أخبار

د. طارق محمد عمر يكتب: اجانب في جهاز الأمن

تسامح نيوز | الخرطوم

 

من مذكرات جهاز الأمن الداخلي من الألف إلى الياء :

 

استلمت إدارة أمن الجهاز من عقيد يدعي/ سربل .. وتعرفت على ضباط وأفراد الإدارة وطبيعة عملهم ثم عكفت على دراسة الخطط .. عدلت في الهيكل المنظم للعمل فاضفت شريحة المعاشيين والمتقاعدين وأسر منسوبي الجهاز ونظمت الأفرع والشعب لتكون متوافقة مع ماهي عليه إدارة مكافحة التجسس وفقا للقارات والوجود الأجنبي ومصادر الخطر الداخلي.. ثم بدأت في إلقاء سلسلة من المحاضرات لرفع القدرات الاستخبارية لدى منسوبي الإدارة.. لحظتها تلقيت طلبا من مدير الأمن الشعبي ص.. ن. وهو رجل خلوق وذو كفاءة عالية ومحل ثقة ومخلص ومقرب منن د. ترابي.. يطلب تصنيف عضوية الجهاز بين جيد ووسط وسيئ .. وفهمت أن الطلب بتوجيه من .د. ترابي… فوجهت الضباط بإعادة التحري عن جميع منسوبي الجهاز وأسرهم وخدمهم وأصدقائهم.. ذلك خلال شهرين من تاريخه.. وأقر واعترف بأني قد قسوت عليهم فالمهمة شاقة والعدد كبير وقوة الإدارة محدودة.. واصلوا الليل بالنهار حتى بدأ عليهم الاعياء وارتجفت منهم الأيادي. ولم أولى رجاءات الضباط بالتخفيف اهتماما .. لكنهم أنجزو ا المهمة باقتدار .. كشفت التحريات عن وجود اجانب ضمن منسوبي الجهاز يحملون جنسيات سودانية أغلبهم من إثيوبيا وارتريا وتشاد.. والبعض نصف سوداني بمعنى أن أحد والديه اجنبي.. مثلما كشفتا نصارى بهويات إسلامية.. وسير ذاتية وشهادات دراسية مزورة .. وكل ذلك يعد من مداخل الاختراق.. وليس بالضرورة انهم يعملون لصالح مخابرات بلدانهم فقد يكونوا مجندين لصالح مخابرات دول أخرى.. من الطرائف أن التحري عن المراسلة الذي يعد الطعام والمشروبات الباردة والساخنة وردت عنه معلومات تقول : انه سوداني لكنه يبيت في منازل يسكنها حبش.. ولما تكررت ذات الإفاءات شككت في أمره رغم أن سحنته سودانية ولسانه طلق.. اعتاد أن يحضر شاي الصباح لمدير الإدارة ابتداء ثم يذهب لبقية الضباط.. فلما دلف إلى مكتبي وهو يحمل أكواب الشاي فاجاته بسؤال سريع ومباغت ( هل انت حبشي ؟. ) فارتجف وكادت الاكواب أن تسقط من يديه.. فاجابني : نعم انا حبشي.. فطلبت منه وضع الاكواب واستدعىت احد الضباط النجباء للتحقيق معه ومعرفة الجهة التي زرعته في الجهاز.. فأمر نائب مدير الجهاز بإخلاء حال سبيدله وطرده من الخدمة .. وهذا قرار خاطئ من منظور استخباري إذ كان من الأفضل تقله إلى إدارة خدمية وتشغيله جاسوسا مزدوجا ثم الاستفادة منه في مواقع أخرى.

حضرت إلى مكتبي ياكرا فإذا بأحد الضباط يطرق بابي ويقول لي في حسرة : ( إكس) هرب بطائرة إلى الأمارات.. واكس هذا ضابط في الجهاز كان من الإسلاميين وعرف بطيبته ولطفه لكن فلان عميل المخابرات المصرية استقطبه واصبح يرتاد المنازل المشبوهة ويسهر في لياليها الحمراء حتى الصباح.. ثم جندته المخابرات المصرية لصالحها حتى قيل إنه ترك الصلاة.. ولما استدعته رئاسة الجهاز واستوضحته وجهت بوضعه تحت الإيقاف البسيط ( عدم مغادرة منطقة السكن) ريثما تشكل له لجنة تحقيق.. قلت للضابط متي أقلعت الطائرة؟.. قال : منذ ساعتين قلت له : ساعيده بذات الطائرة فهناك متسع من الوقت إذ تستغرق الرحلة نحو ٤ ساعات ونصف الساعة فاستغرب حديثي.. دونت على ورقة رقم هاتف مسؤول يعمل في بعثتنا الدبلوماسية ببللامارات وعلاقتي به وثيقة.. وقلت له : اذهب الآن الى وزارة الخارجية واتصل عليه عبر جهاز الاتصالات الحديثة واعلمه انك من طرفي واني اطلب إعادة الضابط الهارب بذات الطائرة مصفدا مخفورا بواسطة إخوتنا في أمن الإمارات.. بالفعل تمت إعادته واودع الحراسة بسجن كوبر.

كشفت التحريات عن وجود ٧ خدم حيش يعملون في منزل مدير الجهاز! !… د. قطبي المهدي فلما استفسرته قال لي : ارسلهم الدبلوماسي فلان بسفارتنا في إثيوبيا وهم مجموعة كبيرة ثم توزيعها على منازل كبار المسؤولين.. قلت له : لكنكم تشغلون مناصيب رفيعة وحساسة وربما كانت هذه شبكة تجسسية.. وليس بالضرورة أن تكون تابعة للمخابرات الإثيوبية فقد تكون عاملة لصالح مخابرات دولة أخرى .. و عدته بحصرهم والتعرف علي حقيقتهم ثم رفتهم.. لحظتها تذكرت شبكة الاحباش التي اخترقت منزل الخليفة عبد الله وقادة الثورة المهدية وقد أدارها يهودي تظاهر باعتناق الإسلام يدعي جوزيف مايكل أو يوسف ميخائيل .

كان وجودي على سدة إدارة أمن الجهاز أمرا مرعبا للعملاء والجواسيس خاصة مجموعة فلان المجند لصالح المخابرات الَمصرية.

سنغني لك يا وطني مثلما غني الخليل.. سنغني للجسارة لحريق ألمك في قلب الدخيل .

اواصل بإذنه تعالى.

د. طارق محمد عمر.

الخرطوم في يوم الجمعة ٩ ديسمبر ٢٠٢٢.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى