المقالات

د. عصام بطران يكتب:(الدواجن) نكسة السلوك الاستهلاكي !!

الخرطوم تسامح نيوز

 

– حتى العام ٢٠١٨م كان السودان ينتج من اللحوم البيضاء فئة الدواجن ، ٥٣ مليون فرخة في العام ، ٨٠% منها تنتجها ولاية الخرطوم (تقرير رسمي صادر عن مفوضية تشجيع الاستثمار ولاية الخرطوم) ..

– هذه الانتاجية العالية لم تكن خبط عشواء بل كانت وفق دراسات علمية وخطة استراتيجية محكمة تم تنفيذها على ثلاث مراحل (قصيرة، متوسطة، طويلة) الاجل ، وشملت الاهداف الاستراتيجية للخطة اهمية وضرورة التحول الاستهلاكي في السودان من اللحوم الحمراء الى البيضاء لاسباب عديدة اهمها:

١. سهولة الانتاج في مجال الدواجن ..

٢. الاستفادة من اللحوم الحمراء السودانية في تنمية الصادرات والدخل القومي ..

٣. تشغيل المجتمع في عملية انتاج الدواجن (عمليات شبه منزلية) ..

٤. تشجيع الاستثمار في المجال وجذب رؤوس الاموال العربية (تجارب سابقة “الكويت”) ..

٥. النهوض بصناعة الاسمدة العضوية من مخلفات الدواجن ..

٦. تيسير العبء المعيشي على المواطنين ..

٧. تغيير نمط الاستهلاك بايجاد البدائل الغذائية الصحية المتنوعة ..

– نجحت الخرطوم في حشد الطاقات لانفاذ الخطة في العام ٢٠٠٦م في عهد الوالي الاسبق الدكتور عبدالحليم اسماعيل المتعافي واستمرت الجهود الحثيثة في عهد خلفه الدكتور عبدالرحمن احمد الخضر وحققت الاهداف المنشودة ريادة الولاية في مجال انتاج الدواجن وصناعتها ، وقد حدث في تلك الفترة تحول ملحوظ في السلوك الاستهلاكي للمواطن السوداني لصالح الدواجن ولمس المجتمع انذاك تحولا في الصنف الرئيسي الى الفراخ بدلا عن صنف اللحوم الشهير ب(الضلع) في موائد الافراح المقامة على النمط الشعبي (الصينية) ، وصار الدجاج من الوجبات الرسمية والاجتماعية والاسرية وفي صالات الافراح حتى اصبح طعام الفقراء ووجبة المساكين ..

– بدأ التراجع في انتاج الدواجن منذ العام ٢٠١٩م بعد ان وصل الانتاج ذروته عقب تاسيس عدد من الشركات الكبرى بالشراكة مع القطاع الخاص مثل شركات (ميكو ، القارص ، العربية ، ساديا) ودخلت شركة زادنا في المجال ودفعت بدخول الولايات الى الانتاج والتسويق خاصة ولاية نهر النيل ، وغيرها من شركات صناعة الدواجن في القطاع الخاص المحلي والاجنبي ..

– العام ٢٠٢٠م كان عام (النكسة) في انتاج الدواجن عقب مصادرات لجنة ازالة التمكين لمشروعات الدواجن الناجحة وتعيين اوصياء على ادارتها من اللجنة سيئة الذكر لم يكونوا على القدر الكافي من الخبرة ولا المسؤولية ولا الوطنية ، حكى لي بحسرة احد العمال بمزرعة ميكو ان البيض والدجاج ياكله ابوالحصين ليلا وينهبه الى بيوتهم اولاد لجان المقاومة الذين اتخذوا من المزارع مسكنا وملاذا حتى بانت نواجز الفساد وهدم البناء بعد تمامه ..

– التدمير الشامل الذي طال قطاع الدواجن في عهد قحت لم تشهده البلاد حتى اثناء اجتياح العالم جائحة انفلونزا الطيور التي كانت سببا في خروج كبريات شركات انتاج الدواجن في العالم وقد سخر الناس حينها من ظهور الوالي المتعافي على الشاشات الفضائية وهو يلتهم الفراخ المشوي امام مجلس وزراء حكومة الولاية وجمع من الصحفيين للتاكيد على سلامة المنتج السوداني من الدواجن حرصا منه لاجل الحفاظ على مكتسبات التحول الاستهلاكي للحوم البيضاء ..

– وزارة الثروة الحيوانية قررت فتح استيراد الدواجن المذبوح من الخارج لسد الفجوة في الانتاج الذي دمرته لجنة ازالة التمكين وقضت عليه (حرب الاتفاق الاطاري) والقاسم المشترك في اسباب الدمار الشامل لقطاع الدواجن (قحت) بلا منازع ، هذا القرار الصادم له اثار كارثية في انحراف استراتيجية تحول السلوك الاستهلاكي الى اللحوم البيضاء غير انه يسبط همم الانتاج والمنتجين ويمسح قطاع الدواجن من الخارطة الاستثمارية بالبلاد ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى