا وحدها الوباء الذي يعاني منه السودانيين مع وطأة الحرب فقد ظهرت أثار وباء “التهاب الملتحمة الفيروسي” الذي يصيب العيون حالة من الهلع في السودان مع تزايد حالات الإصابة به يوماً بعد آخر، منذ بدء انتشاره قبل نحو شهر.
وبحسب وزارة الصحة السودانية فإن الحالات المصابة بالتهاب العيون وصلت إلى أكثر من 2600 حالة في تسع ولايات، وأن ولاية النيل الأبيض جنوب الخرطوم هي أكثر الأقاليم تأثراً، ثم الشمالية وشمال كردفان، مؤكدة أن معظم حالات التهاب العيون هي بين النازحين.
وقالت الدكتورة عفاف عبدالله في حديثها ل(لتسامح نيوز) في حوار ينشر لاحقا إن الفرق بين الالتهاب البكتيري والفيروسي أن البكتيري يكون عبارة عن افرازات صفراء إضافة إلي إحمرار في العين. أما الفيروسي اعراضه إحمرار شديد مع افرازات في شكل (دموع) مع عدم وجود أي إفرازات صفراء بالاضافة للورم والحكة.
وترى الدكتورة عفاف إن العدوى سريعة الانتشار في النوعين وعادة ما تبدأ بعين واحدة ومع سرعة العدوى تنتقل للعين التانية لتصبح العدوى في العينين والتهاب ملتحمة العين سواء كان فيروسي او بكتيري بحسب قولها ليس خطيرا للمريض وانما الخطورة تكمن في سرعة انتشاره.
وزارة الصحة اطلقت نداء استغاثة للمنظمات الدولية وطالبت بمساعدات لمجابهة الوضع الصحي الكارثي الذي تعيشه البلاد، وياتي هذا النداء في وقت تشهد فيه البلاد تصعيدا سياسيا وعسكريا في مختلف الجبهات مما يشئ بطول امد الحرب ومزيدا من المعاناة.