الدكتور فضل الله أحمد عبدالله يكتب: المثقفون أصل الخيبات الكبيرة والهزائم والأوجاع
تسامح نيوز | الخرطوم
في السودان ما من عميل لسفارة أجنبية ، إلا وهو من المشتغلين بالإنتاج الذهني …
وما من مبعوث أممي ، إلا ولاعق حذاءه ، داعية إستنارة وتنوير .
تجد الواحد منهم أملس رخو في كل الشيء ، حتى الدين عندهم أملس رخو ، بلا أنياب ولا أسنان أمام الدخيل المحتل . ويرخون أجسامهم أمام أولياءهم عراة من كل فضيلة وقيمة ونبل سوداني .
فاشلين حتى في أدارة بيوتهم ، ونجباء في حمل ألوية وشعارات الدخيل الأجنبي والإنابة عنه في دوائر العمل العام .
نفوس منهزمه وأجسام منبطحة دائما للغرب الأروبي وأقواله ..
لا يحرمون حراما ، ولا ينكرون منكرا ، وثورة الحق ضد كل دخيل عندهم كفر …
وليس أضر على الأمة من أختلال سلم القيم أو فقدانها له بالكلية . لأن الحضارة تنشأ من مراعاة المحرمات التي تضر بالجماعة .
وجريا على ما كتبه احمد ابو فرحة على صفحته في الفيسبوك قائلا :
” بعد أن فشلت أمريكا في الصومال عام 1993 ، كان والدي يحافظ على سماع الراديو ومنها مونتي
فشلتم في الصومال ؟
قال الجنرال : ليس في الصومال مثقفين !!
تخيل ما أبسط الجواب وما أخطره !! ”
وقال أحدهم معلقا على القول أعلاه :
” نفس الشيء في أفغانستان ذاكرا قول الكاتب الأمريكي هايستينغر :
هؤلاء الأفغان لا يشاهدون التلفاز ولا يعرفون شيء عن أفلام ” رامبو ” و ” جيمس بوند ” ولهذا فهم لا يخافوننا ، فهم لا يروننا سوى دخلاء محتلين ، ويجب أن يخرجوننا مهما كلفهم الأمر ، لهذا فكل أسلحتنا وحروبنا النفسية ضدهم لا تجدي نفعا ”
وقبل خمسة عقود ونيف من عمر الزمان ، قالها ” صلاح أحمد إبراهيم ” بلجاء :
المثقفون في السودان ” لحم رأس ” وهم يمثلون الفوضى الفكرية التي في رأس السودان ” … و” الفوضى هي أن كل شيء أصبح محتملا ” كما قال الطيب صالح .
ولا عجب من أن يشهر ” صلاح ” ويشير بالبيان الفصيح ، الباذخ المعاني ،
و قد عرف عنه ، أن من أهم مكونات شخصيته ، هي ثقافة السيرة النبوية الشريفة ، ونوادر الأدب العربي ، فقد نشأ في دار ثقافة إسلامية ، وكان أبوه رحمه الله ، من أساتذة العربية والدين ، معلما شديد التقوى ، غضيض الطرف ، معروفا بذلك ، مشهودا له فيه ، وفقا لقول البروفيسور ” عبدالله الطيب ” ..
وصلاح أحمد إبراهيم ” رحمه الله وغفر له ، هو الشاعر السوداني المثقف الذي سل شعره من أخبار البطولات ، والملاحم ، والثورات والاستعمار والضيم ، إلى جوهر الروح السودانية ، في صلفها وإبائها ونعلها على جبين الشمس ..
سأله ” معاوية جمال الدين في حوار بصحيفة السياسة 2 يوليو 1986 ” قائلا له :
” الآن وأنت في هذه السن وبعد هذه التجربة . هل هناك شعور بأن ثمة أشياء جميلة قد ضاعت ؟ ” ..
أجاب قائلا :
” كنت قد سألت محمد المهدي المجذوب سؤالا قريبا من هذا السؤال .
فأجابني قائلا :
هذا مما يحسن السكوت عنه ولله عاقبة الأمور ”
فكتب ” صلاح أحمد إبراهيم ” عن ” البرجوازية الصغيرة ” عن ” مثقفوا الخرطوم ” قائلا :
تقول لي : مثقفوا الخرطوم كالصحراء لا تنبت فيها بذرة ،
أخطأت في التشبيه ، للصحراء في ماضي الزمان شاعرا ذا قلم وقدرة ،
لكنه استكان للخمول ، للذبول وأذبل شعره ، فرط في خياله ، وما الخيال للصحراء إلا الخضرة .
مثقفوا الخرطوم ، قهوة ، ونومة ، وسهرة وسكرة ،
تفحمني : حلمك يا هذا لقد أشبهته . أنت وهم في هجرة .
ويأسف صلاح أحمد إبراهيم ، معبرا عن حال المثقف السوداني وإلى أي مسافة بلغنا من التضاءل المميت بسبب نهمه لموائد الغرب الأروبي وشعاراته الزائفة ..
إنه عصر الخيبات الكبيرة والهزائم المهولة والأوجاع .