
الوساطة التركية: أدوار مرسومة لتهيئة المنطقة!
كاتب صحفي:الوساطة التركية اختراق مهم في سياق ترتيب الاوضاع السياسية في المنطقة
مراقبون:صراع توازن القوى يسير نحو نهايته الحتمية وديا تفاديا لحرب عالمية ثالثة
الدول العظمى اتفقت على تقاسم مناطق نفوذها
تقرير:أحمدقاسم البدوي
أبدت تركيا إستعدادها للتوسط بين السودان ودولة الإمارات لإحلال الأمن في السودان، جاء ذلك خلال محادثة هاتفية جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.
واثارت تلك المبادرة الكثير من ردود الافعال في وقت تسارعت فيه احداث مهمة على الصعيد المحلي للمنطقة والصعيد الدولي .
ورحب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان من جانبه بأي دورٍ تركي يسهم في وقف الحرب بالسودان، ودعا إلى تعزيز الإستثمارات التركية في السودان، وأكد ثقته في مواقف الرئيس التركي وحكومته الداعمة للسودان.
وأعرب أردوغان خلال اللقاء عن استمرار المساعدات الإنسانية المقدمة من تركيا، واستعداده لبذل الجهود لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتعاون في مجالات الزراعة والتعدين.
كما أشاد الفريق البرهان بمواقف تركيا الداعة للسودان مثمناً جهودها من أجل السلام والإستقرار في المنطقة والإقليم ومعالجتها للكثير من القضايا على المستويين.
اختراق مهم:
وذهب الكاتب الصحفي إبراهيم شقلاوي إن وساطة تركيا ربما تعتبر اختراقا مهما يجب له ضمن سياق الترتيبات الامنية والسياسية التي تجري في المنطقة العربية بجانب اعتراف ضمني بالتدخل الإماراتي في حرب السودان، اشار شقلاوي إن تركيا تنتهج سياسة خارجية متوازن مؤكدا نجاحها في الوساطة بين الاطراف المتنازعة في مناطق مختلفة من العالم مما يجعل بإمكانها لعب دور حاسم في إنهاء الحرب فضلا عن ثقلها الإقليمي والدولي كذلك ما تحظى به من دعم كبير من العديد من الاطراف العسكرية الإقليمية في ظل قوتها العسكرية المتزايدة .
واضاف شقلاوي من خلال مقالة له إن تركيا استطاعت ان تثبت قدرتها على التاثير في ملفات معقدة مثل ملف الازمة السورية والصراع الاثيوبي الصومالي مما يعزز من قدرتها على لعب دور حاسم في السودان كذلك من خلال نفوذها الاقليمي بإمكانها إن تساهم في ضمان عدم تحول السودان إلى ساحة للصراعات اقليمية .
عربون صداقة:
اما الكاتب الصحفي اسامة عبدالماجد فقد نبه إلى انه يجب الأخذ في الاعتبار ان الطلب الذي تقدم به الرئيس التركي رجب أردوغان لنظيره عبد الفتاح البرهان بالتوسط بين السودان والإمارات هو الأول من نوعه .. وهذا يعني ان المتغيرات الجارية بالمنطقة قد تشمل السودان في مقبل الايام، مشيرا إلى إن تركيا تعتبر من ابرز حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة.. وارادت ان تقدم عربون صداقة للرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترمب في ولايته الجديدة التي ستبدأ بعد نحو خمسة اسابيع.. سيما وان ترمب رفع شعار (لا للحروب).
وذهب اسامة عبدالماجد للقول أن اردوغان ربما اراد انقاذ حليفته الامارات من الحصار الدولي… وذلك لأن السودان نجح بقدر كبير في تعريتها امام الرأي العام العالمي.. وهدم ما بنته طيلة السنوات الماضية كذلك سعت تركيا طرح نفسها كوسيط لتأكيد انها الداعم الاول لدول الخليج.. وكانت دعمت قطر في الازمة الخلجيية 2017 حتى انجلت مطلع 2021.. ودعمت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دوليا في صعوده السياسي المستحق.. كما دعمت الشعب السوري بالمساهمة الكبيرة في اطاحة الاسد وهاهي تدعم الامارات.
تهيئة المنطقة:
وكانت أثيوبيا والصومال قد توصلتا إلى إتفاقٍ مشترك عقب مفاوضات قادتها تركيا، حيث إستضاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المحادثات رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لإنهاء الأزمة بين البلدين.
ونقل الإعلام الأثيوبي أن الطرفان إتفقا على التعاون يين البلدين مع ضمان وصول إثيوبيا نحو البحر
وأشاد آبى أحمد بجهود تركيا في منطقة القرن الأفريقي وأعرب عن إمتنانه لجهود الكثيرين لتسهيل المناقشات على مدار العام الماضي.
من جانبه تعهد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في جميع الجوانب، وأشار إلى القواسم المشتركة وبذل كل ما من شأنه المضي قدماً وتحقيق منفعة شعبي البلدين.
مراقبون يرون إن الادوار التي بدأت تلعبها تركيا هي تهيئة للمسرح السياسي في المنطقة الملتهبة ،وذهب آخرون إن كثير من المتغيرات والاحداث المتسارعة في المنطقة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن الآخر وان تشكل توازن القوى العالمي الجديد الذي بدأ بالحرب الأوكرانيا يسير إلى نهاياته الحتمية وعلى ما يبدو أن الدول العظمى قد حسمت أمرها بإنهاء هذا الصراع وديا بتقاسم مناطق نفوذها وتفادي خيار الحروب الذي بدت ارهاصاته تشير إلى احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة .
صراع النفوذ:
قبل اقل من شهر اعلنت دولة تشاد انسحابها من اتفاقية التعاون الامني المبرمة بينها وبين فرنسا والتي بموجبها قررت فرنسا سحب ألفي جندي من الاراضي التشادية ،يأتي كل ذلك بعد يومين فقط من زيارة رئيس الوزراء الفرنسي لأنجمينا وترك ذلك الانسحاب الغريب العديد من علامات الاستفهام خصوصا وان توقيته يأتي مع التمدد الروسي في منطقة غرب افريقيا مما يعني إن مياه كثيرة قد مرت من تحت الجسر وان الدول العظمى ومن تحت الطاولة قد عقدت إنفاقا وديا بينها بتقاسم مناطق نفوذها.
التمدد الروسي في افريقيا قابله تنازل روسيا عن حليفها بشار الاسد مع تحرك اسرائيلي مريب.
واضح ان العام الجديد سيكون حافل بكثير من المفاجآت التي قد تعيد تغيير خارطة العالم القديم برمتها.