أخبار

د أميرة كمال مصطفى: الخرطوم تنهض وتغسل وجهها من غبار التمرد

متابعات -تسامح نيوز

د أميرة كمال مصطفى: الخرطوم تنهض وتغسل وجهها من غبار التمرد

د. أميرة كمال مصطفى.

ليست مجرد مدينة استعادت ملامحها، بل عاصمة نهضت من الرماد، كما تنهض الفينيق من مواتها، وكما تصحو الذاكرة بعد طول نسيان. الخرطوم اليوم، ليست الخرطوم التي عرفت البكاء والخذلان، إنها مدينة عادت لنفسها، وكأنها تنفض عن كتفيها غبار الخوف، وتفتح نوافذها على الضوء من جديد.

منذ شهور، كانت العاصمة مختطفة. تُدار بالبارود، ويُكتب على جدرانها أسماء لا تعرفها ولا تعرفها هي. احتلتها المليشيات، كما يحتل الليل المدينة في غفلة الحراس، وظنّ البعض أن النور لن يعود، وأن النهر سينسى مجراه.

لكن الخرطوم لا تُهان مرتين.

د أميرة كمال مصطفى: الخرطوم تنهض وتغسل وجهها من غبار التمرد

اليوم، تعود الشوارع التي نعرفها، تُطل مآذنها شامخة، وتُسمع من جديد نداءات الباعة، وضجيج الحياة الذي كدنا ننساه. رحلت المليشيات، وسقطت أوهام السيطرة، وبقيت الخرطوم. لم تنكسر، وإن انحنت قليلاً للعاصفة، لكنها صمدت، وها هي تبتسم للمرة الأولى منذ زمن طويل.

عودتها ليست انتصاراً عسكرياً فحسب، بل انتصار لحق الناس في الأمان، لوجه الأطفال النائمين بلا فزع، لصوت الأذان حين يُرفع فلا يُقابل برصاص. إنها عودة الروح، عودة الذاكرة، عودة الدولة التي غابت طويلاً، لكنها لم تمت.

د أميرة كمال مصطفى: الخرطوم تنهض وتغسل وجهها من غبار التمرد

الخرطوم لا تحتاج لمن يعيد بناءها، بل لمن يحبها كما هي، بكل جراحها وأحلامها المؤجلة. هذا اليوم هو يوم الوفاء لها، ويوم العهد الجديد بأن لا نتركها مرة أخرى رهينة للرصاص.

أهلاً بك يا خرطوم، كما عرفناك: عاصمة للسلام، لا للدماء. مدينة للحياة، لا للمليشيات.

ودمتم دوما بخير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى