تحقيقات وتقارير

سياسة بريطانيا الازدواجية لدعم الإنتقال في السودان من أجل تعزيز مصالحها

ماهي دوافع بريطانيا لدعم الإنتقال في السودان ؟ وما هو ملامح هذا الاهتمام ومرتكزاته ؟ وماهي السيناريوهات المحتملة لتعظيم نفوذها في السودان ؟ وهل تريد بريطانيا موطئ قدم لها في السودان لتطوير الشراكة مع حكومة الفترة الإنتقالية في مجالات التعليم والتجارة والأستثمار ؟

للإجابة على هذه التساؤلات يرى الخبير القانوني وعضو العلاقات الخارجية لهيئة محامي دارفور عبدالرحمن القاسم ،أن زيارة وزير الخارجية البريطاني دومينيك رأب إلى السودان وكينيا وإثيوبيا في يناير الماضي كانت بمثابة تسويق توجهات البريطانية الجديدة لتعظيم نفوذها في المنطقة القرن الأفريقي، وتعزيز مصالحها الإستراتيجية والبحث عن موطئ قدم لها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي،والتعامل مع التحديات التي تشكل ضغطاً تنافسياً من تنامي النفوذ الأمريكي والروسي والصيني والتركي في السودان .
ويتفق الخبير في الدراسات الإستراتيجية دكتور محمد على تورشين مع الخبير القانوني عبدالرحمن القاسم، في ان حديث السفير البريطاني بالخرطوم الذي أدلى به يمثل سياسة بريطانيا لدعم الإنتقال في السودان وتحقيق الإستقرار وصولاً إلى حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة ما هي إلاّ محاولة لتقديم رؤيتها الجديدة في شكل تصريحات محايدة للحفاط على مصالحها في السودان من خلال أزدواجية المعايير فهي تضع مصالحها الإستراتيجية أولا ولم تدعم العسكريين ولا المدنيين وانما تسعى تعزيز وجود حمدوك في الحكومة الانتقالية لتحقيق مصالحها في مجالات التجارة والأستثمار وزيادة الانفتاح على مناطق جديدة وكسب كتلة تصويتية للدفاع عن قضاياها في المحافل الدولية لتعويض كتلة الاتحاد الأوروبي .
وفي ذات السياق يرى الخبير في إدارة الأزمات وفض النزاعات دكتور على يحى ان بريطانيا تلوح بان أولوياتها في السودان تعزيز المؤسسات الإنتقالية وتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام ودعوة المكونات المدني والعسكري وجميع السياسيين لدعم الإنتقال منعا لأي تهديدات تعرقل التحول الديمقراطي السلس تأتي في السياق الدبلوماسي، لكن بالتحليل السياسي للسيناريوهات، تكشف أزدواجية المعايير بان بريطانيا تحافظ على مصالحها فقط بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وهي مستعدة ان تدعم مجموعة الأربعة التي وصفها بعض شركاء الفترة الإنتقالية بأنها اختطفت الثورة إذا كانت قوية بحجة انها محايدة الأمر الذي يكشف موقفها المتأرجح تاريخياً تجاه الحكومات السودانية .
ويمضي الخبير الاقتصادي حافظ إسماعيل ان بريطانيا وامريكا تتطلعان للاحتفاظ بقوتهما على خارطة الاقتصاد العالمي من خلال تحالفات أقتصادية وبناء شراكات تجارية قوية مع السودان في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا وفتح أسواق جديدة والاستفادة من الكثافة السكانية والثروات والموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان وتأمين اتفاقيات تجارية ثنائية ، وحماية مصالحهما الأمنية في ساحل البحر الأحمر .
ويرى الخبير الاقتصادى حافظ ان سياسية امريكية تجاه السودان هي سياسة السيطرة على كل شئ وفي سبيل ذلك تمارس كل الضغوطات لاستبعاد الصين وروسيا وفرنسا والهند وتركيا من الأستثمار في السودان والدول العربية التي تحاول ان تقدم المساعدات على السودان وخاصة في ظل قلق بريطانيا لتأمين مضيق باب المندب والبحر الأحمر من التهديدات الأمنية قد تدفع بريطانيا لإيجاد موطئ قدم لها عبر تأسيس قواعد عسكرية في القرن الأفريقي و الحصول على امتيازات التنقيب في السودان .
وأجمع الخبراء ان في روسيا حركت اسطولها البحرية تجاه السودان في سباق المصالح الذاتية تجاه السودان، وافريقيا وصلت إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر ثلاث سفن حربية روسية خلال الشهور الماضية الأمر الذي ازعج واشنطن وسارعت بممارسة ضغوطات أقليمية ومحلية لحكومة الفترة الأنتقالية بعدم قبول قيام قاعدة روسية في البحر الأحمر ، ورحبت الخرطوم على استحياء لكن روسيا ما زالت تنتظر من حكومة الفترة الانتقالية حل مشاكلها مع الدول الغربية بخصوص الاستثمار في ساحل البحر الأحمر حتى يتسني لموسكو التعامل مع السودان بوضوح .
خلاصة القول يرى الخبراء ان كل الدول الآن تبحث عن مصالحها في السودان في الوقت الذي يتصارع شركاء الفترة الانتقالية في الوثيقة الدستورية وان البلاد على حافة الأنهيار فهل يفوق المكونيين العسكري والمدني من التمترس خلف الثياب الداكنة ويبحث عن مصالح الشعب السوداني في ظل الصراع الدولي على موارده؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى