بسبب تدني الأجور وبيئة العمل .. صحافيون يهجرون المهنة إلى فرص أخرى

الخرطوم : تسامح نيوز
أجبرت أزمة تدني الأجور في المؤسسات الصحفية بالسودان، عدداً من الصحافيين على هجر المهنة والبحث عن عمل جديد ليست له علاقة بمجال الإعلام.
وعلى مدى سنوات تجاوز الصحافيون القوانين المقيدة للحريات وتدخلات الناشرين وغيرها من الأزمات، لكن الوضع المعيشي المتأزم وارتفاع الأسعار بشكل جنوني وتدني الرواتب، قاد الكثيرين إلى ترك المهنة والبحث عن مصادر دخول جديدة.
رؤية الطرفين
يرى الناشرون أن الصحف نفسها تعاني من أزمات بسبب ارتفاع مدخلات الطباعة وعدم استقرار سعر صرف الدولار وتزايد أسعار المطابع في كل فترة، ويشيرون إلى أن المعوقات المذكورة تحول دون قدرتهم على زيادة المرتبات.
وعلى الجانب الآخر يرى الصحافيون أن الناشرين زادوا أسعار النسخ عدة مرات، كما تم رفع قيمة الإعلان بنسبة (100%)، وبالتالي يجب بالمقابل أن ترتفع أجور الصحافيين.
رندا عطية .. معلم بورشة سيارات
فاجأت الكاتبة الصحفية المعروفة رندا عطية، الوسط الصحفي العام الماضي، بتحولها إلى مجال مغاير تماماً عن مهنتها، بالعمل في ورشة لصيانة السيارات بأم درمان.
ونشرت رندا على صفحتها بـ(فيسبوك) صورة لها وهي ترتدي “أبرول” وتقف وسط محل مليئ بالزيوت وإسبيرات السيارات، وكتبت: “زمن الغتغتة والدسديس انتهى، ورشة المناهري لصيانة وعمرة وخدمات السيارات، إدارة المعلم أكرم حشمت اللوز، ونائبته المعلمة رندا عطية”.
وحددت رندا مكان الورشة التي تقع بأم درمان شارع الشنقيطي. وعملت رندا كاتب عمود راتب من قبل بصحيفتي (الرأي العام) و(الصحافة).
رمضان.. التاجر
طلّق الصحفي رمضان محجوب مهنة الصحافة، وقرر تأسيس متجر صغير ليكون مصدراً لرزقه، ونشر بصفحته على (فيسبوك) صورة له داخل متجره، وكتب معلقاً: (باسمك اللهم نبدأ، التويجر رمضان محجوب طلق الوظيفة بالثلاثة، يحييكم من كنتينه المتواضع.. دعواتكم بالتوفيق.. ونحن سنة أولى استقلال واستقرار.
يقول رمضان لـ(الحراك): “الصحافة السودانية الآن تعاني بشدة وتصرخ من شدة المعاناة، وللأسف فإن الجميع يضحك لهذه المعاناة، فالحكومة تضحك وموردو الورق وكثير من الناشرين يضحكون ليس على حال الصحافة بل الصحافيين الذين يعملون لديهم بدريهمات لا تغطي تكلفة مجيئ وذهاب الصحفي من وإلى الصحيفة، في ظل عزوف القراء عن شراء نسخة من صحيفة واحدة ناهيك عن ثلاث أو أربع صحف يفضل عنها القارئ كيس خبز إن وجد بحكم الضائقة المعيشية التي يمر بها السودان”.
ويضيف : “قررت اعتزال العمل الصحفي المكتبي منذ فترة ليست بالقصيرة لجهة أن راتب الوظيفة القيادية في الصحيفة الورقية ناهيك عن محرر لا يغطي مصروفه الخاص، فما بالك من ينتظر من راتب كهذا بأن يغطي نفقات أسرته ومتطلباتها من إيجار وتعليم وعلاج وإعاشة وبقية المصروفات”
خيارات جديدة
ويواصل رمضان محجوب حديثه قائلاً: “اتجهت إلى البحث عن مصدر دخل يغطي مستلزمات ومطلوبات الأسرة، فكانت التجارة هي خياري عسى ولعل أن تزيل بعض عناء ورهق نحو ربع قرن قضيته في بلاط صاحب الجلالة من محرر وحتى الوصول لوظيفة رئيس التحرير”.
وتابع: “جاءت الخطوة في أعقاب تراجع الصحافة الورقية وإحلال الإعلام الجديد بدلاً منها”، وأردف: “سأكتفي بالتعاون مع المواقع الإلكترونية والإعداد التلفزيوني”.
عقيل .. تجربة جديدة
الصحفي عقيل أحمد ناعم الذي عمل في الأقسام السياسية بجانب أقسام الأخبار في عدد كبير من الصحف السودانية، تخلى عن المهنة مؤخراً واتجه للعمل في تجارة مواد البناء عبر (مغلق) في الحي الذي يقطن فيه.
يقول عقيل لـ(الحراك): “تركت مهنة الصحافة في العام 2017م بسبب سوء البيئة الصحفية – ضيق هامش الحريات والوضع المادي غير اللائق”.
ويضيف: “الآن تاجر مواد بناء، وأتمنى أن نشهد عهد حريات أوسع وبيئة صحفية تتماشى مع التطور الكبير في مجال الصحافة والإعلام في العالم، بجانب تحسين الوضع المادي للصحفيين بقدر يليق بإنسانيتهم وكرامتهم”.
وتابع: “الصحافة السودانية خاصة الورقية حال استمرت بهذه الطريقة فلن تصمد طويلاً”.