
صدى الأحداث
لا يختلف اثنان أن الشرطة في اي بلد هي صمام الأمان وحامي حماها ، ويقع عليها عبء كبير لان تقوم بهذا الدور العظيم سيما في ظل بلاد تواجه تحديات كبيرة ومتلاحقة ، تتقاذفها من كل حدب وصوب ، تحديات سياسية أو اجتماعية أو أمنية أو اقتصادية أو اقليمية وعالمية.
ومن المؤكد أن السودان يمثل هذا النموزج، نموزج مواجهة التحديات الكبيرة والعظيمة ، فسياسيا البلاد تعيش حالة استثنائية، خلافات عميقة بين القوى السياسية وبين المكون العسكري، وكذلك خلافات في ما بين القوى السياسية نفسها ، حيث تسود حالة عدم قبول الآخر بشكل مزعج ، الكل يسعى لفرض نفسه واقصاء الآخرين ، بما نتج عنه سيولة وعدم استقرار عميق اربك الوضع السياسي بشكل لافت ومخيف.
ومن المؤكد أن الأوضاع السياسية المربكة هذه لها تاثيراتها السلبية على الأوضاع الاقتصادية ، حيث حدث انهيار اقتصادي وتوقفت عجلة الإنتاج في قطاعات عديدة ، كثير من المصانع اغلقت أبوابها وسرحت عامليها ، وشركات إنتاجية واجهت ذات المصير ، زراعية ، طبية ، وشركات معادن وبترول وغيرها ، وتراجعت العملة الوطنية بشكل محزن ومخيف ، ومستثمرون اجانب ومحليين غادروا السودان برؤوس أموالهم مما كان له اثره البالغ على التنمية في السودان.
بالطبع هذه الأوضاع كان لها مردودات اجتماعية وأمنية، كثير من الأسر عاشت تحت حد الفقر بعضهم اضطر بيع ممتلكاته ليسد رمق جوع من يعولهم ، أما أن يوفروا المتطلبات الدراسية لابنائهم فهذا أمر صار صعب المنال للكثيرين منهم .
البعض فضل الهجرة خارج السودان وان كان الأمر فيه كتير من المخاطر أو القفز إلى المجهول .
اما التأثير الأمني فهو واضح للكل حيث ازدادت جرائم النهب والسلب والقتل ،وجرائم تسعة طويلة وما ادراك ما تسعة طويلة، التي روعت مواطن الخرطوم، فالكل صار يتحسس ممتلكاته ( الموبايل ، الجزلان) أينما ذهب واينما حل ، الشارع السوداني صار غير أمن، الكل يشعر بالخوف وعدم الأمان وهو خارج منزله وداخل منزله فربما تسلل لصا ونهب كل ما يملك أهل الديار تحت تهديد السلاح.
وتحت كل هذه المهددات والتحديات يعمل رجل الشرطة في صمت وتحمل وصبر وجلد ، فهو يعاني الأمرين، يتحمل تبعات الأوضاع التي الت إليها البلاد ، ويتحمل عبء مسؤوليته في حفظ الأمن والأمان وان كان الثمن فقد حياته في ظل السيولة الأمنية التي تواجهها البلاد ، سيما الصورة السيئة التي تم رسمها وكادت أن ترسخ في اذهان كثير من الشباب تجاه رجل الشرطة وان الشرطة تعمل ضد تطلعات الشباب وحريتهم ، وما يحدث الآن وما يواجهه رجال الشرطة أثناء التظاهرات شئ محزن ، كثير منهم فقدوا أرواحهم وبعضهم واجهوا إهانات واذلال بسبب ذاك الفهم الخاطئ لدور رجل الشرطة ، بما جعل قيادة قوات الشرطة تفرد حيزا كبيرا لمناقشة هذا الأمر خلال احتفالاتها باعياد الشرطة التي انعقدت الأسبوع الماضي .
عموما هذه فرصة جيدة لمراجعة ما لحق بقطاع الشرطة خلال الفترة الفائتة من أضرار واذى و”شيطنة” سواء على مستوى رجالات الشرطة أو أقسام الشرطة التي تعرضت للتلف والنهب .
نتمنى أن تعود الشرطة السودانية لسيرتها وهى تقوم بدورها لحماية الوطن والمواطن في عزة وشموخ ليعود الأمن والأمان لربوع السودان.