المقالات

الصادق الرزيقي يكتب : وجوه العار … مقصلة العدل

FB IMG 1611230394918

اما قبل

قلنا في مقال سابق ، أن السلطة القضائية تم تلويثها وتلطيخها بروث السياسة بما لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد ، وتتحمل رئيسة القضاء مولانا نعمات عبد الله مسؤولية هذا الإنحدار و السقوط العمودي إلي القاع بالسلطة القضائية التي كانت مثلاً في الشرف والنزاهة بشرفها الباذخ وهي زاهية باستقلاليتها وبعدها عن ساس يسوس ، تتحمل رئيسة القضاء هذا الجرم الفادح بسبب تضييعها الأمانة التي حُملتها ، و خضوعها المفزع و المفجع لقوي الحرية والتغيير و نفايات الأحزاب السياسية التي أمتطت ظهر القضاء و عبثت به ومرغت سمعته بالتراب ، و بهذا التضييع و الخنوع للناشطين السياسيين ، ستُورد البلاد مورد الهلاك نتيجة للتسييس الممنهج وانهيار هذا الصرح الممرد ، و فقدان العدالة أوجب واجباتها ، و سلبها نزاهتها ، و نزعها حيادها واستقلاليتها ، وقد بدأت في تنحسر نطاقات احترامها ، إذ تتحكم فيها مجموعات حزبية و باتت تسخر لصالح الصراع السياسي ، ومشت فوق وجهها الأقدام الهمجية النجسة …
لم تعد السلطة القضائية في عهد السيدة نعمات سوي هراوة مدببة بيد الأحزاب تضرب بها يميناً وشمالاً و في كل اتجاه ، و أول ما تضربه هذه الهراوة هي قيم العدل و الانصاف و النزاهة و الحياد ، و أول من يدفع الثمن هو الوطن الذي سيفقد اهم حصن من حصونه وهو القضاء ، وكان مبرأ من كل عيب ، و ظل مصاناً من كل شبهة ، وبعيداً عن أي ظن ..
أبشع مثال سنركز عليه في هذا الزعم في العهد البئيس الراهن ، هو قضية البلاغ رقم (5650) المتعلق بمحاكمة المتهمين في ما يسمي إنقلاب يونيو 1989م ، فالقضية منذ بدايتها قضية سياسية من الدرجة الاولي ، تم التمهيد لها من قبل مجموعة سياسية نزقة بينها النائب العام الحالي ، و سُخرت لها المؤسسة العدلية خاصة النيابة العامة و القضاء ، فالنائب العام الحالي يمثل الخصم و الحكم فيها بإعتباره شاكياً في البلاغ عندما قدم اول مرة ، و عندما ولغت فيها رئيسة القضاء و بعض الأطراف المتحيزة بمواقفها السياسية ، و حُبكت مؤامرتها خارج السلطة القضائية .
جاء تشكيل المحكمة من ألد القضاة خصومة وعداء سياسياً للمتهمين ، و ذلك بمعرفة رئيسة القضاء الامر الذي يجعلها ملمة بكل التفاصيل ومبررات الطعن المقدم في القاضيين ، فهيئة المحكمة الخاصة للفصل في البلاغ صدر من عندها بعد أن أملته عليها جهات سياسية ، فأختارت في هيئة المحكمة قاضيين هما الأبعد عن العدل و النزاهة و غير متجردين من الحقد الشخصي و الغرض السياسي ، وكلها مطاعن لا يمكن التساهل معها ، و ليس هناك ما يؤهل القاضي محمد المعتز كمال و رفيقه أبداً لتولي الفصل في القضية محل الاحتجاج ، وقد إعترضت عليهما هيئة الدفاع عن المتهمين ، وهو حق قانوني ليس أمام قيادة السلطة القضائية إلا الفصل في الطلب المقدم من الدفاع و تغيير القاضيين وابعادهما ، و هما قاضيان طفحت فوق جلودهما قروح الخصومة و العداء السياسي للمتهمين ولديهما أحاديث موثقة تنزع عنها أي ثوب عدل يمكن أن يرتديانه ، فهما يلعبان في ملعب السياسة النتن ، فلا يمكنهما أن يكونا طرفاً في ساحة القضاء الحر النزيه ، فقاض مثل محمد المعتز كمال ، عضو هيئة المكمة الذي إحتج عليه الدفاع و طالب بتغييره ، كان يهتف حتي أنشرخ حلقومه بساحة الاعتصام يومئذ ولم يحترم وظيفته كقاض ومقتضياتها ، و سار في ركب القطيع السياسي فصار منه ، يتلذذ بالهتافات السياسية السمجة ، والتحريض القميء ، و يتفوه بعبارات لا تليق حتي بالسابلة ، ثم يريد ان يجلس علي كرسي القضاء و يفصل في واحدة من أهم المحاكمات السياسية في تاريخ البلاد .
لو كان قاضياً طاهر السيرة والسريرة ، مبرأ من الإنتماءات التي تطعن في نزاهته و كفاءته و حيدته ، لإطمأن له المتهمون هيئة دفاعهم ، و لو كان مشهود له بالعدل و العمل الشريف النزيه ، و إبتعاده عما يشوش علي عمله أو يشوه صورته كقاض ، لما إعترض عليه أحد ، فهو مطعون في مهنيته و تجرده ، و يخالف في هذه الحالة كل قواعد التقاضي السيلم ، هو و زميله الآخر ، لأنهما من أركان الحكم المسبق المعد أصلاً في هذه المحكمة وبسببه إعتذر القاضي السابق وتحجج بمرضه وتنحي عن المحكمة ، فهل تريد السيدة نعمات ومجموعتها السياسية المتحكمة في السلطة القاضية ان تورط القضاء السوداني في اصدار احكام جاهزة اعددتها لجنة سياسية وتنفذها هيئة محكمة الحالية ..؟ ستقف هي نفسها ومن معها ومن شيعتها أمام محكمة الشعب و التاريخ …
هؤلاء هم العار علي ثوب القضاء في السودان ، و سينشر قريباً جداً ، ( الكتاب الاسود ) لهذه الفترة الأكثر فساداً و تسييساً و إنهياراً للقضاء في بلادنا ، فالتاريخ حاضر و الشعب شاهد و لن يرحمهم و لن يغفر لهم ، و ستحمل نعمات و ( شلتها ) و تجمع ( قحت ) أوزار هذه الفترة الهوجاء الآثمة ، فكلهم معروفون و معلوماتهم مفضوحة و إجتماعاتهم مخترقة فكلهم خونة يخونون بعضهم ، و يبذلون أسرارهم للعراء ، وسيكتب التاريخ وكلنا شهود وقائع اسوأ مرحلة للعدالة في السودان وستطاردهم اللعنات أينما حلوا …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى