د. طارق محمد عمر ✍️..البوستة / صراع المخابرات الاستعمارية والأزهرية
البوستة / صراع المخابرات الاستعمارية والأزهرية : البوستة كلمة لاتينية دخلت على اللغة التركية ثم العربية .. واللغة اللاتينية هي لغة الروم الإغريق وتعد من اللغات المنقرضة .. واللغة اليوناتية هي نسخة حديثة من اللاتينية .. وبوستة تعني عربة تجرها الدواب مخصصة لنقل البريد الذي يحوي خطابات وامانات يراد توصيلها من جهة الى اخرى .. كان للبوستة او ما يعرف لدينا بالبريد والبرق والهاتف .. شأن عظيم في حقبة الإستعمار البريطاني للسودان 1898 الى 1956 .. كانت الخطابات الرسمية وتقارير الأمن ترسل بواسطتها داخل مظاريف مغلقة ومختومة بالشمع الأحمر .. وفي الحالات المستعجلة يتم الارسال عبر جهاز التلغراف او مايعرف بالبرق وتكتب الرسائل باختصار واحيانا تكون مشفرة .. عملية السنسر او التنصت على المحادثات الهاتفية تتم بالاتفاق مع وكيل البوستة المسؤول من الهاتف ومن الذين تم التنصت على محادثاتهم الزعيم الازهري والمحجوب وزروق .. وكانت عملية التنصت تتم داخل مكتب صغير في ادارة الاستخبارات العسكرية التي كان يتبع لها قلم المخابرات قبل انتقاله لبوليس السودان 1942 وتسميته لاحقا بالفرع المخصوص .. وكانت عملية التنصت تقوم بها مجموعة من عساكر المخابرات برتبة رقيب ورقيب اول يتقنون العربية والانجليزية .. كذلك كانت تقارير المخابرات ترسل بواسطة جهاز لاسلكي يتبع للبوستة .. واعلى باب مكتب اللاسلكي تكتب عبارة ممنوع الدخول منعا باتا لغير العاملين في المكتب .. وقد عملت مخابرات المستعمر على توظيف اقباط استجلبتهم من مصر للعمل في البوستة .. وكانوا عبارة عن بصاصين لمراقبة وكلاء وموظفي وعمال البوستة.. لذلك كانوا مكروهين من الجانب السوداني .. الزعيم الأزهري جند عددا مقدرا من وكلاء البوستة في جهاز مخابرات حزبه .. كانوا يفتحون الخطابات بواسطة بخار الماء والاطلاع على محتوياتها ثم اغلاقها باحكام .. اما التي عليها ختم بالشمع الأحمر فتفتح من احدى جانبي الظرف بالة حادة تشبه المسطرة .. اما التلغرافات ورسائل اللاسلكي فيتم الاطلاع على المسودة وحفظها عن ظهر قلب ثم كتابتها على هيئة تقرير امني وارسالها الى مكتب أمن الحزب .. اما المكاتبات المرسلة من أو إلى اقاليم السودان فتسلم للوكيل السفري الذي تخصص له سيارة نقل وحراسة او عربة في القطار فيجد وقتا كافيا لفتح المظاريف والاطلاع على محتوياتها دون رقيب.. ولأهمية البوستة عمل المستعمر على نقل مكاتب الفرع المخصوص من المبنى الملاصق للقنصلية المصرية غربا الى مكاتب ملاصقة لمبنى رئاسة البوستة غرب القصر الجمهوري .. يذكر أن وكلاء البوستة خصص لهم المستعنر رواتب شهرية تعادل اليوم زهاء المليون جنيه ( مليار بالقديم ) فعاشوا ملوكا . د. طارق محمد عمر . الخرطوم في يوم الأربعاء 6 ابريل 2022 .
