المقالات

الهادي السيدعثمان : متلازمة الصمم …في محاكم الامم

الخرطوم- تسامح نيوز

لاتزال الأمم جميعها تطبق شفاهها عن الظلم الذي حاق ويحيق بالسودان وأهله؛ من جرائم بشعة تدمره وتطمس هويته وتمحو أثره من الوجود، ثم لحقت به غزة فكان الأمر أسوأ والجريمة أبشع وآلة الحرب الإسرائيلية تحصد أهلها حصدا، والعالم يشاهد ذلك ببلاهة وجمود،

وحتى عندما تحرك متمثلا في ما يسمى ب (الجمعية العامة للأمم المتحدة المزعومة) سخرت منه دويلة إسرائيل شيطان القرن، بل إساءت إليه ووصفته بأقزع الأوصاف، ووصمت رئيسها بالجهل، وعصت وأبت أن تنفذ شيئا من مخرجات اجتماعاتها، واجتماعات مجلس الأمن،

فكشف اتحاد الأمم المزعوم ومجلسه عن ساق عرجاء مليئة بالعوار والدمامل، وعجز عن أبسط وأضعف مانيط به من صلاحيات، ولا يخفى على ذي بلادة وغباء أن هذا المجلس يفتقد إلى ممارسة سلطانه، وتنفيذ أحكامه، فأصبح لا يمثل الا نفسه ولا يؤدي للأمم أي نفع ولا يدفع عنها أي ظلم، وتصدق عليه عبارة (مجلس الأمر) أمر الدول التي نفخت فيه روحها وأمسكت بتلابيب وجوده، وعلى رأسها أمريكا، فهي التي تملي عليه ماتريد، وترسم لكل دولة وجمعية وكيان دوره الذي يجب أن يلعبه، في خداع واستهبال على شعوب العالم،

حتى التي تعنى بحقوق الإنسان وما هي بحقوق الإنسان راعية ولا معنية إلا ما ترمي به تفضلا منها، ثم تأخذه منها أضعافاً وإضعافاً، وأصدق مثال على مانقول؛ بركان الغضب الذي انفجر لما أصيبت قوات اليونفيل باعتداء إسرائيل عليها، وما اليونفيل إلا بشر كمثل الذين يقتلون دون رأفة ولا رحمة، هم وأطفالهم ونساؤهم، في استئصال محموم، ومن لم تقتله براثن الدروع قتلته براثن الجوع،

واليونيفيل قوات سخرت (ادعاءً) لحماية البشر، وعدم التعدي عليهم فإلى أي حد وصل ما وصل إليه عالمنا اليوم من ظلم ظل يخيم عليه وخص به بأنواعه كل الدول النامية، والشيء المحزن بحق؛ أن الدول النامية نفسها صار بعضها يساهم في الظلم بكل ما تمتلكه من جهالة وعدم إدراك، لما سيأتي عليها ما حدث ويحدث لبعضها اليوم،

وهي تتعاون مع من يطمع في الثور الأبيض، ثم يأتي دورها بعد حين، وتجد نفسها ثورا أسود، وقد شمل ذلك الأمر تعاضد الدول العربية والتي صارت هي، وبكل اسف، في مقدمة من ظلم ويظلم، وقد كانت بألامس القريب تستشيط غضباً وتثور وترفع صوتها جهراً على كل من يعتدي على بعضها، وكثيراً ما تعاونت مع بعضها- قولاً فعلاً – لردع المعتدي،

وها هي اليوم تكمم أفواهها، وتتوقى وتتقوقع في صمت لا يدعو لحيرة من يفهم سبب ذلك بحسب ما يراه من حكام أغراهم المال وحب السلطة والحرص على كرسيها، وعدم الانتماء وفقر الوطنية بالتعامي عما يخطط لها ولغيرها لاحقاً، أما عن الأمم المتحدة فقد خيبت ظن من ينتظر عدالتها، واللجوء إلى التشكي لمكاتبها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، مادام يتولى أمرها الدولة العظمي، بما لها من (فيتو) يفوت على المظلوم إرجاع حقه ويقف إلى جانب الظلم، فأصبحت كلمة الأمم المتحدة كلمة فضفاضة لا تعني بشيء لمعانيها التي من أجلها انشئت، فتبدل معناها بمن استحوذ عليها و صار هو المهيمن بالنهي والأمر،

فما هي إلا المعنية اولاً بالصمت حيال ما يجري على كل مظلوم في العالم ولكنها ناطقة لكل ما يهمها أمرهم، بمثل: (حميدتي وبن زايد ونيتناهو؛) فهم لا غبار عليهم بما أو كلوا عليه من مهمة يجب عندهم تنفيذها ولا بد من نصرهم والوقوف بجانبهم والانحياز إليهم والتغاضي عما يقومون به من جرائم لم يشهدها التاريخ، وبهذا وغيره من ظلم، فعلى كل مستضعف أو مطموع فيه أن يودع كلمة اسمها عدالة ينتظرها من أمم متحدة وأن تودع شعوب الدول العربية الأفريقية بما تراه من ذلك، وأن تودع نفسها بما افتقدته من تكافل وتعاون وتعاضد كانت تعتقده أو تعتمده من جار أفريقي أو عربي،

وهذا ليس بيأس؛ بل قنوط اتضح جلياً بما نراه من حقيقه، وتدركه كل العقول، إذن فلم يبق على كل منهم الا اعتماده على نفسه لمستقبل صار أكثر خوفاً وتخوفاً من أطماع وما أكثرها اليوم، فمن ينتظر عدالة أمم أو وقفة من غيرها بكلمة حق أو يد تعاون؛ فقد خاب ظنه ولن يجني غير أسف وندم على ما يتحوط به لمستقبل يقيه شراً ينتظره،

وهو قد توفر بكل أنواعه؛ مادياً ومعنوياً، ويحاك له في جلساته، ليلاً ونهاراً سراً وعلناً، للانقضاض عليه، أما ما نسمعه من أصوات خافتة مرائية باستنكارات وإدانات من هنا وهناك فهي لاتنطلي إلا على المغفلين والمستغفلين، ولا ينتظر خير منها ولا تنفع أو تجدي بشيء، فتعالوا أيها السودانيون؛ نبني وطناً قوياً يحمي نفسه بنفسه بكل وطنية وصدق لكل مجالات حياتنا بما تحملة من نهضة بمعانيها، معنوياً ومادياً بعيداً عن كلمة تحمل معنى لحزبية أو قبلية أو عنصرية تفرقنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى