المقالات

بكري المدني يكتب : هذا – أو تسقط الخرطوم-!

الطريق الثالث

لا شيء يدعو للاستغراب حول استهداف مجموعة من الأولاد للناس على طريق الإنقاذ ببحري وضربهم وسلبهم نهارا والمطر نازل!

ولا شيء يدعو للاستغراب لأن هذه الحوادث أصبحت تقع يوميا في الخرطوم مع بعض الإختلاف في التفاصيل هنا وهناك

ما ميز حادثة بحري وقوعها في منطقة بها كاميرات تصوير نقلت ما حدث صورة وصوت ولكن أحداث تقع على شوارع أخرى في العاصمة -بالأسواق أو حتى داخل البيوت أكثر إثارة وجرأة من حادثة بحري!

لا شيء يدعو للاستغراب ايضا من حادثة بحري وغيرها من الحوادث لأن تفسيرها سهل جدا وليس تبريرها طبعا فلقد خرج اؤلئك الأولاد للسرقة حتى يستطيعون الحياة مثلهم ومثل بقية الأحياء الذين يسرقون اليوم ولو بطرق مختلفة!

يحتاج أي من اؤلئك الأولاد الى نحو ألف جنيه(مليون بالقديم)خلال اليوم في المتوسط ليأكل فقط بحسبان أنهم يشربون مجانا ويسكنون على الطرقات وفي الخرابات مجانا أيضا

ألف جنيه فقط لا غير للأكل وليس على أحدهم أي التزامات إضافية لا حق مواصلات او رصيد اتصالات ولا حتى علاج فإن من يمرض فيهم يطيب او يموت وخلاص !

ألف جنيه فقط كافية لأن يخرج أحدهم او كلهم لقطع الطرقات على الناس بغرض السلب والنهب ومن يرى أن ليس عليهم ذلك وأن عليهم الموت جوعا فهو شخص حالم او عالم !

صحيح ان جوع هؤلاء الأولاد وكل تفاصيل حياتهم ليست مسؤولية مباشرة للناس الذين يعترضونهم على الشوارع ولكن هذا هو قانون الحياة -تأكل او تموت من الجوع فماذا كان سيختار غيرهم حتى أؤلئك الذين وقعوا ضحايا لهم !

قبضتهم الشرطة -ثم ماذا بعد ؟! سوف تطلق سراحهم المحكمة لعدم كفاية الأدلة او تطلقهم إدارات السجون لعدم استطاعتها اعاشتهم او حتى لإنقضاء أجل العقوبة وسيعودون لقطع الشوارع لأجل ان يأكلوا فالحاجة لا تتوقف !

بعد فترة ان استمر الحال على ما هو عليه او زاد سوءا لا قدر الله لن تستطيع الشرطة نفسها ان تقبض على كل من يقطع الطريق ليأكل!

كل الطرق والأسواق والاحياء والبيوت ستكون عرضة للنهب والسلب وجميع الناس سيكونون عرضة للضرب والطعن من أجل الأكل فقط !

ليس بمقدور كل الناس الصبر وانتظار الموت على سجادة الصلاة او الهجرة بحثا عن بلاد توفر لهم ولاطفالهم لقمة العيش وحق الحياة حتى من دون كرامة !

الحل يكون في حصول الجميع على الأكل ودون حاجة لقطع الطريق وان يفيض هذا الأكل كما كان ليكفي قطاع الطرق سواء بالعطاء الكريم او فضلات على قارعة الطريق

غير الحل اعلاه سوف تستمر حوادث قطع الطريق وتتسع لطول وعرض الطرق وتزيد معها حملات الكر والفر والمواجهات بالأيدي العارية والاسلحة البيضاء والنارية حتى تسقط الخرطوم !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى