المقالات

د .طارق محمد عمر يكتب.. يهود السودان .. الأحزان

عند وفاة اليهودي يهرع أهله ومعارفه إلى سكنه بينما يتولى أقاربه عملية غسله.. ان كان بجسدالميت جرح نازف يتم وقف الدم وتجفيف الجرح ذلك قبل الشروع في الغسل.. يغسل الجسد جيدا بما يشبه الاستحمام ثم يغسل بالماء الطهور.. ويلف بالاكفان مع وضع العطور بين طيات الكفن وتسمى هذه مرحلة التطييب ويغطي الراس بخمار.. ان كان الميت من الاشكناز الغربيين يوضع جسده داخل صندوق خشبي يسمى التابوت وان كان من الشرقيين فلا.. يصلي عليه جماعة ويدعون له بالخير.
المقبرة من حيث العمق تتراوح مابين ألمترين والثمان ذلك بحسب مكانة وغنى المتوفى لأن من عاداتهم وضع بعض المقتنيات الثمينة التي كان يحبها الميت.. مثل المصوغات الذهبية والمجوهرات.. والعمق يهدف لمنع اللصوص من نبش القبر.. ومنذ نحو ٥٠ عاما إثر اختراع الآلات الكاشفة للمعادن أصبح القبر يطمر بأنواع من الحجارة التي تشوش عمل تلك الأجهزة.. وفوق الحجارة يهال التراب.. في حال كان الميت عظيم المكانة أو الثراء يؤتى بجسد ميت آخر فيدفن أعلى القبر للتمويه على اللصوص..يوسد الجسد التراب داخل القبر على ظهره والوجه إلى السماء والقدمين باتجاه المسجد الأقصى ليهرع إليه الميت يوم البعث من القبور.. بعدها يتراجع المشيعون من حول القبر لنحو ٤ أمتار على هيئة صفوف وبكل صف ١٠ من الرجال يعددون مآثره.. ويتقدم أقاربه ليوصيه أحدهم يافلان : الله حق وموسى حق والتوراة حق وأقوال الحكماء حق.. حتما سيحاسبك الله على أعمالك.. ثم يحملون بيسراهم ترابا ويلقونه على القبر وينصرفون.
أبناء وأقارب الميت من الدرجة الأولى يمزقو ن مايرتدون لحظتها من ملابس ويضعون على رؤوسهم الرماد وينوحون على الميت.. يجلسون وينامون على الأرض بينما يتولى المعزون عملية تخفيف أحزانهم بالقول الطيب ويحثونهم على الصبر .. ويجلبون لهم الطعام العادي مثل العدس ويوضع في صحون دائرية كذلك المعجنات أو الكعك المالح الذي يصنع؛ بشكل دائري في إشارة إلى حال الدنيا الذي يدور بين الخير والشر .. ويمتنع أقارب الميت عن التطيب أو الاستحمام أو تفريش الأسنان لمدة أسبوع.. وخلال هذه الفترة يتردد الكبار يوميا لأداء صلاة جماعية على روح الميت ويدعون له.. وهي تشبه صلاة الغائب لدى المسلمين.
بعدها تعود الحياة إلى طبيعتها.
د. طارق محمد عمر.
الخرطوم في يوم الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠٢٣.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى