برلمان القراء

رؤية استراتيجية لإعمار الخرطوم: جذب الاستثمار وإعادة التشكيل الحضاري 

خالد عبد الله محمد المصطفى

رؤية استراتيجية لإعمار الخرطوم: جذب الاستثمار وإعادة التشكيل الحضاري

بقلم: خالد عبد الله محمد المصطفى

المقدمة: من الدمار إلى النهضة

تشهد ولاية الخرطوم اليوم تحدياً تاريخياً لإعادة الإعمار بعد الدمار الذي طال بنيتها التحتية والمنشآت الحيوية بسبب الصراعات الأخيرة. هذه اللحظة ليست مجرد إصلاحٍ للماضي، بل فرصةٌ ذهبية لبناء عاصمةٍ حديثة تُصمم برؤية استشرافية، تعتمد على جذب الاستثمار المحلي والدولي، وتستفيد من الموقع الاستراتيجي للخرطوم لتصبح مركزاً اقتصادياً وإقليمياً ينافس مدن العالم الكبرى.

 

المرحلة الأولى: تعبئة رجال الأعمال السودانيين

يجب أن تبدأ عملية الإعمار بتمكين الرأسمال المحلي، وذلك عبر:

1. توفير حوافز استثمارية مغرية:

– إعفاءات ضريبية لمشاريع الإعمار ذات الأولوية.

– تخصيص أراضي بأسعار رمزية للمستثمرين السودانيين في قطاعات (الإسكان، الطاقة، النقل).

2. شراكات عامة-خاصة:

– إنشاء صندوق سيادي سوداني للإعمار، يُدار بالتعاون مع القطاع الخاص. تحت اشراف رئيس مجلس السيادة بفخامته.

3. تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة:

– دعم رواد الأعمال الشباب في مجالات التكنولوجيا والخدمات اللوجستية.

رؤية استراتيجية لإعمار الخرطوم: جذب الاستثمار وإعادة التشكيل الحضاري 

المرحلة الثانية: جذب المستثمرين الدوليين

بعد بناء الثقة عبر النجاحات المحلية، يتم التوجه للاستثمار الأجنبي عبر:

– منصات ترويجية دولية:

– مشاركة مكثفة في منتديات الاستثمار (مثل قمم عالمية للاستثمار).

– ضمانات سياسية وقانونية:

– قوانين تحمي المستثمرين من التغييرات السياسية المفاجئة.

– استغلال الموقع الجغرافي:

– تسويق الخرطوم كبوابة إفريقية تربط الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

إعادة تخطيط مطار الخرطوم: رؤية مستقبلية

المقترح الأول: تغيير موقع المطار الحالي

– الموقع الجديد: شرق النيل (منطقة واسعة قابلة للتوسع، بعيدة عن الزحام العمراني).

– مزايا الموقع الجديد:

– تقليل الازدحام حول العاصمة.

– إمكانية بناء مدرجين جويين يتناسبان مع التوسعات المستقبلية.

رؤية استراتيجية لإعمار الخرطوم: جذب الاستثمار وإعادة التشكيل الحضاري 

المقترح الثاني: تحويل موقع المطار القديم إلى مدينة تجارية عالمية

– رؤية المشروع:

– إنشاء “مدينة الخرطوم العالمية” على غرار “مدن عالميه مالية”، ولكن ببُعدٍ إفريقي.

– تصميم المدينة لتربط أحياء العاصمة (شرق النيل، أم درمان، بحري) عبر شبكة مواصلات متطورة.

– مكونات المدينة:

1. مركز مالي وإداري**: يجمع البنوك الدولية والمقرات الإقليمية للشركات.

2. منطقة سياحية وثقافية: متاحف، فنادق فاخرة، وأبراج سكنية ذكية.

3. محور نقل متكامل:

– مترو أنفاق يربط المدينة بوسط الخرطوم وأم درمان.

– ترام سريع يخدم المناطق التجارية.

رؤية استراتيجية لإعمار الخرطوم: جذب الاستثمار وإعادة التشكيل الحضاري 
نقابة الصحفيين

مشروع المترو: شريان النقل الحديث

– مسار المترو:

– يبدأ من المطار الجديد (شرق النيل) → المدينة التجارية → مركز الخرطوم → أم درمان → بحري.

– التكلفة والتمويل:

– شراكة بين الحكومة وشركات سعودية/صينية متخصصة في النقل السريع.

 

كيف ستتفوق الخرطوم على مدن عالمي كمثال مدينة الدوحة بقطر؟

1. العمق الإفريقي:

– كونها مركزاً لربط الأسواق الإفريقية المليئة بالموارد واليد العاملة.

2. التنوع الاقتصادي:

– لا تعتمد فقط على النفط أو الغاز، بل على الزراعة، الصناعة، والخدمات اللوجستية.

3. الهوية الثقافية:

– دمج التراث السوداني (كالمتاحف والأسواق الشعبية) مع الحداثة.

– التحديات المتوقعة وسبل مواجهتها

1. التمويل:

– الاعتماد على السندات الدولية وصناديق الاستثمار الخليجية.

2. الأمن:

– تعزيز الاستقرار السياسي عبر حوارات وطنية شاملة.

3. الكفاءة الإدارية:

– استقطاب كفاءات سودانية في الخارج لإدارة المشاريع.

الخاتمة: خرطوم الغد… عاصمة إفريقيا الذكية

الإعمار ليس عملية بناء جدرانٍ وأسقف، بل صناعةُ مستقبلٍ يستند إلى رؤيةٍ واضحة، وإرادة سياسية، وشراكات استراتيجية. الخرطوم الجديدة يمكن أن تكون نموذجاً لمدن القرن الحادي والعشرين، إذا التزمنا بمبادئ الشفافية، والابتكار، والإصرار على التحول من دائرة الدمار إلى دائرة الازدهار.

بقلم خالد عبد الله محمد المصطفى

أخصائي في بيئي GIS والتنمية المستدامة.

للنقاش الهادف المراسلة على البريد الالكتروني

Khalidabdalla999@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى