المقالات

د. طارق محمد عمر يكتب : الزبير باشا / حلقات مفقودة

الزبير رحمة منصور من اصول جميعابية جعلية عباسية .. ولد بجزيرة واوسي بالقرب من الجيلي يوم 8 يوليو 1831 .. درس الخلوة بالجيلي والكتاب في الخرطوم مثلما درس الفقه المالكي .. عمل في تجارة سن الفيل والخرتيت وريش النعام والذهب ( وجلب وبيع الرقيق .. محل خلاف ) .. كون قوة قوانها 500 فردا لحماية تجارته من قطاع الطرق ثم ازداد العدد ليبلغ عدة آلاف .. وفضل ان تكون منفصلة عن جيش الدولة الرسمي .. واصبح يتمتع بقوة ضاربة وحكم دارفور ومناطق من جنوب السودان .. كان له وضع متميز في التركية السابقة فانعمت عليه بلقب باشا .. وكانت له صلات جيدة مع قادة الحكم ومديري المديريات ومنهم بريطانييون واوروبيين .. لا شك ان فرنسا الراعي الخفي لحكم التركية السابقة قد علمت بنوايا خصمها اللدود بريطانيا لاحتلال مصر والسودان قبل فترة كافية .. واعدت المسرح لافشال الاستعمار المتوقع .. ومن ذلك التخطيط لاشعال ثورتين في مصر والسودان .. العرابية والمهدية .. وشعارهما الدين في خطر ولن يحكمنا النصارى .. تم اختبار الزبير لمعرفة رايه في ظهور مهدي سوداني .. فانكر ذلك لخلفيته الدينية المستندة على المذهب المالكي .. جاء ذلك ابان حكمه لدارفور خين ارسل اليه عبد الله محمد آدم ود تورشين خليفة المهدي فيما بعد .. ارسل له خطابا يقول له فيه : انتي رايت في المنام انك المهدي المنتظر .. فرد عليه محذرا : الم انهك عن الدجل والشعوذة ؟ .. ومعلوم ان دارفور قريبة من مناطق النفوذ الفرنسي ويؤثر عليها .. ويبدو أن فرنسا اختارت دارفور منطلقا ونصيرا للثورة المهدية .. لذلك عمل حكام التركية السابقة على عدم التعاون مع الزبير وقواته فامتعض .. ومن ثم ارسل خديوي مصر في طلبه ولما وصل القاهرة منع من العودة .. ثم ارسل على رأس 4000 مقاتل دعما للدولة العثمانية في حربها ضد روسيا وقد حقق انتصارات باهرة .. وبعد عودته الى القاهرة وعلمه بمقتل ابنه سليمان في تخوم جنوب السودان وتشتت قواته تم نفيه الى جبل طارق .. وعاد بعد سنوات من ازالة حكم الثورة المهدية بواسطة المستعمر البريطاني .. ليلقى ربه في العام 1913 .. الزبير وابنه وقواته كانوا ضحايا لصراع فرنسي بريطاني قديم .. والتاريخ يعيد نفسه .
الخرطوم في يوم الجمعة 28 يناير 2022 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى