
المقاومة الشعبية مورد اقتصادي
في صفحة من صفحات التاريخ الناصعة ، تبرز حرب الكرامة في السودان كواحدة من أهم الصفحات التي سطرتها المقاومة الشعبية في مواجهة العدوان. تكاتف الشعب السوداني من مختلف طبقاته و أطيافه في وجه عدوٍ أراد أن يُسلب الوطن كرامته و يستحوذ على موارده.
ساهمت المقاومة الشعبية في توحيد الجهود و دعم القوات المسلحة مما يجعلنا نستعرض دور المواطنين في حماية الوطن و يُعدّ الالتزام بالخدمة العسكرية واجباً مقدساً، سواء بشكل مباشر في الجيش النظامي أو في الجيش الاحتياطي، و مُهمًا للغاية. فهو يدل على الولاء للوطن والاستعداد للتضحية لحمايته ويجب رفع نسبة نشر الوعي حول أهمية الأمن الوطني ودعم الجهود الوطنية لحماية الوطن من التهديدات.
سنتاول في هذه المساحة جانب اخر للمقاومة الشعبية أو (الجيش الاحتياطي) ونسلط الضوء على نماذج عالمية في كيفية الاستفادة من المقاومة الشعبية اقتصاديا ومن امثلة الاصطفاف الشعبي لدفاع عن وطنه ثورة 1917 أثبتت مقاومة الشعب الروسي أهمية المشاركة الشعبية في حماية الوطن.و حرب الاستقلال الجزائرية التي أظهرت مقاومة الشعب الجزائرية أهمية الروح الوطنية في تحقيق الاستقلال.
يركز الكثيرون على دور الجيش في حماية الوطن من التهديدات الخارجية، غالباً ما يتم تجاهل القدرات الهائلة التي يمكن أن يقدمها الجيش الاحتياطي في مجالات مختلفة، بدءًا من بناء البنية التحتية وصولاً إلى توفير فرص العمل وتعزيز المهارات ويشارك في بناء الطرق، الجسور، والمرافق العامة، و يعزز من الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل.
للاستفادة من المقاومة الشعبية او( الجيش الاحتياطي ) وليصبح أداة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال التدريب،و المشاركة في المشاريع، والاستجابة للكوارث. هذه النماذج والإحصائيات توضح كيف يمكن للدول الاستفادة من هذه القوة.
في الولايات المتحدة تم في عام 2024، تخصيص حوالي 22.7 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية التي تشمل مشاركة الجيش الاحتياطي تشير التقارير إلى أن 70% من أفراد الجيش الاحتياطي يحصلون على تدريب في مهارات مدنية. تُعد الولايات المتحدة مثالاً بارزًا على الاستفادة من الجيش الاحتياطي في التنمية الاقتصادية من خلال استخدام الجيش الاحتياطي في مشاريع البنية التحتية، مثل بناء الطرق والجسور، و تقديم المساعدة في حالات الكوارث الطبيعية. كما يتم تدريب أفراد الجيش الاحتياطي على مهارات مدنية، مثل إدارة الأعمال و التكنولوجيا.
يُعتبر الجيش الاحتياطي الإسرائيلي جزءًا أساسيًا من الاقتصاد، حيث يساهم في حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي من خلال المشاريع التنموية. تعتمد إسرائيل على جيش احتياطي قوي، والذي يتم استخدامه في مهام الأمن و التنمية الاقتصادية. يتم تدريب أفراد الجيش الاحتياطي على مهارات قتالية و مهارات مدنية، مما يسمح لهم بالمشاركة في مشاريع البنية التحتية و التنمية الزراعية. كذألك في السويد يتم تدريب 80% من أفراد الجيش الاحتياطي على مهارات مدنية، مما يسهل عليهم الاندماج في سوق العمل بعد الخدمة.
إن المقاومة الشعبية ( الجيش الاحتياطي ) تلعب دورًا حاسمًا في الاستجابة للأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية، مما يساعد على تقليل الأثر السلبي على الاقتصاد يجب إعادة النظر في دور المقاومة الشعبية وتوسيع نطاقها ليشمل مهام التنمية الاقتصادية. حيث تتزايد التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أصبح البحث عن طرق جديدة وفعالة لتحقيق التنمية المستدامة أمراً ضرورياً. وضمن هذه الأطر، يبرز الجيش الاحتياطي ( المقاومة الشعبية ) كقوة قابلة للتحويل إلى رافعة قوية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية.
خصوصاً هذه القوة من المواطنين تلقوا التدريب العسكري الذي يزود الأفراد بمهارات مفيدة في مجالات مختلفة مثل:
• إدارة الوقت
• العمل الجماعي
• حل المشكلات
• مهارات القيادة
• التأهيل للوظائف
علي الدولة تبني نموذج المقاومة الشعبية و الاستفادة من الجيش الاحتياطي كأداة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية. وتسخير الطاقة البشرية في إعادة الاعمار وتوفير فرص عمل وزيادة دخل الفرد ومحاربة البطالة ورفع الانتماء الوطنى لدى الافراد كذلك محاربة الاستقطاب الحاد ضد الوطن كل ذلك اذا تمت رعاية الدولة رعاية كافية للمقاومة الشعبية .
لقد اثبت الحرب من الضروري عسكرة الاقتصاد بتوجيه الاقتصاد نحو بناء الصناعات الحربية
كوسيلة لمواجهة الأزمات الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة لمواجهة البطالة. ففي سبعينات القرن العشرين كان يعمل في الصناعات الحربية والخدمات التابعة لها أكثر من 30 مليون شخص في الدول الرأسمالية الصناعية ومجموعة البلدان التابعة لها ولم يكن عدد العاملين في دول المعسكر الاشتراكي والدول التابعة لها، أقل من هذا العدد إضافة إلى عدد القوات المسلحة الذي يصل إلى أكثر من عشرة ملايين شخص في كل من المعسكرين.
فالاقتصاد العسكري الإسرائيلي يعد نموذج في انعاش الإنتاج الحربي في مجمل الناتج القومي الإجمالي و الصناعات الحربية الإسرائيلية تسهم إسهاماً كبيراً في توازن الميزان التجاري إذ تزيد الصادرات العسكرية على 25% من قيمة إجمالي الصادرات وتستوعب هذه الصناعات أكثر من 25% من قوة العمل . وتشير الإحصائيات أن أكثر من 50 ألف مستنفر شارك فى حرب الكرامة بمختلف التخصصات والمهن والحرف يعد قوة بشرية جاهزة للاستفادة منها فى عملية إعادة الإعمار كما يجب علينا حصر وتصنيف هذا المورد البشري ليسهل استخدامة فى المرحلة القادمة