المقالات

السودان بين الحل الممكن والأمر المستحيل

فؤاد قبانى يكتب

في إنتخابات عام 1985 التي اعقبت الإنتفاضة إجتمع فتية من أبناء إتحاد جامعة القاهرة فرع الخرطوم, ووقتها قرروا إن المواطن السودانى المغلوب على أمره غائب عن الشأن السياسى طيلة ال 16 عاماً, فترة حكم مايو و هناك جيل نشأ وأدرك سن التصويت وعليه أن يصوت ويختار من يمثله فى البرلمان.

وفيهم من لم يكن متحزب أو ينتمي الي أحد الاحزاب السياسية المعروفة في ذلك الزمان ، فقرر أولئك الفتية أن يكون هناك تنوير في ندوة تشمل كل الأحزاب السودانية ووقتها كان الوطن معافى والكل يعرف حقه ومستحقه رغم العنف الذي قد يطرأ أحيانا من بعض الأحزاب والجماعات ولكنه كان محدود والمنافسة كانت بشرف .

كانت الندوة فى مدينة الأبيض و مكان قيامها ميدان الحرية وهى الندوة الوحيدة التى جمعت كل الاحزاب السودانية فى ندوة واحدة منذ الاستقلال، وحتى الآن وهذا إن دل إنما يدل على وعى الحركة الطلابية فى تلك الفترة .

ردت كل الاحزاب نحن نقبل المشاركة ولكن بعد أن نعرف من الذي سيقع عليه إختيار رئاسة الندوة وإدارة الحوار لأن الليلة خطيرة فهي الليلة الأخيرة التي يمنع بعدها الدعاية الانتخابية، وكان إختيار اؤلئك الفتية لشخصي الضعيف لرئاسة الندوة هو شرف لى وقبول وإجماع الأحزاب المشاركة على شخصى تكريم كبير لى أيضًا.

مثل الأستاذ /أحمد إبراهيم الطاهر المحامي عن حزب الجبهة القومية الاسلامية ،والأستاذ/ حسن حامد مهدي عن الحزب الإتحادي الديموقراطي ،والاستاذ /حمد الزيناري عن حزب الأمة، والأستاذ /صديق الزيلعي عن الحزب الشيوعي والأستاذ /حسن قنده عن الحزب السودانى وآخرون،،،

كان التوتر سيد الموقف والترقب والحذر يشع من عيون كل الاطراف، الكل يبحث عن كلمة أو هفوة لمن يتحدثون في المنصة والشرطة مدججة بالعصي وآليات مكافحه الشغب على أطراف ميدان الحرية بالابيض .

وبتوفيق من الله حالفني الحظ وإنتهت الندوة بسلام وتعانق الجميع ،وتقدم المتحدثون وقادة الأحزاب للمنصة لتهنئة المنصة على حُسن الإدارة وتعانق الجميع في أخاء وأدب جم وديموقراطية فريدة.

هذا هو السودان الذي نعرفه والشورى والديموقراطيه التي ننشدها.

في هذه الايام سينعقد مؤتمر القاهرة لإصلاح الشأن السوداني ومصر نعتبرها الأقرب لفهم المشكلات والمزاج السودانى وما يحيط به من مصاعب وهي حتمًا ستسعى بكل ما أوتيت من حنكة ودراية لإصلاح ذات البين بين أهل السودان والآمر السوداني يهمها فالمصير واحد والمستقبل مشترك .

يجب علينا أن نساعد أنفسنا في هذا الأمر لو أردنا خيرا لهذا البلد ونهاية لهذه الحرب اللعينة وفي رأيي هناك أطراف غيابها يؤدي الي تعقيد المشهد وفشله ولأبد من وضع النقاط فوق الحروف. أولآ مسأله ما عدا المؤتمر الوطنى من قبل الأحزاب السودانية فالمؤتمر الوطنى تربع على سدة الحكم زهاء ال30 عامًا رضينا أم أبينا.

فهو المهيمن على مفاصل الدولة ،والأمر يحتاج منا إلى حكمة وتراضى أكثر من كلمة ماعدا، والتى يمكن تخطيها كما تسعى بعض الجهات للتدخل الأممي والذى يمكن للطرف الآخر إفشاله بنفس خطة إفشال فترة د.عبدالله حمدوك.

قحت وأنا أحترم شخصيات كتيرة فيها ولى مع بعضهم صداقات إلا إنهم إصطحبوا معهم النطيحة والمتردية وتذكرنى بأحزاب الفكة فى عهد البشير وهي أصلا رضيت أم أبيت فهى جزء من هذه المشكلة إن تشددت فى الاراء الخلافية والحل بين يديها إن عملت بسياسة الأمر الواقع ومصلحة البلاد والعباد.

أما الجيش فهو اللاعب الأساسي الذى نعول عليه تقديم المصلحة العليا للبلاد والعباد وأن يتنازل عن الاشتراطات الكثيرة والتى بسببها نخسر دماء وأعراض وممتلكات فى كل يوم وفى الحديث الشريف ،لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يرآق دم إمرىء مسلم،

فعليه الجلوس مع الدعم السريع فكم عدد المدن والقرى التي هجر أهلها وكم حجم النهب والخسارة في الممتلكات والارواح والاعراض ، والتي استبيحت وهل بالضرورة لو جلس مع قادة الدعم السريع في التفاوض هل يكون لهم نفس القسمة والنصيب الذي كان لهم في السابق؟ لا اظن ذلك ولا اظنهم يستطيعوا المطالبة بأكثر من المصالح الاقتصادية والدمج فى القوات المسلحة.

ولنا فى ذلك أسوة ببلاد كثيرة تم فيها الدمج والتسريح وفق أسس وضوابط معمول بها، إذن فلنجلس ولنتحاور ولنحكم صوت العقل فينا وفي رأيي لابد أن يكون هناك عدد من الاعيان والحكماء الذين يمكن أن يساعدوا فى الوصول للحل وفي رأيي أن الحل ممكن وغيره مستحيل .

لابد أن نستمع للرأي والرأى الاخر وأن لا نجابه من يخالفنا الرأى ونوسمه بالخيانة ، وأن نسعى للحقيقة لأن فيها النجاه وصلاح الحال ،،،

والله من وراء القصد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى