المقالات

العميد شرطة (م) محمد ابوالقاسم عبدالقادر يكتب : إستهداف الشرطة

-الشرطة السودانية قوة وطنية ضاربة الجذور في تاريخ السودان فقد عرفتها ممالكه وحضاراته القديمة، وأمتد الوجود الشرطي في كل العهود والأنظمة التي عاشها السودان قديما بما فيها عهد الإستعمار الإنجليزي للسودان ، وقد كان لكل هذه الأنظمة دورها في بناء المؤسسة الشرطية وتطويرها حتى نال السودان إستقلاله ، وتكونت دولة السودان الحديثة ومؤسساتها وأنظمتها ، وكان من أقواها الشرطة السودانية بنظامها الإداري الراسخ وطبيعة تكوينها التي تعبر عن قومية السودان ونسيجه الإجتماعي ولذلك كانت الشرطة محل التقدير والإحترام والثقة في ظل كل الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان منذ أن نال إستقلاله.
– والشرطة مؤسسة قومية تقوم بمهامها وواجباتها في حياد تام تنفيذا للقوانين السارية في البلاد ، إعتمادا على نظامها الإداري والقانوني المتفرد والذي لا تجد له نظير في كل مؤسسات الدولة الأخرى العسكري منها والمدني.
– والشرطة تعي دورها تماما فهي خادمة للشعب وحامية له وعلى ذلك تدرب كل منسوبي الشرطة ، ولذلك صدر بيان المدير العام لقوات الشرطة في يوم الثلاثاء التاسع من أبريل في عام ٢٠١٩م موجها القوات بعدم التعرض للمواطنين والتجمعات السلمية في كافة ولايات السودان ، وأوضح المدير العام للشرطة بأن قواته تؤدي مهامها في حياد ومهنية تامة ، ويعتبر ذلك البيان إنحيازا من الشرطة لجانب الشعب و العمل على حمايته ..فكانت الثورة المجيدة بعد أن سارت الأجهزة الأمنية على خطى الشرطة وقالت اللجنة الأمنية كلمتها منهية عهد الإنقاذ ونظام حكمه.
– ولعله من المؤسف وبعد أن تنسم الجميع عبير الحرية ، وأخذوا يتطلعون إلى دولة السلام والعدالة ويترقبونها، تفأجأوا بأن قيادة الدولة المسئولة عن تحقيق هذه الشعارات التي رفعتها الثورة هم حملة الجوازات الأجنبية وموظفي المنظمات الدولية والأممية والذين جاءوا على عجل طارحين أجندتهم ويعملون على تنفيذ برامج تختلف تماما عن ما نادى به الثوار وبذلوا في سبيله المهج والأرواح ، ومن أجندتهم البائسة إستهداف قوة الشرطة عن طريق الفصل والإحالة دخولا من بوابة التمكين وفكفكة النظام البائد .
– والشرطة كما أسلفت تعبر عن قومية السودان ، وهي مؤسسة تشير إلى وحدة السودان الوطنية ونسيجه الإجتماعي المتماسك ، ولذلك فإن إستهدافها وإضعافها يعتبر تجاوزا لأكبر عقبة تقف أمام تفتيت السودان إلى دويلات وإنهاء لدولة ذات سيادة تمثل خطرا على مصالح دول إستعمارية وذلك لموقعها الإستراتيجي وطبيعة تكوينها وما تحويه من ثروات طبيعية متعددة .
– والمدير العام للشرطة هو عنوان الشرطة ورمزها ، وإن تحدث فحديثه محسوب ويعي ما يقول ويكون حديثه مستندا على حقائق ومعلومات وإحصاءات وليس حديثا للمجاملة ولا ترديدا لشعارات وهتافات ، ولذلك فإن حديثه دقيق ومحسوب ، فحديثه عن الحصانة حديث يصدقه الواقع العملي وقد أسيء فهمه ، وحديثه عن الحرية التي تتحول إلى فوضى في أغلب الأحيان حديث يصدقه الواقع بما نشاهده من مظاهر تسيء إلى الحرية بل وتشكل مخالفة صريحة للقانون، وحديثه عن ضرورة إصلاح القوانين التي تطلق يد الشرطة حتى يتمتع المواطن بالحرية والسلام والعدالة هو أيضا حديث يأتي في حدود مسئولياته التي تحتم عليه حسم كل مظهر إجرامي وردع كل متفلت يسعى لزعزعة الأمن والإستقرار .
– إن الصراحة والصدق والطرح الواضح الذي إتسم به حديث مدير عام الشرطة في ذلك البرنامج المشاهد في تلفزيون السودان يعد ترجمة حقيقية لفكر وهم كل شرطي ، فقد عبر المدير العام بصدق عن منسوبي الشرطة وعبر عن قدرتهم لحسم أي تفلتات أمنية، ولعل هذا الصدق والوضوح لم يعجب أدعياء الحرية فأطلقوا لأقلامهم العنان بغير هدى ولا بصيرة لينالوا من الشرطة ممثلة في مديرها العام ، وتحدثوا بغير أدب وإحترام عن رمز الشرطة وعنوانها (المدير العام) ،ولكن ما يحيرني هو صمت الشرطة وعدم ردعها لهؤلاء الجهلاء فأين الإعلام الشرطي !؟، والذي كنا نتوقع أن يخرج علينا ببيان يوضح فيه حديث المدير العام بتفصيل لا يسمح به وقت ذلك البرنامج التلفزيوني، وأين الشئون القانونيةللشرطة التي كنا نتوقع بأن تقوم بإجراءات قانونية ضد أولئك الذين أساءوا للشرطة في شخص رمزها ومديرها العام !!؟.
– فليعلم الجميع بأن الهجوم على المدير العام للشرطة ، وإنتقاد حديثه بطريقة غير موضوعية فيها الكثير من الإساءة والتجريح الشخصي ،هو هجوم على مؤسسة الشرطة وإستهداف لها وهذا بالتأكيد يعني إستهداف للأمن والسلام الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى