تقارير

الدعم السريع..بين الإنهيار والانقسام

متابعات -تسامح نيوز

*الدعم السريع..بين الإنهيار والانقسام*

*خبير قانوني:توقعات بخضوع الدعم السريع لشروط القوات المسلحة

*محلل سياسي: الدعم السريع ظاهرة سالبة منذ التكوين وحتي نهاية وجوده*

*قيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي:الجيش الوطني حسم المعركة بالقضاء على القوة الصلبة للمليشيات*

تقرير محجوب الشريف

يواجه الدعم السريع في السودان مصيرا غامضا في ظل هلاك قياداته وتزايد الانقسامات الداخلية والاشتباكات بين فصائله وكانت هذه القوات التي تشكلت في البداية كقوة شبه عسكرية لدعم النظام السابق تلعب دورا بارزا في المشهد السياسي والأمني في البلاد، وبعد تمردها على الدولة والجيش أصبحت في تحديات متزايدة ووضع مستقبلها على المحك بعد الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها أثناء الحرب.

*هلاك القيادات وانعكاساته*

لقد كان هلاك القيادات البارزة في القوات واختفاء قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن المشهد ضربة قاصمة لهذه القوات.فالقادة الذين يتمتعون بشخصية كاريزمية وقدرات تنظيمية عالية كانوا يمثلون ركيزة أساسية في الحفاظ على وحدة القوات وتوجيهها. ومع غياب هؤلاء القادة، باتت القوات تواجه صعوبة في تحديد قيادات جديدة قادرة على ملء الفراغات القيادية.

*الانقسامات الداخلية*

تعمقت الانقسامات داخل القوات بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة فالصراعات على النفوذ والسلطة بين القادة المختلفين أدت إلى انشقاقات في الصفوف واشتباكات مسلحة بين الفصائل المتنافسة هذه الانقسامات لم تؤثر فقط على قدرة القوات على العمل بشكل متماسك، بل زادت أيضا من احتمالات اندلاع نزاعات داخلية مستمرة تؤدي إلى تآكل القوة من الداخل.

*فقدان الثقة*

تعاني مليشيا الدعم السريع من فقدان الثقة بين قياداتها وأفرادها فالتناحر بين القادة والخلافات المستمرة حول الاستراتيجية والتوجهات أوجدت بيئة من الشك والتوتر هذا الفقدان للثقة أضعف قدرة القيادة على توجيه القوات وتحقيق الأهداف المشتركةكما أن القاعدة، التي تعاني من هزائم متكررة، أصبحت تشعر بالإحباط واليأس من مستقبل القوات.

*غياب القيادة العليا*

يُعتبر غياب القيادة العليا عن مسرح الأحداث تحديا كبيرا فالقادة الذين كانوا يتمتعون بالقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة وقيادة القوات في الأوقات الصعبة لم يعودوا موجودين هذا الغياب أوجد فراغا قياديا جعل القوات تواجه صعوبة في التعامل مع التحديات الحالية واتخاذ القرارات الاستراتيجية اللازمة.

*الإحباط والهزائم المتكررة*

 تعرضت المليشيا لهزائم متكررة أثرت بشكل كبير على معنويات أفرادها فالفشل في تحقيق الأهداف والخسائر البشرية والمادية المتزايدة جعلت القاعدة تشعر بالإحباط واليأس هذا الإحباط أدى إلى تزايد حالات الفرار والانشقاقات بين أفراد القوات، مما يضعف من قدرتها على الصمود في وجه التحديات.

*إضفاء الشرعية*

العميد شرطة (م) والخبير القانوني محمد ابوالقاسم قال بالنظر للوقائع التاريخية الثابتة يتضح أن الأصل في قوة الدعم السريع هي قوة مليشيا شبه عسكرية لم يتلقى أفرادها تدريبا نظاميا إستعانت بها الدولة بسبب ظروف الحرب في ولايات دارفور، وكانت تدار هذه القوة بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني وكان يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وقد أثبتت نجاحا كبيرا في عملها بولايات دارفور خاصة بعد معركة قوز دلقو الشهيرة والتي تعتبر قاصمة الظهر للحركات المتمردة في ذلك الوقت.

واردف قائلا لاحقا عملت الحكومة السودانية على إضفاء الشرعية لهذه المليشيا وتحويلها لقوة نظامية بعد صدور قانون قوات الدعم السريع الذي أجازه المجلس الوطني في الجلسة رقم ٤٣ في يناير٢٠١٧م وهو التاريخ الذي يعتبر بداية لقوة الدعم السريع كقوة نظامية معترف بها يسندها قانون صادر من السلطة التشريعية في البلاد.

و قد نص القانون على أن قوة الدعم السريع قوة عسكرية قومية التكوين تعمل تحت إمرة القائد العام وتهدف لاعلاء قيم الولاء لله والوطن ، وتتقيد بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية،وكانت هناك الكثير من الإجراءات الإدارية المتبعة لتنظيم هذه القوة والتي تمثلت في تعيين قادة لها من كبار الضباط وكان يعمل (حميدتي)تحت إمرتهم ، إضافة لالحاق ضباط من مختلف الرتب من القوات المسلحة للعمل ضمن هذه القوات ،إلا أنها ظلت محتفظة بطبيعة تكوينها وولائها لقائدها التاريخي (حميدتي)،الذي فرض نفسه قائدا مباشرا لهذه القوة وتم تعيينه رسميا كقائد.

واضاف سيادته مع تسارع الأحداث ودخول هذه القوة في مواجهة مسلحة مع القوات المسلحة السودانية وتمردها عليها أصدر رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة مرسوما بحلها، بعد أكثر من خمسة أشهر من تمردها بتاريخ ٦ سبتمبر ٢٠٢٣م ، وقد الغي ذلك المرسوم قانون قوات الدعم السريع وإعلانها قوة متمردة على سلطان الدولة،الا أن هذا المليشيا رفضت هذا المرسوم باعتبار أنه صادر من سلطة غير شرعية واستمرت في حربها ومواجهتها للقوات المسلحة.

واضاف ابوالقاسم لم تتقيد هذه القوات في حربها المعلنة مع القوات المسلحة بقواعد الإشتباك وفقا للقانون الدولي الإنساني فإستهدفت المدنيين وارتكبت العديد من جرائم الحرب المثبتة كقتل الأسرى والتمثيل بالجثث وترويع المدنيين والقتل بسبب النوع والإغتصاب والإستغلال الجنسي، والتهجير القسري، والإستيلاء على الأموال والممتلكات ،وغيرها من الجرائم التي ينبغي أن يتم التصنيف على أساسها لكل أفراد هذه القوة كمجرمي حرب ، خاصة وأن هذه القوة ثبث أنها تستعين بقوات كبيرة كمرتزقة من دول الجوار تستعين بهم لإرتكاب هذه الجرائم وتحقيق أهداف الحرب غير المعلنة.

الواقع الأن يشير إلى أن هذه المليشيا قد خارت قواها وهي في طريقها للفناء كغيرها من الميليشيات التي تحمل عوامل فنائها في داخلها ، فهي لا تملك رؤية إستراتيجية أو ثوابت تقاتل لأجلها ، إضافة للخلافات التي وصلت للقتال بين المكونات القبلية لهذه المليشيا ، وغياب القيادة من الميدان الذي جعلها تقاتل في جزر منعزلة إلى غير ذلك من العوامل التي تعجل بفنائها وزوالها.

وتوقع سيادته بأن تستسلم هذه القوات بقيادات منفصلة تعلن عن انسلاخها من المليشيا وهو ما تم أكثر من مرة وسيتواصل نتيجة للأسباب التي سبق ذكرها ،وأخيرا يتم الخضوع لشروط القوات المسلحة في تجمع ما تبقى منهم في أماكن محددة للخضوع لشروط الدمج والتسريح وفقا للقانون .

*حسم الجيش للمعركة*

القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاستاذ خالد الفحل قال لقد بدأ العد التنازلي لنهاية ما يسمى بالدعم السريع منذ اللحظة التى رفع فيها السلاح فى وجه القوات المسلحة والشعب السودانى وقد تصاعدت وتيرة السقوط الأخلاقي من خلال صحائف الاتهام التى تواجه هذه المليشيات التى ظلت تمارس ابشع الجرائم اللا انسانية ولا أخلاقية فى حق شعب متسامح منحهم القوة التي يبطشونه بها منذ تكوينه عندما كان يتبع للقوات المسلحة قبل التمرد فى أبريل ٢٠٢٣م.

واضاف الفحل بأن الجيش الوطني لقد حسم المعركة بالقضاء على القوة الصلبة للمليشيات وفناء قياداتهم من الصف الأول والثاني والثالث والان توجد عصابات ومرتزقة وكسابة ليس لهم هدف سوى السرقة والنهب والاغتصاب وتدمير البنية التحيتة.

كما ان هذه المليشيات تفتقد للسيطرة والقيادة وظلت فى حالة صدام مشترك بين بطون القبائل المكونة لها وهذا اكبر مؤشر بأنه ليس بينهم قواسم مشتركة سوى التسابق نحو ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات فى حق الشعب السودانى .

وأوضح القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي خالد الفحل بان الحقيقة الان من خلال قرآءة المشهد بأن الجيش الوطني نجح فى تفكيك هذه المليشيات والقضاء علي قيادتها الميدانية ولم يبقى سوى بعض الأصوات المعزولةوالقوى السياسية المساندة لهم التى تحاول آن تحافظ على وجودهم سياسيا لتحقيق أهدافهم فى العودة إلى المشهد السياسي من جديد.

*ضياع الفرص*

قال المحلل السياسي حاتم حسن ان ظروف السودان السياسية المحلية والاقليمية والدولية في بعض تضاريسها اسفرت عن تكوين قوات الدعم السريع محليا حيث اسندت لها عمليات سعت اليها قيادات سياسية متعاقبة حيث كانت البداية في العام 1987 باتصال الراحل الصادق المهدي رئيس الوزراء حينها بالقيادات الميدانية لجماعات قبلية مسلحة لفرض الامن والاستقرار بمناطق دارفور لجهة معرفتها بجغرافية وتضاريس المنطقة وكانت هذه بذرة تعاون الدولة الرسمي مع هذه الجماعات المسلحة تلي ذلك العديد من التقاربات بين الجماعات المسلحة والحكومات المختلفة ليصل في العام 2013 الاعتراف بها واضاف حسن بان هذه القوات تدرجت حتي اصبحت شريكة في الحكم لاحقا وعطفا علي ذلك وصلت لتصبح مؤثرة في الشأن السياسي والعسكري حتي اختلافها مع قيادة الدولة واعلنت الحرب علي الدولة في حرب مفتوحة بدعم اقليمي ودعم ورعاية دولة الامارات العربية .

ويقول الخبير والمحلل السياسي حاتم حسن بدأ التعاون مع الدعم السريع دوليا في العام 2009 من جانب الاتحاد الاوربي لمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال منع المهاجرين من الدخول للسودان كمحطة رئيسة ومنها الانطلاق عبر شواطيء المغرب العربي لاوربا وجنت من ذاك المال والدعم الفني واللوجستي وتطورت العلاقة بين الدعم السريع والاتحاد الاوربي الذي فتح الباب علي مصراعيه لها وساهم في وصولها للعديد من الهيئات والمنظمات العاملة في مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وجزم حسن ان كل هذه الفرص التي حاز عليها الدعم السريع لم تصنع منه كيان يسترشد او يتعامل مع معادلات تكونيه بما يخدم قضاياه فاصبح يترنح في الاجابة علي التساؤل الاعظم ماهي قضية الدعم السريع وماهي اغراض التأسيس وماهي خططه ووسائله لتحقيق الاهداف ليجد نفسه في دوامة من التخبط والفشل والوقوع تحت إمرة دول وكيانات لها اجندتها ليدخل في حرب عبثية فقد فيها كل شيء وادخل السودان في مأزق تاريخي باشعاله للحرب المستعرة حتي الان.

واضاف حسن بان مجمل القول بأن الدعم السريع يمثل ظاهرة سالبة من ظروف التكوين وحتي نهاية وجوده بالخسائر البشرية المتمثلة في قاداته وقواته والمادية التي حاز عليها بغير وجه حق وصرفها في غير أوجهها ويبقي الدعم السريع مثالا حيا لمقولة ان الذي لا يخطط فانه يخطط للفشل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى