المقالات

سهير عبدالرحيم تكتب”صديق أحمد”… سامحنا!!

الخرطوم-تسامح نيوز

في العام 2006م، أجريت حواراً صحفياً مع الفنان العملاق الراحل محمد وردي لصالح صحيفة “الرأي العام”، وكنت في ذلك الوقت أعمل بقسم المنوعات بالصحيفة، سألت وردي حينها عن أي الأصوات يستمع؟ وأيُها تلفت نظره ؟ أجاب بحماس، فنان الطمبور محمد النصري.

ولأنّ معرفتي بالفنان محمد النصري قديمة تعود للعام 1999م، فقد تواصلت معه لاحقاً وضربنا موعداً لمُقابلة وردي.

عقب زيارة وردي، ذهبنا في مشوار إلى منطقة الكلاكلة، حيث كان يسكن النصري، كان بصحبتنا فنان الطمبور صديق أحمد، وصلنا منزل النصري فوجدنا زوجته ووالدتها قد قامتا بتجهيز وجبة الغداء لنا.

مازلت أذكر أنها كانت وجبة ملوخية وأرز وسلطة خضراء ولحم سلات وكسرة، وطبعاً (الشطة الخضراء مدقوقة دُقاق)، عقب الغداء كان البطيخ والشاي السادة حاضراً.

بعدها لملمت أوراقي وجلست الى صديق أحمد ، وأتممت حواري الصحفي، بينما كان الطرب سيد الموقف، صديق يُدندن والنصري يعزف له على الطمبور والأطفال يتراقصون في حوش الدار على إيقاع الدليب.

في تلك الايام، كان النصري ملازماً لصديق أحمد في المناسبات، عازفاً له بكل تواضع، رغم أنه – أي النصري – كان وقتها ذائع الصيت، متوجاً على ناصية الكلمة واللحن عندليباً أسمر.

الشاهد أنه ورغم لقاءاتي الكثيرة لاحقاً بصديق أحمد والنصري، إلا أن تلك الزيارة كانت المحببة الى نفسي والخالدة في ذاكرتي، حين كانت الدنيا بخير، وكانت العُشرة والإلفة والكلمة الطيبة بين الناس هي الأبقى.

تذكّرت هذه الزيارة وأنا أتابع حواراً صحفياً للزميلة الصحفية النابهة محاسن أحمد عبد الله مع الفنان صديق أحمد.. الحوار المُؤلم تناول الوضع الصحي المُؤسف لصديق وإفاداته الأكثر إيلاماً بقوله: (تم تكريمي بشهادات تقديرية، لكن ليس لديّ منزل لأعلقها فيه..!!).

رسالة صديق المُوجعة والتي تئن بخذلان الأصدقاء، وتخلي الرفاق، وترجل زملاء الضحك والسمر، رسالة صديق تلك صفعة لنا جميعاً..!!

صفعة لأصدقائه من الفنانين والشعراء وأهل الفن، صفعة لعاشقي فنه، صفعة لديارنا في الشمال، صفعة لوزارة الثقافة والإعلام والتي تغط في سبات عميق، وتصم أذنيها عن أنين المبدعين، صفعة لنا نحن في قبيلة الإعلام، صفعة لكل الذين أطربهم صوته وغناؤه ولم يستمعوا لصوت مرضه..!!

خارج السور:
قال صديق أحمد ومن قبله توأمه الفني عليه رحمة الله الشاعر عبد الله محمد خير:
يا زمان بالله اشهد
كم كتمت الشوق وكت جواي عربد
واختنق في قلبي زي الغيم وأرعد

صديق أحمد ….سامحنا
نقلاً عن الانتباهة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى