المقالات

الصادق محمد أحمد: حين يغيب الاتزان عن تصريحات المسؤولين.. مالك عقار نموذجا

متابعات -تسامح نيوز

الصادق محمد أحمد: حين يغيب الاتزان عن تصريحات المسؤولين.. مالك عقار نموذجا

الصادق محمد أحمد

في خضم أزمة سياسية وأمنية واقتصادية تعصف بالسودان، يحتاج الشعب إلى قيادات راشدة تتحدث بمسؤولية وتتصرف برصانة، لا إلى إنفعالات لا تليق بمقام الدولة ولا بحجم التحديات. ما صرّح به نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، في حديثه أمام وسائل الإعلام بشأن “الولد” الذي اشترى شققاً في القاهرة وتركيا، لا يرقى إلى مستوى التصريحات الرسمية، بل يمس هيبة الدولة ويسيء لمقام المنصب الذي يشغله.

في الدول التي تحترم مؤسساتها، لا تُرمى التهم على الهواء مباشرة دون دلائل أو محاسبة قانونية ، وإن وُجد فساد فالقنوات الرسمية ـ من نيابات عامة وهيئات مكافحة الفساد وأجهزة رقابة ـ هي الجهات المخوّلة بالتحقيق والمحاسبة ، أما أن يتحوّل المنبر الإعلامي إلى ساحة لتصفية الحسابات و إلقاء التُهم و الاستعراض الخطابي فذلك يخلق مناخاً من الفوضى ويضرب ما تبقى من ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.

الصادق محمد أحمد: حين يغيب الاتزان عن تصريحات المسؤولين.. مالك عقار نموذجا

ويزداد الأمر خطورة عندما تأتي هذه التصريحات في وقت يمر فيه الوطن بوضع استثنائي بالغ التعقيد، حيث تتعرض مدن مثل النهود والخوي لهجمات متكررة من الميليشيات المتمردة، ويعيش المواطنون تحت وطأة القتل الخوف والتشريد من قِبَل المليشيات المتمردة المجرمة ، ويخوض الجيش معارك مصيرية دفاعاً عن وحدة البلاد وسيادتها في الفاشر وبعض مناطق كردفان.

في ظل هذا الواقع، فإن مثل هذه التصريحات الارتجالية من مسؤولين في قمة هرم السلطة لا تخدم سوى تقويض المعنويات، وتفتح المجال للتشكيك والانقسام، مما ينعكس سلباً على المواطنين والجيش والمقاتلين والمقاومين على حد سواء.

ما يُثير القلق أكثر أن تصريحات مالك عقار ليست سابقة معزولة، بل جزء من نمط متكرر في خطابه العام، فبدلاً من أن يقدم خطاباً توحيدياً يعزز الثقة ويضع حلولاً واقعية، كثيراً ما تنزلق كلماته نحو التهكم أو الاتهام المباشر، وهو أمر غير مقبول من مسؤول في موقعه، خصوصاً في ظل ظرف وطني بالغ الدقة و الحساسية.

نائب رئيس مجلس السيادة ـ وكل مسؤول في الدولة ـ يجب أن يكون نموذجاً في الانضباط والرصانة، وأن يدرك أن كلماته لا تعبر عن رأي شخصي فحسب، بل عن مؤسسة سيادية تمثل الدولة السودانية العريقة دولة لها أُسسها وقيمها الراسخة،

الصادق محمد أحمد: حين يغيب الاتزان عن تصريحات المسؤولين.. مالك عقار نموذجا

وأنه عليه أن يلتزم بالقنوات الدستورية حين يتعلق الأمر بالفساد أو أي مخالفات أخرى، وأن يعمل على تعزيز دولة القانون لا ترسيخ نهج الفوضى الكلامية.

على السودان أن ينهض بمؤسسات قوية وقادة متزنين مؤهلين ، قادرين على العمل المؤسسي، رجال دولة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فكلما ارتقى الخطاب الرسمي إلى مستوى التحديات، كلما استعاد الناس ثقتهم بالدولة و مؤسساتها و رجالها،

أما إذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الخطر لا يكمن في “الولد” الذي اشترى شققاً، بل في الكبار الذين يسيئون لمقام الدولة وهم يظنون أنهم يحرسونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى