المقالات

المليشيا المتمردة تترنح: مؤشرات الانهيار الداخلي وتداعياته على مسار الحرب

متابعات – تسامح نيوز

المليشيا المتمردة تترنح: مؤشرات الانهيار الداخلي وتداعياته على مسار الحرب

عمار العركي

▪️تفيد المعلومات الواردة من داخل المليشيا المتمردة أن الأخيرة تواجه أزمة خانقة تتفاقم على المستويين المالي والأمني، في وقتٍ بدأت فيه ملامح التفكك الداخلي والتصدع القيادي تتجلى بوضوح غير مسبوق. وبين تدهور في الرواتب، واحتقان في الصفوف، وخوف يتسلل إلى هرم القيادة، تبدو المليشيا وكأنها تقاتل اليوم ليس من أجل السيطرة، بل من أجل البقاء.

 المال يذهب من حيث أتى… والمليشيا ترتجف

▪️في جسمٍ لا تحكمه العقيدة ولا يربطه مشروع وطني، يُصبح المال الحرام هو المحرك الوحيد. وتأخر الرواتب لأكثر من عشرة أيام، وفقًا للأنباء المتواترة، أحدث اضطرابًا في صفوف المليشيا المتمردة، وأدى إلى تفشٍ واسع لحالات الهروب من الجبهات، وظهور لافت لحوادث بيع الأسلحة في الأسواق.

المليشيا المتمردة تترنح: مؤشرات الانهيار الداخلي وتداعياته على مسار الحرب

▪️لكن الأمر لا يقف عند حدود تأخير في الدفع، بل يعكس تآكلًا في قدرة المليشيا على إدارة مواردها المالية، نتيجة لتعثر التمويل من الدولة الراعية وشريان المال الرئيسي.، اضافة للديون المتراكمة بفعل صفقات تسليح مكلفة وغير منتجة، أبرزها شراء طائرات مسيّرة من أوكرانيا.، مع غياب بنية اقتصادية داخلية أو موارد ثابتة تدعم استمراريتها.

الـدلالة الاستـراتيـجيـة:

▪️كلما تأخر المال، تهاوت المليشيا المأجورة، فالمقاتل المأجور بلا راتب لا يقاتل ….بل يفرّ.

 ▪️رغم العجز المالي، تفيد التقارير أن توريد الطائرات المسيّرة من “أوكرانيا” لا يزال مستمرًا، ليس دعمًا سياسيًا، بل لأهداف تجارية خالصة. فالحرب باتت كحقل تحارب حي ومجاني لتسويق الأسلحة أمام تنظيمات متطرفة وتشكيلات مرتزقة في إفريقيا وآسيا.

▪️هنا تصبح المليشيا المتمردة منصة عرض مأجورة، تخدم أجندات الشركات وتجار الدم والسلاح، فيما السودان يدفع الثمن من أمنه واستقراره وموارده.

المليشيا المتمردة تترنح: مؤشرات الانهيار الداخلي وتداعياته على مسار الحرب

البعـــد الأخطـــر:

▪️أن هذه المليشيا المتمردة لم تعد حتى تملك أمر نفسها، بل أضحت ذراعًا وظيفية مأجورة لصراعات عابرة للحدود، ومنصة لمن لا يريد أن يظهر باسمه الصريح.

القيادة تهرب من قواعدها… إلى المرتزقة

▪️من أبرز التطورات التي تعكس عمق الأزمة، أن قائدًا ثاني المليشيا المتمردة عبدالرحيم دقلو قام بتأمين موكبه الخاص بنظام دفاع متطور فرنسي الصنع، وتحصّن بحماية نخبوية من مقاتلي عشيرته والمرتزقة الأجانب، خوفًا من الاغتيال أو التمرد الداخلي.

الدلالة البالغة الخطورة:

▪️انعدام الثقة داخل صفوف المليشيا.ث و تحوّل الخطر من العدو إلى الحليف، وسط حالة من الذعر في قمة القيادة، تعني اقتراب انفجار داخلي، أو انقسام ميداني.

 المليشيا بلا حــرب وانتهاكات… تـختنــق

▪️في بنيتها الحالية، لا تعيش المليشيا المتمردة إلا على استمرار الحرب، فهي تنهب لتبقى.، تقاتل لتحصل على المال، وتنهار إذا توقفت المعركة.

توقف الاستعواض بالنهب والسلب أو مزيد من تعثر التمويل، يعني ببساطة بدء هجرة جماعية للمقاتلين المرتزقة إلى دول الجوار الإفريقي، بحثًا عن ساحات جديدة للارتزاق. وهذا يعيد التأكيد على أن المليشيا ليست أكثر من تجمع عابر للمقاتلين المرتزقة، بلا مشروع أو هوية أو التزام.

 الدولة السودانية أمام لحظة استراتيجية

▪️كل هذه التصدعات في جسم المليشيا المتمردة تمثل فرصة نادرة في مسار الحرب، إذا ما تم توظيفها بذكاء استراتيجي في ثلاثة مسارات متزامنة:

1. تعزيز التفوق الميداني في ظل انهيار معنويات العدو.

2. توسيع الحرب النفسية والإعلامية لفضح حقيقة المرتزقة أمام أنصارهم.

3. توجيه الضغط نحو الداعمين الإقليميين والدوليين من خلال كشف تورطهم الأخلاقي في دعم كيان بات فاقدًا للسيطرة والأهلية.

خـــلاصــة الــقــول ومـنـتـهــاه:

▪️المليشيا المتمردة لا تنهار تحت ضغط نيران الجيش فقط، بل تتفكك ذاتيًا من الداخل، حيث لم يعد المال كافيًا، ولا الثقة موجودة، ولا القيادة آمنة، ولا القتال مجديًا، إنها تهوي من الداخل… وتحترق بصمت، وكل ما تحتاجه الدولة السودانية الآن، هو دفعها قليلًا لتسقط كليًا.

أوكرانيا.. شريك مفاجئ في نزيف السودان

 

* رغم الأزمة المالية، تواصل أوكرانيا تزويد المليشيا المتمردة بمسيّرات هجومية متطورة، في ما يبدو أنه صفقة مبنية على تواطؤ وليس تجارة فقط. فالمليشيا باتت تُستخدم كميدان حي لتجريب وتسويق السلاح الأوكراني، حتى لو كان ذلك على حساب المدنيين السودانيين.

 أوكرانيا، التي تطالب العالم باحترام سيادتها، تنتهك سيادة السودان عبر تسليح مليشيا خارجة عن القانون.

* هذا الدعم، وإن كان معلنًا، يخالف معايير القانون الدولي ويكشف عن وجه جديد للدور الأوكراني في إفريقيا: تصدير الفوضى لترويج السلاح، ولو عبر تنظيمات متهمة بالإرهاب والارتزاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى