
ضرورة التحالفات الاستراتيجية للسودان مع روسيا وتركيا وقطر ومصر والصين”
أحمد حسن الفادني
في عالم تتغير موازينه بسرعة، وتتصاعد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية، لم تعد الدول الضعيفة قادرة على الصمود بمفردها في وجه العواصف الجيوسياسية. ومازال السودان يعاني الامرين و خاصة منذ العام 2015 اذ تدهور الاقتصاد بصورة مريعة ووصل ذروته في العام 2020 و الهجمة الشرسة التي تعرضت لها القوات المسلحة انذاك.
بما ان السودان يمتلك موقع جغرافي استراتيجي وثروات طبيعية هائلة، يواجه اليوم لحظة فارقة تقتضي قرارات جريئة تعيد تموضعه في الخارطة الإقليمية والدولية. من هنا، تبرز ضرورة بناء تحالفات استراتيجية مع قوى إقليمية ودولية مثل روسيا وتركيا وقطر ومصر والصين، تقوم على اتفاقيات دفاع مشترك وصناديق استثمارية مشتركة تستفيد من الموارد السودانية المتنوعة وتفتح آفاقا للتنمية المستدامة وترفع و تنقذ الاقتصاد السوداني من الانهيار المريع الذي حدث له.
#السودان في قلب التوازنات الإقليمية:
لا شك أن السودان يمثل عمقًا استراتيجيًا مهما على البحر الأحمر وفي قلب القارة الإفريقية، ما يجعله محورا في توازنات متعددة الأطراف. لكن موقع السودان وحده لا يكفي دون منظومة أمن قومي متماسكة وشراكات اقتصادية تضمن استقراره واستغلال إمكاناته. ومع تراجع دور القوى الغربية في إفريقيا، يفتح المشهد الباب أمام دول كروسيا وتركيا وقطر ومصر و الصين لتعزيز نفوذها عبر شراكات استراتيجية جديدة.
#شراكات دفاع مشترك: أمن السودان من أمن شركائه:
الواقع الأمني و الوضع الان في السودان يفرض التعاون الدفاعي كأولوية. باتفاقيات دفاع مشترك مع دول تمتلك قوة عسكرية متطورة ودبلوماسية كروسيا وتركيا ومصر والصين ستعزز قدرة السودان على حماية حدوده وسيادته، خصوصا في ظل النزاعات الداخلية والإقليمية.
1. روسيا مثلا تملك الخبرة والتقنية في دعم الدول الحليفة عسكريا.
2. تركيا أثبتت فاعليتها في تطوير الجيوش الإفريقية من خلال برامج التدريب والتسليح.
3. في حين أن التعاون مع مصر يكتسب بعدا استراتيجيا لحماية الأمن القومي المشترك وممرات المياه الحيوية.
4. أيضا الصين التي لها تعاملات اولية مع السودان في التقنيات العسكرية ونقل التكنولوجيا.
الصناديق الاستثمارية: بوابة التنمية المستدامة واعادة اعمار الاقتصاد:
الجانب الاقتصادي من هذه التحالفات لا يقل أهمية من الدفاع المشترك. فالسودان يزخر بثروات طبيعية متنوعة(أراضٍ زراعية شاسعة، مياه، معادن، ثروات حيوانية، وسواحل بحرية واعدة). المطلوب هو إنشاء صناديق استثمارية سيادية مشتركة بين السودان وشركائه الإقليميين، تركز على قطاعات استراتيجية مثل:( الزراعة، الصناعة، الطاقة، النقل، والتعدين ،و البنية التحتية).وغيرها من القطاعات الحيويةالاقتصادية.
فقطر تملك تجربة ناجحة في إنشاء الصناديق السيادية ويمكن أن تسهم في بناء بنى تحتية استثمارية وتمويل المشاريع الكبرى.
1. تركيا لديها اهتمام خاص بالتوسع في إفريقيا وتملك الخبرة الصناعية والخدمية.
2. روسيا تقدم دعما تقنيا وتستثمر في الموارد الطبيعية.
3. مصر يمكن أن تسهم في مشروعات النقل والتكامل التجاري والتصنيع الزراعي.
4. الصين التي تعمل على الصناعات التحويلية و التقنيات الحديثة يمكن أن تساهم في تعزيز كافة القطاعات
#إعادة التوازن: من التبعية إلى الشراكة:
التحالفات ليست بديلا عن سيادة القرار الوطني، بل وسيلة لتعزيزها. المطلوب هو الانتقال من نموذج التبعية الاقتصادية والسياسية إلى نموذج الشراكة المتكافئة المبنية على المصالح المشتركة. السودان، بتحالفه مع هذه الدول الخمسة، يرسل رسالة واضحة بأنه يسعى لبناء مستقبل مستقل، قوي، ومتكامل مع محيطه الإقليمي والدولي.
ونخلص في هذا المقال ونثبت قولنا أن “البقاء للأقوى… ومن يملك الحلفاء”
وفي نهاية الامر، لم تعد الدول تقاس فقط بما لديها من موارد، بل بما تستطيع أن تبنيه من تحالفات استراتيجية فاعلة. في هذا السياق، فإن الرهان على تكامل الدفاع مع التنمية، والاستثمار مع الأمن، هو الطريق الأمثل للسودان كي ينهض من أزماته المتراكمة. البقاء للأقوى، والقوة اليوم تبنى بالعقلانية السياسية والتحالفات الذكية، لا بالانعزال والانكفاء و التقوقع
” فالبقاء للاقوى”