المقالات

حمزة عوض الله يكتب :هكذا يتعامل العظماء.. الطيب صالح نموذجاً                    

الخرطوم   تسامح نيوز

 

استهلال/

من أعظم ما قدمه لي تلڤزيون السودان الجلوس إلى شخصيات كنت أعدهم من الخيال. حتى داخل السودان جلست إلى عباقرة كنت ادير مؤشر المذياع ( الراديو) لأستمتع بعطائهم.

 

مواصلة/

 

الزمان:١٩٩٨م .. المكان:مكتب مدير البرامج…سلمته مقترحاً برامجياً لأنتجه من لندن.

مضى أسبوعان ليسألني أ.حسن فضل المولى:عملت شنو في موضوع لندن؟ غادر بعدها مكتب المدير المناوب قبل أن أجيب. تعجبت وزال عجبي في اليوم التالي. احمد حسين آدم(لاحقاً المتحدث بإسم ح. العدل و المساواة) يقابلني في باحة التلڤزيون: جوازك لانو المقابلة (Interview)غدافي السفارة البريطانية. سألته:ما أنت؟ من المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي وهو الجهة المنظمة لسفر الوفد لحضور مؤتمر المجلس القومي السوداني بالمملكة المتحدة و إيرلندة و قد اختارك التلڤزيون و معك المصور ايمن يوسف.

بعد الوصول إلى عاصمة الضباب و التغطية بدأت رحلة البحث عن الطيب صالح(الأعلام لا يسبقون بعنوان). بعد اسبوع كان اللقاء في السفارة السودانية بلندن.

سوداني بسيط تظهر عظمته في نوع الكلام عندما يتحدث. النوع من حيث المفردة و غزارة المعلومة. سلاسة في التعامل لا يتصورها أحد مع وقار يحفظ المقام دون تكلف ذلك.

بعد إجراء الحوار كانت (الونسة الجانبية) بعد أن سلمته مظروفا به كت(حوى اصدارات هيئة الأعمال الفكرية) أرسله إليه المحبوب عبدالسلام. قال لي: المحبوب ممتاز …غازي مثقف…حسين خوجلي رائع. تعرف يا ابني الناس ديل فرادي حلوين بس لمن يجتمعوا في شيطان بخش في وُسِطُم. ضحكت و لاحقاً نقلت المقولة لبعضهم. بعض المصادر تقول بأنه كان عضوا إسلامياً و هو طالب بالاميرية الوسطى پورتسودان ثم استقل ولم اجد لها تأكيدا قاطعاً من حيث الاستيثاق إلا الآتي( الصادق عبدالله عبد الماجد قال للباحث طارق المادح بان انتماءه كان عاطفيا مع تيار بابكر كرار و محمد يوسف ثم أخذه الإعلام و الأدب. ذكر حسن مكي في مؤلفه عن الحركة الإسلامية بان الطيب في عام ١٩٤٩ كان ضمن الخلية الطلابية المؤسسة للحركة الإسلامية. )

سألته عن حسونة الصباحي و تجواله في العالم. أجاب عن التونسي و صمت عن ترحاله. توقعته مسهبا عن زيارات پاريس و سويسرا و غيرهما. استنتجت لاحقا أنه لا يرى قيمة في الذاتي المحض(absolute subjective) ليزعج به الآخر و يشغله فقط الموضوعي.الكاتب حيدر المكاشفي ذكر ذات مقال في سياق سلوك فعل كهذا( اي تكثيف الذات على الغير ) : كالفساء يريح صاحبه ويزعج غيره.

لايستعرض شيئا من مسيرته قصد إبراز شئ لأنه استمد قيمته من إنتاجه. ذهب من (هنا امدرمان) إلى البي بي سي مسؤولا عن قسم الدراما و لا يفاخر بذلك بل يتحدث به غيره. ظل يجدد جوازه (الاخدر) حتى مماته، لأنه رمزٌ لوطن لا يريد أن يحمل غيره. استحق الجواز البريطاني بالإقامة و الزواج و العالمية ولم يفعل.

لم يحدثني إسماعيل طه أو أيوب صديق أو زينب البدوي أو والدها عن هوامش خارجَ الإطار المعرفي.زينب اشترت منزل قائد البحرية البريطانية التأريخي و دعتنا فيه و لم تحدثني عن ذلك. لا استعراض لأي ذات من رحلة أو ترحال او علاقات أو اشادات لأنهم عميقونprofound thinkers

ابلغ عبارة قالها لي:

يا ابني كل بلد في السياسة الدولية و الإقليمية ما يتحشر وسط الناس إلا بحجمو و قدراتو، الوطن عزيز و يكفي انو الازهري مات مديون و يحي الفضلي مات في بويت سغير(لم يقل صغير) واضاف : المحجوب علامة فارقة في حياتنا.

شكراً دائما تلڤزيون السودان على ما اكسبتنيه و لن أذكر سلبيات معاناتي مع بعض مرضى النفوس فمهما عانيت مكاسبي اكبر و تعظيم سلام للشرفاء.

حكى د.منصور خالد(مقال جريدة الاحداث) أنه تعجب من بساطة الطيب صالح عندما سأله عن برنامجه في مقبل الأيام فرد: في جماعة كدة في سويسرا مكرمني لأنهم اختاروا موسم الهجرة من ضمن افضل١٠٠رواية. تعجبتُ(و الحديث لمنصور خالد) اختاروه عالميا و يتعامل بهذه البساطة.

على ذكر الطيب صالح تذكرت التجاني الماحي الذي اجاد السنسكريتية (دول التَرْويكا) وهي لغة منقرضة تفرعت عنها أخريات في آسيا.تذكرته عضوا بمجلس السيادة خادما للوطن(لي عودة لاحقة). مسجد حاجة النية كان ملتقى شبه دائم مع الپروف. شمو وذات مرة طلب مني تبليغ رسالة لزميل :. أنا لم ألعب في المريخ( طبعاً يفاخر بانتمائه للمريخ) و لا أحتاج لمثل هذه المعلومة لاتضيف لي

I don’t need this.

عوداً على بدء، بعد أعوام سافرنا مع وفد ذات المجلس إلى مروي وفي الطائرة قلتُ لشكر الله خلف الله: الطيَّارة دي لو وقعت تاريخك راح لانو الناس ح يقولوا طيارة ناس الطيب صالح و جعفر مِرعني. عند وصول السد أفادني الطيب صالح أن هذا السد الاول جغرافيا على نهر النيل ،مبديا ذكي الملاحظة. ناديته: يا أستاذ فردَّ مقاطعاً: انا ما استاذ و كاد يبكي(سمعت حلقومه و قد تحشرج بغصة البكاءمن جراء ما سمع)

 

حمزوية الحمزوية/

 

 

العظماء يحكي عنهم الناس و لا يتحدثون عن أنفسهم ، يشغلهم الموضوعي في سياق الوطن. الذاتيُّ عندهم لخاصة الخاصة لا للاستعراض العام أو شبه العام.

حمزة عوض الله

٣٠شوال ١٤٤٤ه

20May2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى