تحقيقات وتقارير

انخفاض التضخم ..بشريات ام خلل سياسات؟

تقرير : تسامح نيوز

فيما انخفض معدل التضخم في السودان بصورة مفاجئة بنسبة 35.22% لاول مرة منذ سنوات، وسجل التضخم في اغسطس 387.56% مقارنة بشهر يوليو 422.78%.
واوضحت نشرة حديثة للجهاز المركزي للإحصاء، انخفاض معدل التغير السنوي “التضخم”، لمجموعة الاغذية والمشروبات لشهر اغسطس 260.76% مقابل 272.59% في يوليو الماضي، كما انخفض معدل التضخم الاساسي “بدون مجموعة الاغذية والمشروبات” من 625.78% الي 541.06%.
وانخفض معدل التضخم للسلع المستوردة في سلة المستهلك من 240.81% الي 222.29%.
وانخفض معدل التضخم للمناطق الحضرية الي 325.27% وكان في الشهر الماضي 363.26%، وشمل الانخفاض ايضا معدل التضخم للمناطق الريفية الي 436.61% مقارنة ب 461.70 الشهر الماضي.
وسجلت “12” ولاية انخفاضا في معدل التضخم، مقابل “5” ولايات شهدت ارتفاعا، فيما استقر المعدل بولاية سنار.
وسبق هذا الانخفاض قبل نحو شهرين، انتشار خبر عن انخفاض معدل التضخم في السودان، احتفت به جهات محسوبة على الحكومة، فيما لم يصدر الجهاز المركزي للإحصاء حينها أي خبر عن ذلك.
ويعتبر معدل التضخم من أكثر المشكلات التي تواجه السياسات النقدية في وقتنا الراهن نظرياً وواقعياً حيث يؤثر على معاش الناس، ويبين أنه في كثير من بلدان العالم الثالث الموبوءة بالحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي بسبب الثورات المستمرة، ويرى أن علماء الاقتصاد حاولوا البحث عن حلول لهذه المشكلة وضبط تبعاتها التي قد تؤثر على الاقتصاد ككل.

وأوضح المستشار الاقتصادي شاذلي عبدالله عمر أن التضخم يعني ارتفاع مستمر في جميع أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، موضحاً أنه يعني تناقص معدلات الدخول بنسبة التضخم، ويضيف أن بعض المواقع الموثوقة سبق ان تداولت قبل نحو شهرين تقريرا حديثاً لجامعة هوبكنز بولاية ميرلاند الأمريكية أعلنت خلاله عن انخفاض مؤشر التضخم في السودان  من 363.14% في أبريل الماضي إلى 221% في يوليو.

بناء على ما سبق بأن التضخم ليس مشكلة المواطن السوداني الوحيدة وإنما هناك عدد من الأمراض الاقتصادية (البطالة، الناتج المحلي الإجمالي، ارتقاع الأسعار، الاحتياطي النقدي، الدين الخارجي) قائلًا إنها أثرت على طموح المواطن السوداني في تحقيق وفرة في المواد الأساسية والخدمات الضرورية من لدن الصحة والتعليم وغيرها من مقدمات الرفاهية العادية، ويبين أنه بالرجوع الى تقرير جامعة هوبكينز الخاص بانخفاض معدل التضخم فجأة، قال إن هذا يؤكد عددا من التخمينات: أولها أن الأزمة غير حقيقية وتسمى بالمفتعلة لأسباب سياسية برغماتية، وفي أدبيات الاقتصاد تطلق عليها مصطلحا الـ (Boom – Bust) أي ظهور تدهور اقتصادي مفاجئ مصاحب بفترة ازدهار قصيرة من ثم تدهور وهكذا، لذا قد لا نستبعد هذا النوع كمؤشر لانخفاض التضخم.
ثانياً يقول بأن الجراحات الأخيرة التي قامت بها الحكومة من تعويم الجنيه، وتوحيد السعر الجمركي ورفع الدعم أو ترشيده، والقفزات الكبيرة في ملف إعفاء الديون الخارجية بواقع 14.1مليار دولار، وغيرها كلها تعتبر أسباباً لتحديد معدلات التضخم الجديدة بشرط تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء وتنفيذ مخرجات بيان اجتماع مجلس الوزراء الذي تلاها، ثالثاً بين أن تحويلات المغتربين، شهدت زيادة مقدرة عبر النوافذ الرسمية دون الاعتماد بشكل كبير على الأسواق السوداء، موضحاً في حديثه ل”تسامح”أن ذلك يعني زيادة كبيرة في عرض العملات الأجنبية والتي بدورها أثبتت فاعليتها تغيرات الأسعار في السودان، وفي بعض الدول مساهمة المغتربين تقدر بـ 50 ملياراً سنوياً، مما انعكس إيجاباً على ثبات أسعار العملات الأجنبية في الثلاثة أشهر الماضية، وانخفاض التضخم مبيناً بأن هذا يتطلب دراسة جادة واستراتيجية لزيادة ثقة المغترب السوداني.
رابعاً يقول شاذلي إن المزاج الاستثماري الأجنبي المباشر الذي تم التسويق له دولياً (مؤتمر باريس)، من خلال تحركات رئيس مجلس الوزراء عبر الانفتاح على المجتمع الدولي، وقد صرح المدير التنفيذي للشركة عن التغيير السياسي في البلاد بجانب الاختراقات الكبيرة في ملف الانفتاح على المجتمع الدولي، كعوامل مهمة على بيئة الاستثمار الأجنبي المباشر  في السودان، معتبراً أن هذه الخطوة لها ما بعدها لأنها تصريح وإعلان رسمي للشركة للقيام بأعمال تعدين الذهب في البلاد، لافتاً إلى أنه يقدر له أن يضخ اكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، معتبرًا أن هذا المبلغ يفوق العجز المتوقع في السنوات القادمة للميزان التجاري.
غير ان بعض المراقبين استهجنوا “فرح” البعض بهذا الانخفاض ، واقروا بأن صحيح معدل التضخم انخفض قليلاً، لكنهم لا يعتبرونه أخبار سارة، وبرروا ذلك لجهة أن ما حدث لا يعني أن الأسعار انخفضت أو استقرّت، مبينين ان ان كل ما حدث هو انها زادت بتصارع أقل قليلاً من معدل الشهر السابق، وما زالت معدلات الإفقار بعيدة عن المستوى الذي تركه عليها النظام السابق.
وقال معتصم الأقرع
يمثل أي معدل تضخم سنوي يزيد عن 5٪ مشكلة خطيرة وفشلًا كبيرًا لأي سياسة اقتصادية، ناهيك عن معدل 388٪ الذي يعني أن السودان ما زال يُقاسي من ثاني أعلى معدل تضخم في العالم.لافتا الى انه عندما بدأت هذه الحكومة عهدها، كان معدل التضخم في حدود 50٪، وكان يمكن أن يكون إنجازًا رائعًا لها إذا كانت قد تمكنت من دفع المعدل إلى الصفر أو إلى حدود 2 إلى 3٪ أو على الأقل المحافظة عليه في الحدود التي تركها عليه النظام السابق.
وعزا السبب الرئيسي في الانخفاض لما حدث هو أن الحكومة طبعت نقودًا أقل في الشهر أو الشهرين الماضيين، أصبح الحد من نقدنة عجز الموازنة ممكنًا مع إلغاء الدعم الذي صحبته الزيادة الفلكية في الضرائب التي ارتدت قناعًا كاذبًا سموه تعويم سعر الصرف الجمركي الذي لا يعني شيئاً سوى زيادة الضرائب والجمارك. واضاف ان هذا يعني، من ناحية، أن الحكومة قلّلت من التزامها بدعم المواطن بتوفير الوقود والمواصلات والخبز والدواء بأسعار معقولة، ومن ناحية أخرى، ضاعفت الضرائب التي تعتصرها من المواطن ، وقطع بان هذا أدى الى الانخفاض في طباعة النقود (ويسمى أيضًا الاقتراض من البنك المركزي أو التمويل بالعجز أو نقدنة العجز) إلى انخفاض طفيف في معدل التضخم وساهم في استقرار سعر الصرف عند حوالي 450 جنيهاً للدولار الواحد خلال الأشهر القليلة الماضية.
بينما عزا دكتور ابوبكر التجاني الحاج محمد مستشار اقتصادي بوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية في حديثه ل”تسامح”انخفاض معدل التضخم السنوي الى 387.26% للسياسات الاقتصادية الاصلاحية التي انتهجتها الحكومة ومنها رفع الدعم عن المحروقات والتي ادت الى انخفاض القوة الشرائية وانخفاض معدل الزيادة في الاسعار.
وأعرب عن اسفه لانها سياسات اصلاحية مؤلمة، ادت الي خفض القوة الشرائية لمعظم المستهلكين نتج عنها انخفاض كبير في حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات لان الزيادة في الاسعار والمحروقات استهلكت جزءا كبيرا من الدخل.
واشار الى الانخفاض النسبي في الواردات والذي ادى الى اعادة التوازن في الاقتصاد. وتوقع ان تسترد العملة الوطنية جزءا من قيمتها المفقودة وابان ان الطلب على العملات الاجنبية الذي كان يسود في السوق السوداني هو طلب زائف ومشوه لتوجيه الموارد في غير محلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى