بكري المدني يكتب.. قبل ان نخسر إثيوبيا ونخسر معها!

الطريق الثالث – بكري المدني
قبل ان نخسر إثيوبيا ونخسر معها!
مثلما ضاع اقليم بنى شنقول السودانى بسبب تفريط سلطة السودان في التاريخ كادت منطقة الفشقة ان تذهب هي الأخرى للجارة الشقيقة إثيوبيا في الحاضر وذلك لأن السودانيين منشغلين دائما بالمركز أكثر من الأطراف واليوم وقد تم تحرير الفشقة بنسبة كبيرة ولم يبق إلا القليل وهذه من الإيجابيات الكبيرة والنادرة لحكومة الفترة الانتقالية ينبغي علينا حكومة وشعب مراجعة الموقف المتصاعد تجاه إثيوبيا والاشقاء الاثيوبين
لا اعتقد ان موقف السودان الماضي بالموافقة على قيام سد النهضة كان خاطئا وكانت تحفظاته مع الموافقة مراعاة مثل الإتفاق على فترة ملء السد وهي مسألة كانت ولا زالت قيد التفاوض
ولست مقتنعا بالتمام بالأحاديث الفطيرة حول سقوط السد وغرق المدن السودانية فدولة إثيوبيا لم تبن سدا بمليارات الدولارات ليسقط وان سقط لا قدر الله فإن خسارتها ستكون أكبر من خسارة السودان نفسه!
ان ما يهمنا في مسألة سد النهضة هو التوافق على فترة ملء السد وضمان سريان المياه للسودان دون انتقاص من حصته السنوية ويهمنا التوافق على مصالح أخرى بين السودان وأثيوبيا من هذا المشروع العملاق الذي قام على الحدود السودانية حاليا وعلى أراضي سودانية في التاريخ
إثيوبيا يمكنها أن تتفهم ذلك ويمكن أن تقوم مصالح مشتركة لصالح الشعبين هنا وهناك خاصة في مجال الاستثمار الزراعي بالطاقة المتولدة من السد وبالمياه التى سوف ينتظم سريانها ويستقر بعد اكتماله
ان من حق إثيوبيا إنشاء مشاريع على منابع النيل على أرضها في الحاضر بالتنسيق مع الآخرين ومن حق الآخرين بحث مصالحهم في هذه المشاريع وايراد تحفظاتهم المحتملة على المضار المتوقعة ولكن لا أحد مطلقا يملك حق منع إثيوبيا وان كانت هناك ملكية افتراضية للنيل فإن صاحب المنبع هو من يملك لا المصب ولا الممر!
من حق إثيوبيا أيضا بحث إعادة قسمة مياه النيل وهو حق مكفول لكل دول حوض النيل ولقد نصت اتفاقية (عنتبي) على ذلك وهى الإتفاقية التى لم توقع عليها مصر والسودان للأسف !
قد تتأثر حصص بعض البلدان من المشاريع المستقبلية لبلدان أخرى على حوض النيل وسوف تتأثر حصص بلدان بالتأكيد حال إعادة قسمة مياه النيل ولكن لا أحد يقف أمام مطلوبات المستقبل متمسكا بما بعتقد انها حقوق تاريخية في النيل وكما قلت ان كان ثمة حق في التاريخ فهو لمن نبعت من أرضه الماء اولا !
* قبل ان تخسر الخرطوم أديس ابابا بالتسرع في المواقف الخاصة او لأجندات إقليمية وقبل ان تتحول بلادنا لقاعدة مواجهة لإثيوبيا علينا اعادة التفكير في كل الأمور بوعي وإدراك وتقدير للمصالح السودانية مع حفظ حق الآخرين في مصالحهم