
المهندس مجذوب هاشم يكتب: لماذا رفض برهان الاسلاميين؟
م. مجذوب هاشم.
مما لاشك فيه أن هذه الحرب قد طالت كل مكونات المجتمع السوداني بلا استثناء ما دفع جميع مكونات المجتمع المدني الانخراط في صفوف الدعم للقوات المسلحة و القتال معها في خندق واحد و كان في مقدمتهم المنتمين للتيار الاسلامي شأنهم كشأن كل سوداني رافض للظلم و رافض لممارسات مليشيا الجنجويد.
و لم تكن هذه المواقف للمزايده او للتكسب السياسي انما كانت مواقف يمليها الضمير الديني و الاخلاقي علي المستوي الفردي و ان تحولت بعد ذلك لعمل جماعي انخرطت فيه جموع الشعب السوداني دون ادني تصنيف سياسي او عقائدي او إثني لنجد نفسنا امام اكبر التفاف شعبي يتم حول المؤسسة العسكرية من اجل مساندتها في حربها و حرب الشعب السوداني ضد مليشيات الجنجويد
في اخر حديث للبرهان في خطابه تحدث بحده عن دور االاسلاميين في الحرب و مشاركتهم و اظهر الرجل صراحة في حديثه حول التكسب من المواقف او دعم القوات المسلحة و القتال معها ليتحول ذلك الي ميزه او مشاركة في السلطة في اليوم التالي للحرب و للبرهان اسباب واقعية و منطقية اذا لماذا يعترض البرهان على وجود المؤتمر الوطني في مشهد اليوم التالي للحرب ؟
المتابع في الفتره السابقة لمواقف المجتمع الدولي من التنظيمات الاسلامية يجد انها سلبية تجاههم و تتسم بالعداء و يجتمع العالم بأثره لمحاربتهم حتي دولة الامارات تبرر دعمها لهذه المليشيا بدعاوي محاربة الارهاب و التنظيمات الاسلامية حتي الولايات المتحده الامريكية و المجتمع الدولي يغضون الطرف عن دور الامارات في هذه الحرب بسبب تعاون الامارات و مشاركتها معهم في محاربة الارهاب.
لذلك نجد ان موقف البرهان من مشاركة المؤتمر الوطني في السلطة كان موقفا جيداً بناءا علي المعطيات الخارجية للمعادلة و المتمثلة في انه ليس للاسلاميين في الوقت الحالي صليح او حليف استراتيجي و كل العالم ضدهم و ليس لهم حلفاء يمكن التعويل عليهم لذلك يري البرهان ان تحالفه معهم يقوده الي عزلة جديدة و ربما تطاله العقوبات الشخصية و عقوبات للسودان ككل .
و كان له في نموزج البشير أسوة حسنه حيث دفع البشير ثمن تحالفه مع الاسلاميين عزلة و عقوبات و تقييد في الحركة و تقيد للتجارة و الاقتصاد بالاضافة لعدم الاستفادة من اموال التنظيمات و المؤسسات الدوليه المعنية بدعم و تطوير دول العالم الثالث لذلك يري البرهان ان هذا التحالف خاسر و لن يجني منه ادني استفادة لا علي المستوي الشخصي و لا علي مستوي الدولة.
لذا نجد ان نبرة التصريحات كانت حادة لتصل الرسالة بحذافيرها للاسلاميين في الداخل و لتصل ايضاً للمجتمع الدولي و الخارج و يبدو انها قد وصلت للمعنين بها و كان عدد مقدر من السياسين الداعمين للمليشيا و قادتها يرددون و يصورون للعالم الخارجي بأن القوات المسلحة مختطفة من قبل الاسلاميين و لا تملك مؤسسة الجيش قرارها و تأتمر بأمرهم و تنتهي بنهيهم و هذا الخطاب تبناه عدد كبير من الناشطين و السياسين و هذا الخطاب كان وراء هذه الرسالة التي اتسمت بالحدة و كانت موجهة للداخل و الخارج علي حدٍ سواء
لايستطيع احد ان ينكر ان بلدنا في حاجة ماسة للمجتمع الدولي خاصة بعد نهاية الحرب التي اقتربت من اجل اعادة الاعمار و جلب حقوق الشعب السوداني و تحقيق النهضة و هذا لن يتحقق الا اذا ابتعد الاسلاميين عن السلطةو عن المشهد السياسي خاصة في الفترة الانتقالية وذلك عطفا علي تاريخهم و مشاركتهم في ايواء التنظيمات الارهابية و سجلهم الذي يحوي عدد من الحوادث المنسوبة اليهم و العلاقات المتوترة بالعالم الخارجي و عليهم الاستعداد للانتخابات هم و القوي السياسية الاخري و حديث البرهان و المقصود منه أن مسأله الحكم في الفترة الانتقالية لن تخضع للترضيات او التوازنات السياسية و لا يمكن ان تستخدم الفترة الانتقالية من اي تنظيم او كيان مطيه لتعزيز الادوات السياسية عبر السلطة و لن يسمح بذلك كما حدث سابقاً في الفتره الانتقالية السابقة
على الاسلاميين و القوى السياسية الأخرى التحلي بالصبر و تقديم مصلحة السودان علي المصالح الشخصية والحزبية و اعداد وثيقة دستورية جديدة تؤسس للفترة الانتقالية و من بعدها الاعلان الدستوري الذي يعبر عن كل السودانيين و التجهيز للانتخابات غير هذا ،لن يجد جميعهم فرصة او سبيل للحكم وسيكون البرهان هو الرئيس المطلق شئتم ام أبيتم.
و تكون الدولة اتعسكرت لثلاثة او اربعة عقود قادمة وهذه هي الاسباب التي قادتنا للحرب الحاليه التجاذب السياسي و محاوله اختطاف الفترة الانتقالية من بعض الكيانات و الاقصاء المتعمد لبعض الكيانات لابد للقوي السياسية استصحاب تجربتها في الانتقاليه السابقه و البناء عليها لتجنب الاخطاء و اعداد ما يمكن التوافق عليه للاجابة علي اسئلة كيف يحكم السودان و من يحكم السودان.
و تعتبر هذه فرصه و حديث ايجابي من البرهان كما وصفه معظم المعلقين من القوي السياسية الاخري المنتمية لتقدم و هذا ما جعلنا نستبشر خيرا و نبني آمال عراض بعد ان كادت تتبخر آمالنا في بناء سودان يعبر عن اشواقنا و اشواق كل السودانيين فالروشتة التي قدمها البرهان تعتبر عربون صداقة وخطب ود تقدم للانضمام لتشكيل ملامح اليوم التالي للحرب و التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يقف علي مسافة واحدة من كل السودانين.
و اعتقد ان هذه المخرجات لن تكون بعيدة عن ما تم التوافق عليه بإجتماعات القوي المدنية بجنيڤ اذا لم تكن امتدادا لها ، فنبرة حديث الرجل هذه المرة جادة بخلاف المرات السابقه التي كان يظهر فيها خلاف ما يبطن و عبر هذه الاجراءات سيجد لأسمه مكاناً في صفحات تاريخ السودان الحديث اذا ما تحقق ذلك و تمت عمليه انتقال السلطة و تسليمها بصوره سلسة
الجميع يعلم بأن التحدي كبير وعلى مختلف القوى السياسية النظر بعين الاعتبار للشعب الذي انتهكت اعراضه و نهب و سلب و اغتصبت حرائره و دفع فاتورة حل مليشيا الجنجويد من ممتلكاته و امنه و استقراره و هذه الحرب مراراتها طالت كل الشعب لذلك علينا ترك الماضي و ترتيب مستقبل خالي من الحروب عبر التنافس الشريف و المناخ الديمقراطي و التأسيس لنظام ديمقراطي يستند عليه حكم السودان في السنين القادمة فالشعب ما زال ينتظر من جميع من هم في المشهد بدون استثناء عسكريين و سياسيين و تنظيمات مدنيه اخري ما زال ينتظر منكم هذا الشعب الكثير لتقدموه دون قيد او شرط و نسأل الله ان تكون هذه الحرب مدخلا للتأسيس لدوله السودان التي نتمناها فما ينتظركم من تحديات اكبر من مطامع سلطه او مال و لهذا الشعب عليكم حق و (الناس تعاين لي قدام ما تعاين تحت رجولها)