المقالات

بابكر يحي يكتب : (الإباحية) لم تبدأ من خبر الانتباهة..!!

صفوة القول

حينما كانوا يجاهرون بشعارات الفسق والمجون لم يعترضهم أحد ؛ بل كان الناس يرددونها معهم بسخاء وسعادة وغبطة وسرور ؛ كان الناس يرونها شعارات جديدة يجدون فيها (الإبداع) و(التميز) و(المصداقية) تلك الصفات التي لم يجدوها في الشعارات التي رفعها من كان قبلهم ولم يلتزم بها فقد كان شعار (هي لله.. هي لله ؛ لا للسلطة ولا للجاه ) واحداً من الشعارات المهمة التي رددها قادة الإنقاذ وفي الأصل إن هذا ليس شعارا إنما هو مبدأ واجب الإلتزام وأرى أن المنظومة قد التزمت به في نهجها الفكري لوقت مقدر من الزمن ؛ لكن واقع (سلوك بعض الأفراد) كان مخالف لمدلول الشعار لحد بعيد..!!

مل الناس تلك الهتافات رغم جمالها ورغم روحانياتها ورغم ارتباطها بالله ؛ وارتباطها بمنهجية إسلامية مؤسسة على تقوى ورضوان من الله – ولا ينكر أحدا أن ترديدها في حد ذاته عبادة وأن في قولها راحة وطمأنينة ومع ذلك تركوها بناء على ظنون وشكوك وأحقاد واتجهوا إلى شعارات الثورة؛ شعارات اليسار التي تنشر الكراهية والبغضاء وتروج للمجون والسفور وتعادي الدين وتصفه بأنه مجرد مخدر (الدين أفيون الشعب)..!!

أصبح الناس يرددون تلك الشعارات في كل مكان حتى أصبحت شيئا مألوفا للشارع السوداني؛ بل أصبحت جزء من ثقافة العامة ؛ فقد كان هتاف (الحل في البل ) يردد في كل مكان ويكتب على الجدران والحوائط ؛ ومعروف ماذا يقصد بالبل في العامية السودانية ؛ ومن كثرة ترديد هذا الهتاف ظن الإعلام العالمي أن البل هو اسم لأحد قادة الجيش يطالب به الثوار لتولي زمام الأمور خلفا للبشير؛ وقد عجز منظروا الثورة عن شرح دقيق لمعنى الشعار وتركوه يهيئ المجتمع لواقع جديد ..!!

وقد كان شاعر الثورة (دسيس مان) يمطر على آذانهم بأفظع العبارات النابية ؛ كان يقول لهم (بس انت حاول بيت ) ومن ضمن مغريات المبيت (كنداكا نعرسا ليك)، ومعروف أنه ليس هناك زواج يتم في أمسية واحدة؛ بل كانوا يرددون معه (ووداد نطلقا ليك ) ولا أحد منهم يتحدث عن القيم..!!

كانت كل العبارات النابية محل تقدير واحترام ؛ كان المجون والسفه أساسا للتعبير والتصرف كان كل حديثهم يوحي بأنهم مع (الإباحية) و(الفجور) و(الضلال) ؛ لم يتطرقوا في خطاباتهم لحماية (منظومة القيم) ؛ بل كان قادة حراكهم يتحدثون عن أن ثورتهم هي ثورة( آيدلوجية) متميزة عن ثورات الربيع العربي ؛ كونها أتت ضد نظام إسلامي وتريد استبداله بنظام علماني كاره للدين والتدين والأخلاق وكل منظومات القيم..!!

فلا أدر لماذا يستغرب الناس من الخبر الذي أوردته صحيفة الانتباهة وعبر صحفية نابغة نشهد لها بالمهنية والصدق والعمق في المعرفة خاصة فيما يتعلق بالجريمة ؛ لماذا يستغرب الناس في خبر متصالح مع المزاج العام للثورة ويتواءم تماماً مع أهداف السلطة الحاكمة..؟!!

صفوة القول

خبر صحيفة الانتباهة لا يعني شيئاً بالنسبة للخراب الذي تم في المنظومة القانونية والعدلية فقد تمت تهيئة المسرح تماماً لمثل هذه الأشياء؛ تم تقديم خطاب تصالحي مع الفسق والفجور والمجون؛ تم الغاء قانون النظام العام؛ تم الترويج لاباحة الخمور والمنكرات؛ تم الاحتفاء بالمتبرجات وجعلهن آيقونات في المجتمع فإن كان قد تم كل ذلك فلماذا تستغربون من خبر الانتباهة؟ لماذا ترونه غريباً وهو يتواءم تماماً مع مزاج الطعمة الحاكمة؟ لماذا تنظرون للأمر وكأنه بدأ اليوم – أفجروا ولا تنافقوا والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى