المقالات

الطاهر ساتي : المتفاوضون..!!

تسامح/الخرطوم

 

 

:: بالقناة العربية؛ تسألني المذيعة ذات العدسات الزرقاء؛ عن المفاوضات المرتقبةو مواقف طرفي الحرب و احتمال نجاحها ونتائجها و.. و.. كانت تسأل و أبابيل الجيش تحلق فوق بيوت الحي؛ ثم تراوغ مضادات مليشيا آل دقلو؛ ثم ترسل شُهباً..!!

 

:: أجبت على الحميراء بسؤال : (هل تسمعين هذه الأصوات؟)؛ فأكدت سماعها؛ ثم بدأت في إعادة السؤال؛ فقاطعتها : نعم؛ نعم؛ فهمتك؛ فقط أردت أن أقول بأن هذه الأصوات هي المفاوضات التي تسألين عنها؛ و باللغة التي أرادها آل دقلو – يوم ذاك الغدر – بمظان أن الجيش لايتقنها ولن يرد بمثلها؛ ثم يقف صُماً بُكماً عُمياً حتى الموت أو الأسر؛ أو كما توهمت مليشيا آل دقلو ..!!

 

:: ولأن الحميراء ذات العدسات الزرقاء كانت حريصة على الإلتزام بمحاور الحوار؛ أعادت السؤال عن مبادرتي الايغاد و السعودية الأمريكية؛ و مواقف طرفي الحرب بها و..و.. فقاطعتها : مهلاً عزيزتي؛ مهلاً؛ فالحرب في بلادنا ليست بين طرفين اختلفا على أرض حدودية أو أجندة سياسية؛ ليتفاوضا على مائدة هذه المبادرة أو تلك؛ بل هي حرب على تمرد وحدة عسكرية؛ وهدفها إنهاء التمرد بالقتل و الأسر أو الاستسلام ثم العفو الصادر عن الجيش؛ أو هذا ما يحدث في كل دول العالم..و سكتّ.. !!

 

:: و لكن الحميراء لم تسكت؛ إذ سألت عن العملية السياسية و مجراها و مرساها و…. و.. فقاطعتها : لا يا عزيزتي؛ لا؛ ممنوع خلط الأوراق و اللعب على كل الحبال؛ و لابد ان نلتزم جميعاً بقواعد اللعب؛ ليحترمنا شعبنا والشعوب الأخرى..!!.

 

:: فالعملية السياسية مسار يختلف شكلاً و مضموناً عن مسار العملية العسكرية.. ولا يجوز تغيير المسارات لتتقاطع مع بعضها ثم تتحد و تصبح (مساراً واحداً) ؛ أو كما يشتهي البعض و يسعى له سراً و جهراً.. هذا لايجوز؛ و لن يقبل به الشعب و الجيش؛ حتى لو وافق عليه البرهان في حين غفلة ( كالمعتاد) ..!!

 

:: فالعملية السياسية؛ أيتها الحميراء؛ تقودها القوى السياسية فقط؛ بمختلف تحالفاتها واختلافاتها.. وكما تعلمين؛ قبل الحرب؛ كان هناك الإطاري و غير الإطاري؛ والكتلة الديمقراطية و غير الديمقراطية؛ و التغيير الجذري و التغييرالسطحي؛ و الكيزان و الفلول و النشطاء و العملاء و آخرين ( لا في العير ولا في النفير)..وكان هناك فولكر و الثلاثية و الرباعية؛ و..و..كان هناك ( سوق أم دفسو)؛ و كان كل حزب فيه أو تحالف – او زول ساكت – يعرض بضاعته السياسية الكاسدة.. منهم من هرب بعد الحرب و منهم من ينتظر انتهاء الحرب..!!

 

:: و بعد انتهاء الحرب؛ و ميلاد سودان خال من مليشيا آل دقلو؛ ليس هناك ما يمنع الجيش و الأحزاب و فولكر و الرباعية – و الثلاثية القدها رباعي – عن العودة الى ( سوق أم دفسو)؛ ومواصلة المسار السياسي.. فالعملية السياسية مسار (مُجمّد)؛ و بعد انتهاء الحرب سوف يتم إخراجها من الثلاجة؛ لتُوضع على مائدة المفاوضات كما كانت (ساخنة).. هذا ما لاخلاف عليه أيتها الحميراء..!!

 

:: أما مسار العملية العسكرية؛ فهذا شأن خاص بالجيش و مليشيا آل دقلو؛ و ممنوع الاقتراب و غير قابل للانحراف..و أي تفاوض في هذا المسار يجب ألا تتجاوز اجندته قانون و أهداف الجيش المعلنة في البيان (رقم 1).. وكما تعلمين فان قانون جيش السودان – مثل قوانين كل جيوش العالم – يلزم الجيش بمحاربة التمرد حتى القضاء عليه؛ و هذا أهم أهداف الجيش في معارك اليوم؛ بل هو الهدف الاستراتيجي..!!

 

:: وعليه؛ لو توافقت أجندة المفاوضات المرتقبة مع أهداف الجيش؛ فليس هناك ما يمنع الجيش عن قبولها و الموافقة عليها..فالحرب – بكل مآسيها – محض وسيلة لتحقيق غاية وطنية عظمى؛ وهي القضاء على تمرد مليشيا آل دقلو..

و إن كانت هناك وسيلة أخرى – اسرع و أفضل من الحرب – لتحقيق هذه الغاية الوطنية العظمى؛ فمرحباً بها اليوم قبل الغد..!!

 

:: ولكن أي تفاوض؛ خارج إطار قانون – و أهداف – الجيش؛ غير مقبول شعبياً؛ و لن يقدم عليه الجيش؛ حتى لو وافق عليه البرهان.. وبالمناسبة؛ لو وافق البرهان – كرئيس للمجلس السيادي – على أي تفاوض لايتسق مع قانون – وأهداف – الجيش؛ فان مصيره لن يختلف عن مصير صانع مليشيا آل دقلو (البشير)؛ أو مصير من يتخذ النساء و الأطفال دروعاً و رهائناً (حميدتي) ..!!

 

:: لقد دفع الشعب و الجيش ثمناً غالياً؛ و ضحيا بالأنفس و الأموال و الثمرات.. ولا يزال الدفع مستمراً؛ و تترى التضحيات تباعاً؛ لكي لا تعود مليشيا آل دقلو؛ بحيث تكون جزءً من أية معادلة سياسية أو مؤسسة موازية لجيش الشعب.. وفي غير ذلك؛ فليتفاوض المتفاوضون..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى