المقالات

بكري المدني يكتب : لماذا سقطت 30يونيو؟ !

الطريق الثالث

عندما اقترب يوم الثلاثين من يونيو الماضي وقد كان اليوم الموعود لإسقاط الحكومة التي كانت شعبيتها قد وصلت الحضيض نتيجة التردي الكبير في المعاش والخدمات حتى ان أحزابها نفسها بدأت تتبرأ منها وتعلن المشاركة في المظاهرة المعلنة بشكل او بآخر علها تنجو بمواقفها الثورية المعلنة حال سقوطها أما أحزاب المعارضة فلم يبق لها من الإستعداد الا إعلان التشكيل الحكومي البديل !-عندما اقترب اليوم الموعود لم يكن من جماعة قد تحملت عبء الدفاع عن الحكومة وحمايتها من السقوط إلا (البعث) فالقوات النظامية تفاوتت مواقفها ما بين التمرد المعلن والحياد غير المعلن فالجيش مثلا استعصم بالقيادة العامة منتظرا ما تسفر عنه الأحداث وكل الرياح تملأ شراعه في الآخر ومهما اختلفت اتجاهاتها اما الشرطة فلقد كان موقفها واضحا من الثلاثين من يونيو بينما وقف الدعم السريع غير بعيد متجنبا الأحداث والأشخاص معا ويقارب موقفه في ذلك الجيش ولا يطابقه تماما فقيادته ليست سعيدة على اي حال بأية نتيجة للثلاثين من يونيو وتلك قصة اخرى !

من وقت مبكر كنت اجيب على أسئلة بعض السائلين ان نتيجة ذلك الزخم الكبير سوف تأتي دون التوقعات بكثير لظروف متعلقة بالأحزاب خصوصا وبالسودانيين عموما وهو ما قد كان في الآخر
ومن بين الأسباب التى اقعدت بالثلاثين من يونيو التنظيمات الرئيسة التى تصدت لها

نزل الإسلاميون والشيوعيون والمستقلون إذا للهجوم على الحكومة واسقاطها ومعهم الإدارات الأهلية ومن خلفهم بيانات الأحزاب الأخرى على الورق ودعوات الطرق الصوفية ونزل البعث وحده فى المقابل يقاتل ليمنع السقوط الكبير

جاء فشل الإسلاميين في تقديري لعدة أسباب منها استسهالهم النصر نظرا لحال الحكومة ومنها ايضا نقص الحيوية للتنظيم الذي تساقطت قيادته الميدانية بشكل غريب ومن قبل ان يبدأ الحراك بساعات وذلك تم لأن حركتهم كانت مكشوفة منذ البداية وربما قبلها على النت وعلى الأرض معا إذ أنهم اعتمدوا في الغالب على مجموعات على واتساب كانت مكشوفة تماما للبعثيين ولم يكن ذلك بفعل اختراق وإنما كشف الخطط والتحركات تم من بينهم وأحيانا على مستوى الأدمن(طابور سادس) نتيجة ضعف او خوف او طمع او كلها معا!

من اسباب فشل الاسلاميين ايضا في توجيه وقيادة الشارع اعتمادهم على ذات الطريقة القديمة وهى التجمع والسير نحو القصر او القيادة والضغط على الجيش لإعلان التغيير ولكن بعد تكرار هذا الأمر وفشله واضح ان تجريب نفس الطريقة للحصول على نفس النتيجة معادلة تحتاج نفسها الى مراجعة وقد كشف التكرار عن قصور في الخيال وفي الإبداع وأثبت ان التقليد فاشل وان كان الأصل ناجح !

مع ذلك تقتضي الحقيقة القول ان المجموعة من الإسلاميين التى شاركت في الثلاثين من يونيو قد ابلت بلاءا حسنا وقدمت فصولا من الصمود ومن الثبات ولم يمنعها الوصول للهدف الا قلة الأعداد وانكشاف الأحوال خاصة المجموعة التى ارتكزت حول مسجد الجامعة وكانت تطلب المدد وزيادة العدد للوصول للقيادة العامة لكن كيف ومن أين وأغلب المشاركات والدعوات الصالحات كانت على النت وليس الأرض !

فشل الشيوعيين ايضا في مهمتهم في الثلاثين من يونيو لأنهم كعادتهم يطلبون المستحيل دائما والمستحيل في الثلاثين من يونيو كان إسقاط الحكومة بيد ومسك(الكيزان) باليد الأخرى وهذه العملية المزدوجة دفعت ببعض الشيوعيين مرحلة التعاون مع السلطة التى خرجوا لاسقاطها وذلك لإفشال تحركات الإسلاميين على قاعدة (علي وعلى أعدائي )فخسر الاثنان وكسب الثالث والثالث واحد !

ثم ان من أسباب فشل الثلاثين من يونيو لم يكن لها خطوط رجعة لا للأحياء ولا للولايات وذلك لإختلاف الفاعلين فيها على المستوي القاعدى على الرغم من اللافتة الواحدة المرفوعة (اختونا)فالذين كانوا ينظمون حراك الأحياء والولايات من إسلاميين وشيوعيين مشغولين بأنفسهم في ذلك المستوى التحتي أكثر من انشغالهم بالمستوى الأعلى للسلطة !

وأخيرا ولى الثلاثين من يونيو ماضيا فهل انتهى طلب إسقاط الحكومة ؟(لا زال انا أقول ما انتهى )!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى