الطريق الثالث – بكري المدني

مطار قبقبة -يا مثبت العقول !
قبل أيام كنت في ولاية نهر النيل وعدت وقد كتبت بقناعة متزايدة عن ضرورة إيقاف التعدين عن الذهب أهلى ورسمي وذلك لأسباب منها تزايد الآثار السالبة الظاهرة على البيئة والمجتمع نتيجة نشاط التعدين مقارنة بالنتائج الإيجابية فالناس قد أصابتها (لوثة)الذهب وهجرت الزراعة والتجارة وكل المهن بل وترك البعض الدراسة وأصبح يجري وراء الذهب دون نتائج إيجابية ملموسة على الناس والأفراد هناك تجعل من النشاط المحموم الجديد بديلا مقنعا للمهن التى ذكرت فالحال -في الغالب -هو ذات الحال مع زيادة نسبة الحكاوى الناتجة في أغلبها عن خيال خصب عن فلان وعلان الذي أصبح بين ليلة وضحاها من أثرياء الزمان !
حتى أن صحت بعض الروايات حقيقة فكم نسبة من يحصل على الذهب مقابل الكل الذي ترك كل شيء وتفرغ للحفر بحثا عن الذهب؟!
لا أريد تكرار الحديث عن الآثار السالبة الكثيرة الأخرى عن التعدين عن الذهب على البيئة والمجتمع والتى يكفي أي أثر سالب فيها لتاليف كتاب تام عن الأضرار الحالية والمستقبلية على الناس والحياة ويكفي فقط انها اضرار تصيب الصحة والأخلاق قبل المعاش والاقتصاد !
خلصت -عند العودة – الى ضرورة إيقاف التعدين عن الذهب على الأقل في هذا الوقت والاكتفاء بإستثمار الموارد الموجودة على سطح الأرض وهي كافية جدا وتزيد عن حاجة هذا الجيل مع حفظ ما في باطن الأرض للأجيال القادمة
ان في نهر النيل والشمال وعموم السودان من موارد الزراعة والرعي والإنتاج المختلط ما يغطى حاجة السودان ويفيض على الجيران والعالم أجمع وليس من الحكمة ترك ما على سطح الأرض وهو في متناول اليد والاتجاه للتعدين تحت الأرض وهو مخزون للأجيال القادمة عندما تقل موارد السطح مع استصحاب كل الآثار السالبة للتعدين ما دكر منها وما لا يخطر لا بال
بالأمس جاء في الأخبار ان السيد مبارك اردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية قد وقف مع سفراء كندا وأستراليا بالسودان على آخر العمليات الفنية لأعمال احدي الشركات الكندية بمنطقة قبقبة شمالي مدينة ابوحمد وحدث الخبر عن ارقام متوقعة للإنتاج ومشروعات وأعمال عن المسؤولية المجتمعية ووقفت طويلا على إنشاء مطار في موقع الشركة المذكورة !
ان مطار قبقبة سيكون بالضرورة لتصدير ذهب ابو حمد من السودان الى خارجه وهذا فوق الآثار المذكورة عن مضار التعدين -هذا المطار مسألة مقلقة فالسودان اليوم بلا حكومة وان كان هناك شكل للحكم فهو غير منتخب وغير مفوض شعبيا أيضا والبلد -السودان -اليوم بلا برلمان ولا مجالس تشريعية ولائية وإقليمية وهي كلها -أي بلادنا في حالة تشكل ولا أريد القول انها في حالة تفكك كذلك فإن السودان يمر اليوم بحالة سيولة أمنية وضعف في الرقابة والمتابعة لم يشهده منذ عهد الممالك وهي أوضاع مغرية لسرقة الذهب وغير الذهب من معادن الأرض الأخرى وآثارها القيمة
هنا لا تحدث عن الشمال فقط وكلنا يعلم أن ثروة المواطن السوداني من الذهب تسرق في دارفور وفي جبال النوبة وربما ان معدن الذهب في تلك المناطق اكثر مما هو عليه في الشمال وعليه أرى ضرورة تأجيل هذا النشاط على الأقل في الوقت الراهن حتى تستقيم الأوضاع وتستقر الأحوال وتكون هناك أشكال متفق عليها في مناطق السودان كلها اقاليما او مناطقا للحكم الذاتي وقيام مؤسسات منتخبة للدولة وبرلمانات مناطقية وقومية وأجهزة للقوات النظامية وقد اكتمل إصلاحها
ان دخول شركات أجنبية وانشاء مطارات في (قبقبة)او قواعد في جبال النوبة ودارفور فى الظرف الراهن هو الأمر الذي يستحق فعلا ان تقوم في مواجهته لجان للمقاومة !