بكري المدني يكتب..الشيوعيون والإسلاميون-أغرب الأقدار !

الطريق الثالث – بكري المدني
من التصريحات الأخيرة للحزب الشيوعي ما أكد خلالها معارضته للحكومة الانتقالية القائمة مع تجديد العزم على إسقاطها وآخر تصريح للحركة الإسلامية منسوب لأمينها العام المكلف السيد على كرتي اعلانه عن عزمهم أيضا إسقاط الحكومة !
لقد فشل الشيوعيون في حمل الحكومة الحالية على القضاء على الإسلاميين بالطريقة التى يتصورونها لهذا القضاء فخرجوا عليها بدعاوى تصحيح الثورة وحسم ما تبقى من شخصيات وسياسات النظام السابق حد زعمهم
الإسلاميون أيضا فشلوا في حماية أنفسهم من الحكومة القائمة وقطع الطريق على التمدد اليساري في أجهزتها وفي هياكل الدولة وفشلوا كذلك في حملها على تحديد مدى محدد وقصير للفترة الانتقالية يشاركون من بعده في انتخابات عامة ولهذا وذاك خرجوا مؤخرا للدفاع عن أنفسهم والهجوم على الحكومة
حتى الآن يريد الشيوعيون معارضة الحكومة بيد ومحاربة الإسلاميين باليد الأخرى حتى لا يعود الأخيرين من النافذة ويريد الإسلاميون أيضا معارضة الحكومة بيد ومحاربة الشيوعيين باليد الأخرى حتى يخرجوا من الباب ولا يعودوا ابدا !
على الأرض ثمة نظام سياسي يتشكل لا مصلحة فيه للحزب الشيوعي ولا الإسلاميين على مختلف أحزابهم وتنظيماتهم وهو نظام ماض في التشكل بإجراءات الحكومة القائمة ولفترة طويلة قادمة لا يعلم مداها إلا الله !
الحقيقة الماثلة انه لن يستطيع الشيوعيون إسقاط الحكومة وإنهاء نفوذ الإسلاميين على الأرض في ذات الوقت كما ان الإسلاميين لا يستطيعون إسقاط الحكومة أيضا مع قطع الطريق على الشيوعيين
في وقت واحد
صحيح قد تدفع الأوضاع بالشارع إلى تجاوز الشيوعيين والإسلاميين معا في التقرير بشأن مصير الحكومة الانتقالية ولكن الحقيقة انه لا الشيوعيين وحدهم قادرون على قيادة الشارع مرة أخرى ولا الإسلاميين وحدهم يستطيعون السيطرة عليه
تبقى خيار واحد فقط أمام الإثنين معا وهو من أغرب الأقدار ان حدث ويعنى ان يضطر الشيوعيون والإسلاميون للتحالف ولو مرحليا للعمل على إسقاط الحكومة القائمة وقطع الطريق على النظام السياسي الجديد الذي بدأ يقوم على الأرض ويتشكل في الأفق على غير هوى الإثنين وعلى حسابهما معا
فيما عدا ثورة بغتة يقوم بها الشارع نتيجة الأوضاع الراهنة والقادمة ويتجاوز بها الجميع والذين سوف يسعون من بعد للحاق به والادعاء بملكية الثورة القادمة كما الثورات اللاحقة -فيما عدا ذلك- سيبقى من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان يعمل الشيوعيين بمعزل عن الإسلاميين والعكس أيضا مع تحقيق نصر على الحكومة وعلى بعضهما البعض في ذات الوقت!
قد تبدو فكرة التحالف بين الشيوعيين والإسلاميين ولو مرحليا ولأجل هدف محدد بعيدة التصور ولكنها على أية حال السيناريو الوحيد الذي من الممكن ان يشكل خطرا حقيقيا على الحكومة القائمة
يقال انه ليس في السياسة عداوة ولا صداقة دائمة ولكن مصالح دائمة فهل تتحق هذه القاعدة في السودان من خلال تحالف بين الشيوعيين والإسلاميين ام ان قاعدة (علي وعلى أعدائي )سوف تكون هي السائدة والقاضية على الإثنين معا في النهاية ؟!