
الموسيقار حسام عبد السلام يكتب: جيشنا يشرفنا
الموسيقار حسام عبد السلام.
أمبارح وأنا راجع من بورسودان على أمدرمان ركبوا معاي إتنين عساكر جيش من شندي . طبعا سهلوا علي موضوع المسائلة في الإرتكازات على طول طريق شندي بحري.
الموقف الأول :
الساعة حداشر ونص مساء وصلنا إرتكاز كبري الحلفايا .. العسكري المسؤول رفض يخلينا نعدي الكبري لأنو أنا كنت شايل معاي الكمنجة والجيتار والأورغن مع أغراض شخصية تانية ، وقال للعساكر المعاي إنتو إتفضلو أمشوا ، وقال لي إنت لازم تبيت معانا هنا والصباح ترجع تعمل إجراءات معينة في مكان إسمو مكتب السيطرة.
العساكر الكانوا معاي في العربية حاولوا يتوسطوا لي، لكن العسكري المسؤول رفض بأسلوب حازم ومهني ، طبعا أنا إتبسطت جدا من الموقف ده وقلت ليهو تمام يازول ، لا يصح إلا الصحيح ( لأنو ببساطة حسيت بحرص منهم على حفظ ممتلكات المواطنين).
ركنت العربية على طرف الشارع ورجعت الكرسي إستعدادا للنوم ، بعد شوية، واحد من العساكر جاب لي مرتبة وبطانية ، وقال لي ديل أريح ليك ، تاااني جا واحد جاب لي مخدة ، وقال لي لو محتاج تشحن تلفونك أنا عندي power bank ، ( الموضوع ما عندو أي علاقة بإنو عشان أنا فلان ولا علان ، أساسا ما فيهم زول بيعرفني ذاتو) ، الموضوع كان تعامل محترم من عساكر مع مواطن مدني عادي.
الموقف التاني :
الصباح رجعت مكتب السيطرة في الحلفايا وقفت في الصف مع مجموعة من المواطنين في إنتظار الإجراء ، جاء واحد عسكري ومعاهو مواطن قريبو تقريبا حاول يخش طواالي قبل الناس… في واحد ضابط مسؤول شافو قام قال ليهو يازول رجع زولك ده الصف مع الناس . صراحة ده كان تصرف يفتح النفس من الضابط المسؤول ده .
الموقف التالت :
دخلت لضابط آخر مسؤول من التصاريح ؛ لقيت قدامي برضو في عسكري بيعمل في إجراءات عشان شايل برضو عفش قال بتاع أسرتو من الدروشاب ، لاحظت أسئلة وإستجواب الضابط للعسكري للتأكد من ملكية العفش كانت بكل صرامة وحزم ومهنية.
دي ممكن تكون مواقف عادية وطبيعية ، لكن بأمانة في ظروفنا دي مع تفشي المحسوبية والوساطة والإنتهاكات والإستغلال للآخرين وعدم إحترام قيمة الإنسان ، حتى في الخدمة المدنية ، دي مواقف خلتني مبسوط و حسيت بشعور جميل ومريح، لأنها أكدت لي تماماً قناعاتي بأنو نحن قواتنا المسلحة دي مؤسسة في أصلها فيها قدر كبير جدا من الضبط والربط وعندها أخلاقيات أصيلة مستمدة من أخلاقيات الشعب السوداني السمحة.
نعم هناك تجاوزات وإنتهاكات لكرامة المواطنين وتعدي على حقوقهم ، لكنها بكل تأكيد تجاوزات فردية من ضعاف النفوس من الضباط والجنود ولا تمثل عقيدة المؤسسة ككل ، لكنها بكل تأكيد تصرفات تؤثر على سمعة الجيش وتنطبق عليهم المقولة المشهورة في ثقافة العسكريين ( الشر يعم والخير يخص ) ؛ لذلك ياريت يكون في حزم وحسم لضعاف النفوس وسط العساكر لأنو غلطة الشاطر بألف .
المهم .. شكراا لجنود الوطن الشرفاء على تحملهم المسؤولية إتجاهنا بكل صدق وأمانة و مهنية. أنا كمواطن بستشعر قيمتي عندكم في تفاصيل صغيرة زي دي لكنها كبيرة في معناها وبتأثر فيني أكتر من أي خطاب حماسي.
سبحان الله دخلت أمدرمان وأنا مليان بالشعور السمح ده ، لقيت قدامي في الشارع صورة أستاذي عركي ومكتوب عليها :كل زول بيحمل رسالة أمينة صادقة بعيد مداها .. بعرف التاريخ بيحسب كل خطواتو المشاها .. والحدود الفاصلة هي يبقى عندنا مسؤولية.
بالمناسبة كمان بإذن الله نبدأ في أداء مسؤوليتنا في خدمة مستشفيات الأطفال في أمدرمان عبر مطبخ پروماتيك.
حسام عبدالسلام.
الأربعاء 19 فبراير 2025