
د إيناس محمد أحمد: للحرب وجوه كثيرة
لم تكن الحرب يوما ما بكل آلامها ومآسيها غريبة عن البشرية ، فقد صاحب انتشار الحروب في أنحاء كثيرة من العالم تطور كبير في الأسلحة المستخدمة فيها ، نتيجة لذلك ظهرت أنواع من الأسلحة بالغة الأثر في هلاك البشرية ، من تلك الأسلحة الفتاكة ؛
الأسلحة الكيميائية التي ظهرت لأول مرة في نهاية الحرب العالمية الأولى في 22 ابريل 1915م حينما اطلق الجيش الألماني غاز الكلورين على مساحة اربعة أميال مربعة واصاب خمسة عشر ألف جندي ، ثم استعمله البريطانيون بعد ستة اشهر في نفس المعارك وخلفت قتلى ومصابين كثر ، إلا أن الاستخدام في تلك الحرب كان بدائيا الى حد كبير اذا ما قورن بالتقدم الذي حدث للاسلحة الكيميائية فيما بعد ، حيث لم تقتصر على غاز الكلور واكتشفت غازات اخرى كثيرة اكثر فتكا بالانسان ،
واصبحت قدرتها تفوق آلاف الأميال ولها آثار واضحة يسهل الاستدلال عليها و تسبب انواعا كثيرة من الامراض مثل السرطانات والتشوهات الخلقية للأجنة وبعضها يحدث شللا للانسان و آخر يحدث حروقا تؤدي الى الوفاة – لكنها في كل الأحوال لن تكون (كوليرا) مثلا – !!!!!!
هذا السلاح (الكيماوي ) لابد له من عدة عوامل اهمها :
1/ان يكون غازا ساما جدا ، حارقا يؤثر على الإنسان والحيوان والبيئة من حوله.
2/يجب الا يكون سهل التحلل خلال صناعته وحفظه الى حين استعماله.
3/ان يكون له مواد خام سهل الحصول عليها وبكميات تكفي للعمليات الحربية.
4/يجب أن يكون سهل الحمل والنقل تحت احتياطات شديدة الحيطة والحذر لخطورته.
هذه الغازات – على حسب حديث الخبراء – إن لها آثارا على المسطحات المائية وتربة الأرض والتلال والمباني العالية ، وأنه يسهل فحص هذه العناصر الكيميائية بواسطة لجان مختصة وعبر تقارير من منظمات متخصصة ،
وقد افردت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية واوضحت الإجراءات التي تتبع عند الادعاء وإجراء التفتيش وجمع الأدلة حول استخدام دولة ما أسلحة كميائية وارسال فريق خبراء وكيفية إعداد التقارير المتخصصة التي تدين الدولة اذا ثبت فعلا انها استخدمت أسلحة كميائية ،، وليس بالادعاءات والافتراضات دون ادلة او براهي دن عبر وسائل الاعلام ، فهل زارت لجنة خبراء متخصصة موقع الهجمات المزعومة ؟ هل تم فحص عينات للتربة او المياه في ذات المنطقة ؟ هل تم تحليل للمخلفات البيولوجية فيها؟؟ هل تم فتح تحقيق دولي رسمي عبر آليات المنظمة او الامم المتحدة حول استخدام الاسلحة الكيميائية؟؟ ،، هذه التساؤلات لابد وأن تكون حاضرة اولا .
لخطورة الوضع سعى العالم للحفاظ على البشرية من خطر الأسلحة الكيمياوئية بوضع اتفاقية دولية عرفت بمعاهدة (حظر الاسلحة الكيميائية) وتكونت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية(OPCW) ومقرها لاهاي (هولاندا) ، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 29 أبريل 1997م ، وتمثل المعاهدة نسخة موسعة ومنقحة من بروتوكول جنيف للعام 1925م حول الاسلحة الكيميائية ومنعت المعاهدة استخدام الأسلحة الكيميائية وانتاجها وتخزينها ونقلها ، وللمنظمة إجراء تفتيش لأي دولة عضو فيها يثور الشك حول استخدامها سلاحا كميائيا وفق إجراءات معينة موضحة في الاتفاقية ، وتضم الاتفاقية193 دولة .
حصلت هذه الاتفاقية على جائزة نوبل للسلام في العام 2013م للجهود المبذولة في مكافحة استخدام الأسلحة الكيميائية في العالم .
علي الصعيد الوطني السودان انضم للاتفاقية في 16مايو 1999م ، ومنذ ذلك التاريخ والسودان عضو فاعل وملتزم بالاتفاقية وعضو داخل المنظمة الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وتراس المجموعة آلافريقية فيها ثم اصبح عضوا في المجلس التنفيذي لها وتراس المجلس التنفيذي ثلاث مرات ، آخرها كان حينما انتخب للمجلس التنفيذي في الدورة التاسعة والعشرين للدول الاعضاء في المنظمة والذي عقد في لاهاي نوفمبر 2024 للفترة من 2025 الي 2027 م ، بالتالي من البدهي أن يكون السودان مدركا وملتزما بالاتفاقية واحكامها وان يحافظ على وضعه داخل المنظمة – بأقل تقدير- ووضعه الدولي امام العالم كدولة فاعلة نالت ثقة رصيفاتها من الدول الأعضاء في ملف حظر الأسلحة الكيميائية.
لذلك فالادعاءات التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية ماهي إلا وجه اخر للحرب او (نوعية جديدة) لكروت الضغط علي الحكومة السودانية بعد فشل خطط ابوظبي في تدمير السودان وهزيمة المليشيا الإرهابية امام القوات المسلحة -رغم دعم ومساندة وتمويل ابوظبي لها بسخاء – وما ابوظبي إلا أداة لأيد خبيثة تود تدمير بلادنا لكن هيهات! !!!
بالتالي وبعد فشل ابوظبي ،، تدخلت واشنطن بادعاء استخدام الجيش السوداني لاسلحة كميائية، دون الرجوع للمنظمة المعنية ودون إجراء تفتيش قانوني ودون ادلة تشير لهذا الادعاء المزيف متجاوزة بذلك احكام الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وأحكام الأمم المتحدة التي تحدد الإجراءات في مثل هذا الوضع ، وتوقيع عقوبات على السودان بسبب تصريح صحفي او معلومات مغلوطة يعد تسيسا للقانون الدولي لا يمت للعدالة بصلة .
وللولايات المتحدة سوابق بافتعال مثل هذه الادعاءات في العراق ثم في قصف مصنع الشفاء بالسودان بصواريخ كروز في 22 اغسطس 1998م .
بالتالي ما يحدث الان ماهو الا استمرار في سياسة استهداف السودان منذ سنين عبر العديد من صور الاستهداف منها تطبيق عقوبات اقتصادية وحظر دولي وعزلة عن العالم ، وحظر بعض الصادرات الأميركية للسودان ووضع قيود علي إمكانية الحصول علي قروض أمريكية وضمانات الائتمان ، واستغلال لحالة الحرب التي تعيشها البلاد ، لنشر الفوضى ، حتي تقبل بالحلول السياسية المفروضة من الخارج ولكن أيضا هيهات فالارادة والقيادة السودانية لا ولن تقبل هذا مهما حدث ، وهل هناك شئ امر وأصعب من الحرب ؟!!!
لكن على بلادنا أن تتمسك بحقها القانوني وأن تواصل اجراءاتها عبر منصات القانون ووفق احكام اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية للوصول لحقها القانوني والتعامل الجاد مع هذه الاتهامات المزيفة .
والتحية لقواتنا المسلحة التي أينما حلت حل الأمن والأمان ودخل معها السلام والطمأنينة للمواطن ، واستقبلها الشعب بالفرح والزغاريد ، وحل الاستقرار والإعمار بوجودها .
اللهم انصر القوات المسلحة نصرا عزيزا يا الله سبحانك لا ناصر لنا الا انت.