أخبار

زهير عبدالله مساعد: تأثير سياسات البنك الدولي على اقتصاد السودان

متابعات -تسامح نيوز

زهير عبدالله مساعد: تأثير سياسات البنك الدولي على اقتصاد السودان

زهير عبدالله مساعد

يمثل البنك الدولي إحدى أبرز المؤسسات المالية الدولية التي لعبت دورًا محوريًا في تشكيل السياسات الاقتصادية للدول النامية تحت شعار (تعزيز التنمية وتقليل الفقر). غير أن هذا الدور لم يكن دائمًا إيجابيًا، بل أثار الكثير من الجدل، خصوصًا في البلدان التي تبنّت توصيات البنك دون تكييفها مع واقعها المحلي. ويبرز السودان كحالة دراسية مهمة لفهم هذه الإشكالية، حيث تُظهر تجربته كيف يمكن للسياسات المفروضة أن تتحول إلى عبء على الاقتصاد والمجتمع، لا وسيلة للنهوض بهما.

أولًا: العلاقة التاريخية بين السودان والبنك الدولي

 

انضم السودان إلى البنك الدولي في عام 1957، وبدأ بتلقي الدعم لمشاريع تنموية شملت الزراعة والري والبنية التحتية خلال الستينات والسبعينات. لكن مع مطلع الثمانينات، وجراء أزمة الديون الناتجة عن تراجع عائدات التصدير وتراكم القروض، اضطر السودان إلى اللجوء لبرامج (التكيف الهيكلي) الذي رُبطت بقروض جديدة من البنك وصندوق النقد الدولي.

زهير عبدالله مساعد: تأثير سياسات البنك الدولي على اقتصاد السودان

وقد تضمنت تلك البرامج مجموعة من الإجراءات التي وُصفت بالنيو ليبرالية، مثل: رفع الدعم عن الوقود والسلع الأساسية، تعويم الجنيه السوداني، خصخصة المؤسسات العامة، وتقليص الإنفاق على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة. استمر هذا النهج طوال التسعينات رغم توقف التمويل المباشر بفعل العقوبات، ثم عاد بقوة بعد ثورة ديسمبر 2019، عندما اتجهت الحكومة الانتقالية إلى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل برعاية البنك الدولي.

ثانيًا: الآثار السلبية لسياسات البنك الدولي في السودان

أدت هذه السياسات إلى نتائج اقتصادية واجتماعية كارثية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

• تفكيك البنية الإنتاجية

• انهيار العملة الوطنية

• تفاقم معدلات الفقر والبطالة

• ضعف الخدمات العامة

• فقدان الثقة بالحكومة

 

فما يحدث في السودان ليس استثناءً، بل يتكرر في تجارب العديد من الدول: (الأرجنتين – غانا – مصر- تنزانيا )

زهير عبدالله مساعد: تأثير سياسات البنك الدولي على اقتصاد السودان

 

ثالثا: نحو بديل استراتيجي للتنمية

إن استمرار الاعتماد على وصفات البنك الدولي دون مواءمتها مع الظروف الوطنية قد يقود إلى مزيد من الأزمات. من هنا، يمكن اقتراح رؤية استراتيجية للخروج من التبعية الاقتصادية:

1. استقلال القرار الوطني

2. التحول إلى الإنتاج الحقيقي

3. تنويع الشراكات

4. تجميد القروض المشروطة

5. مراجعة الاتفاقيات السابقة

6. إشراك المجتمع المدني

تُظهر التجارب من السودان إلى الأرجنتين أن النهج الأحادي في الإصلاح الاقتصادي القائم على روشتات البنك الدولي، يؤدي إلى نتائج عكسية في الدول النامية. وعليه، فإن الإصلاح الحقيقي يجب أن يكون محليًا في روحه، تشاركيًا في منهجه، وتدريجيًا في تطبيقه، بحيث يراعي الخصوصية الوطنية ويعتمد على القدرات الذاتية لا القروض المشروطة. إن بناء اقتصاد وطني متماسك يبدأ من الداخل، لا من المؤسسات الدولية التي غالبًا ما تكون مصالحها مختلفة عن مصالح الشعوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى