
د.سامية علي : خطاب البرهان.. أثلج الصدور
أكثر ما شد الكثيرون في خطاب البرهان في حديثه للصحفيين ثقته الكبيرة بأن النصر قريب ، كان واثقا بأن النصر قاب قوسين أو ادنى أو كما قال للصحفيين القادمين من بلاد المهجر حينما التقاهم في وقت سابق ” اني ارى النصر أمام عيني كما أراكم الان أمامي.
وبالطبع محددات ورؤى القائد العسكري أكثر صدقا ووضوحا من أن يراها الآخرون.
فهو يرى بمعايير نظرته الشاملة والتفصيلية وهو يتابع تفاصيل المعركة بدقة في الخرطوم بمدنها الثلاث والجزيرة بقراها المتعددة ودارفور بولاياتها المعروفة .. ينظر عبر شاشة مكشوفة وواضحة لا غبش فيها.
وأكثر ما اثار الغبطة والفرحة العارمة في نفوس الشعب السوداني تأكيداته التي لم يتزحزح عنها كلما خاطب جمعا من الناس أو جنوده في الميدان الا تفاوض مع من قتل وسلب واهان انسان السودان ولا تفاوض الا بعد يتم تنفيذ كل بنود ومقررات إعلان جدة وخروج المليشيا من المنازل والاعيان.
وزاد امس أن لا مقايضة بين الخرطوم والفاشر ، ويبدو أن أمريكا قد اشترطت خروج المليشيا من الخرطوم مقابل احتلالها للفاشر الا ان البرهان قطع هذا الطريق وقالها صراحة لن نذهب لجنيف ، ولن نجلس في مكان يشاد فيه بالمليشيا .
وكان قد دب بعض الخوف والتوجس حينما كثرت الاتصالات الهاتفية بين المسؤولين الامريكيين بالبرهان ، ثم اعقبها زيارة رئيس المخابرات المصري الذي من المؤكد جاء حاملا رسالة أمريكية لذات الهدف .
الا ان حديث البرهان امس أنهى هذه المخاوف وبدد شكوك ربما يحدث تراجع من القيادة العسكرية والاذعان للضغوط الأمريكية.
وما أثلج الصدور التطمينات التي أطلقها البرهان أن لن نجلس في مكان يشاد فيه بالتمرد، ولا وجود للتمرد في السودان وخاطب حميدتي لن اقتلك ولن تستطيع مقابلة الشعب السوداني وسنطاردك اينما حللت.
وبهذا فقد قطع البرهان الطريق أمام اي فرصة لعودة الدعم السريع أو التفاوض معه وهذا ما يريده السودانيون ولن يتنازلوا عنه.
ويبدو أن القيادة تخطط بدقة حيث انها تتجه شرقا واشارت التسريبات إلى زيارة البرهان مطلع سبتمبر القادم إلى الصين وبالطبع هذه الزيارة لها ماوراءها .

وكذلك نشطت العلاقات السودانية الروسية بجانب العلاقات التركية وتحريك الاتفاقات السابقة وانزالها للواقع . بما يؤكد أن السودان تخطى مرحلة الحرب ويخطط لما بعد الحرب.
وهذا ما اثار حفيظة الادارة الامريكية وجعلها تلهث وراء السودان وحكومته ولوحت له بالجذرة وقدمت الكثير من التنازلات الا ان حكومة السودان لم تكترث لذلك ، ومضت في طريقها ولسان حالها يقول المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.